خيارات #أردوغان و #تركيا كيف نفهمها أكثر؟

بسام البدارين

تركيا..كيف نفهمها أكثر؟

يقال على ذمة الخبراء بأن إخفاق رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة بعد انقضاء المهلة القانونية يعني القفز إلى خيار الانتخابات المبكرة.

هنا الاحتمالات واحد من إثنين.. ينقض الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه على هذه الانتخابات ويحاولون الفوز بأغلبيتها وهذا غير ممكن بدون تبديل وتغيير في الاستراتيجيات والتكتيكات خصوصا تلك المعنية بمخاطبة الخائفين والقلقين أو الشرائح التي صمتت او صوتت للمنافسين وهي ليست من حزب أردوغان.

معنى الاحتمال ان شرائح في مجتمع التصويت التركي تحتاج لإعادة بناء الثقة بأردوغان ورجاله وهي عملية يرى الخبراء انها ممكنة إذا اعترفت حملة حزب أردوغان بارتكاب بعض الأخطاء وبالحاجة الملحة للاستدراك الانتخابي ولتعديلات ذات أغراض استقطابية.

الاحتمال الثاني أن تزداد الهوة ويتقلص عدد المؤيدين لحزب أردوغان في انتخابات مبكرة وهو احتمال سيقفز اذا فشل الحزب في اقناع الشرائح المشار إليها وإذا تمكن خصوم أردوغان وهم كثر بالداخل والخارج وبعضهم للأسف عرب من عملية الاستقطاب..هذا الاحتمال يعني ان حزب أردوغان سيخرج من الساحة او يتحول الى حزب ظل ضعيف مما يعني قرب نهاية التجربة بكل الأحوال.

هي ممارسة ديمقراطية بكل الأحوال تحسب لأردوغان وحزبه فتركيا تختار بحرية والناس يصوتون باستقلالية دون زيارات ليلية من العسس والدرك ودون قواعد العصا والجزرة ودون تزوير ينمو خلف الستارة كالخيار «المهرمن».

شخصيا وكعربي لم يتمكن بعد من تذوق طعم انتخابات نزيهة وحقيقية وبحرية واستقلالية أسجل مسار النزاهة لحزب أردوغان ومجموعته.

من حيث الاتجاه السياسي والمشاعر أتمنى أن يصمد أردوغان ويعود للبقاء في الواجهة بقوة لكن من حيث قراءة الواقع الموضوعي يبدو لي أن تعبيرات الاسلام السياسي بما فيها النسخة التركية تتورط او لا زالت تتورط في نفس الاشكالات الأساسية التي تخيف الجمهور وتقلق الناخبين وتسمح للخصوم المتآمرين بالانقضاض واعادة تجهيز الذات وتنتج هامشا يسمح للأجنبي والخصم بالتدخل.

لا زلت شخصيا أشعر بوجود اشكاليات مزمنة لا يريد القوم بالتيارات السياسية الاسلامية المعتدلة معالجتها عندما يتعلق الأمر بالشراكات الحقيقية مع القوى السياسية والحزبية التي يحتمل ان تكون شريكة وعندما يتعلق بتوضيح الموقف من ملفات محددة من بينها الرأي الآخر و»التقية» السياسية وحقوق المرأة والحقوق المدنية ودولة المواطنة ومنهجية المشاركة بحد ذاتها والاصرار عند اختيار النخب على قواعد الولاء للشخص والمرجع وليس القدرة على التواصل مع الناس والكفاءة.

عدم وضوح برنامج العمل الداخلي والافتقار للشفافية ايضا من تلك الأمراض اضافة للشراسة مع الخصومات الداخلية المنبثقة من التيار نفسه وصعوبة المراجعة والدقة في التشخيص.

هي أمراض اعتدنا على رصدها في الأنظمة العربية القمعية وحكوماتها وللأسف لا زالت مستوطنة في الكثير من مطابخ القوى السياسية الاسلامية المعتدلة ونحسب ان النموذج التركي متباين قليلا ولا ينقل نفس المسطرة من الأمراض وتمكن من تحقيق منجز اقتصادي تنموي شعر به الجميع.

لكن الخبراء يشيرون الى أعراض مرضية محتملة في نفس السياق يمكن رصدها حتى في النموذج التركي وقد يعود التراجع الأخير في الانتخابات لها خصوصا عندما يتعلق الأمر بالقدرة الحقيقية على اقناع الناخب غير المنظم وانسان الشارع أو من يحمل فكرا مختلفا.

بالتأكيد تحتاج جماعة الاخوان المسلمين لمراجعات وثمة أخطاء فادحة في ممارستها وأسلوبها لكن بالتأكيد أن تركيا أنصفت المجتمع العربي وهي تساند المتطلعين للانعتاق فيه، من الاخوان المسلمين وغيرهم.

لا يعجبني كالكثيرين بصورة محددة انتهازية الماكينة السياسية التركية في مسألة الارهاب ومكافحته وكنت أتفهم نظام الأولويات التركي في منطقة تعج بالفوضى وتزدحم بالانتخابات.

لكن بكل الأحوال لا يمكنني توجيه اللوم للمؤسسة التركية وهي تلعب وتناور وتبادر على اساس مصالح الشعب التركي ودولته وعلي كناشط عربي أن أنظر مجددا بمرآتي لأفهم: ما الذي يغضب الحكومات العربية الفاشلة في تجربة أردوغان وتركيا المعاصرة؟

أي محاولة للحصول على جواب شفاف وصريح ستنتهي بالاعتراف أمام نفس المرآة بأنها الغيرة ومصالح النقيض، فقد بنت المؤسسات الرسمية العربية مجدها على فكرة الخنوع والخضوع لارادة الآخرين وعلى اساس ان الديمقراطية لا تليق بشعوب هذه الأمة فجاءت تركيا أردوغان رغم كل ملاحظاتنا عليها لتحطم المرآة وتقول العكس.

أؤمن خلافا لما يراه كثيرون بأن درسا مؤثرا في الديمقراطية التركية كالذي قرأناه جميعا في العالم العربي قد ينطوي على امكانية الاستدراك ومعالجة بعض الهفوات في أداء مجموعة أردوغان.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,923

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"