تهريج الطابور الخامس!

ضرغام الدباغ

سمعنا أكثر من مرة، من يتهددنا، يتوعدنا، بالويل والثبور وعظائم الأمور‎ ‎ويحذرنا إن تصدينا لخطط ‏الفرس ومؤامراتهم، بالخلايا النائمة، وبقوى خفية كامنة، غير ظاهرة، وبقدرات وإمكانات لا نراها ولا ‏قبل لنا بها، وجاء هذا التهديد على لسان رؤساء، وحكام، وشخصيات نافذة في الحكم وخارجه.

والعقل ‏السياسي العربي في سماته وسياقات عمله، لا يكترث كثيراً لمثل هذه التهويلات، ولكن هناك في ‏معسكرنا من يريد أن يواصل مهمة التهديد والترغيب، فينطلق في التهويل وبث الذعر (كما يعتقد) ‏ليواصل المهمة في إطار توزيع الأدوار والمهمات، بهدف التأثير في المعنويات وهز ثقة المواطن ‏بكيانه بقياداته، ومحاولة للتأثير في المعركة بمهمة أشبة بالقصف المدفعي التمهيدي الذي يسبق الهجوم ‏العام.

لم يفكر الكثيرون منا، من هم يا ترى الخلايا النائمة، (وقد بات هذا المصطلح تحديداً على رأس ‏الطلقات التحذيرية لتلك الجهات البائسة) التي يهددون بها في اليمن والخليج البحرين والكويت ‏والإمارات وقطر والسعودية، أو القوى الكامنة التي بها أيضاً يهددون؟

المبالغة والتهويل صفة معروفة لمطلقي هذه الحملات الخلَّبية (الخلَّب: طلقة صوتية لا أثر فعلي لها) ‏ونحن في العراق نعرفها أكثر من غيرنا، نعم نحن نقر أنهم متعبون في التعامل، ولكن في النهاية ‏يرضخون للأمر الواقع ويلحسون تصريحاتهم بكل امتنان وقلة حياء.

نعم إنهم يلحقون ضرراً بعملية ‏التنمية في بلداننا، ولكنهم يلحقون الضرر بأنفسهم بأكثر من ذلك، فالأموال الطائلة التي تنفق على ‏الأسلحة والتآمر والتخريب ضررها بالدرجة الأولى على شعبهم إذ هي على حساب التنمية والخدمات ‏في بلادهم قبل كل شيئ، ثم أن هذه الأساليب الملائية لا تبعث على الاحترام. ‏

 

من هم الطابور الخامس في أقطارنا؟

الطابور الخامس عناصر لا تحمل السلاح لتقاتل العدو، ولكنها تعمل على تخريب الخطوط الدفاعية، ‏في جبهتنا، ويتألف بالدرجة الأولى من جماهير البسطاء السذج، الذين غسلت أدمغتهم بصورة دقيقة ثم ‏استغفلوهم ويخاطبونهم بلغة يستولون فيها على عواطفهم ورؤوسهم وغرائزهم، ليكون الناتج النهائي ‏عناصر مطيعة تقاد إلى مصائرها حتف أنفها. ولكن الأخطر من ذلك أن مفاتيح هذا الطابور وهي تلك ‏العناصر التي تؤلف بمجموعها وعملها الذي يشابه تكوين وعمل الفرقة الموسيقية، فهناك من يضع ‏الخطة لرجال الطابور، ثم ليعزف كل على آلته لينتج لحناً في النهاية ملائماً لكلمات نص الأغنية. ‏فالفرقة هذه تتألف من :‏

‏1.‏‏(بعض) من رجال الدين المجيرة ولائهم للدولة الفارسية، بصرف النظر عن طوائفهم.‏

‏2.‏سياسيون تم تجنديهم في ظروف وأوقات متفاوتة.‏

‏3.‏صحفيون حرفيون أو يمثلون اتجاهات قومية وتقدمية، والبعض منهم يساريون، ومن ديانات ‏مختلفة، يعملون وفق مبدأ العلاقات العامة، والعمل بالقطعة وتأجير الخبرة والقدرة.‏

‏4.‏‏(بعض) مثقفين من اتجاهات مختلفة ممن يتعاملون مع الثقافة كمهنة وليس كأهداف نبيلة.‏

الطابور الخامس في بلادنا تشكَّل عبر عمل طويل كان قد قطع شوطاً حتى في عهد السافاك/ نظام ‏الشاه، وتواصل بناؤه بقوة في عهد الملالي الصفويين، ويلعب المال وشتى الإغراءات دوراً مهماً في ‏كسب تلك العناصر، أو التهديد في بعض الحالات بالتصفية الجسدية، كما تعرض إلى ذلك إعلاميون ‏وسياسيون وقادة رأي وشخصيات نافذة، في أكثر من قطر: سورية، لبنان، العراق.

ولا نريد هنا أن نرد ‏على كل ما يروج له الطابور الخامس، ولكن نرى من الضروري الوقوف عند بعض اللافتات الرئيسية ‏التي يدور العمل تحتها:‏

* الخلايا النائمة: لا يتردد حتى رؤساء (بالمنصب، كبشار الأسد مثلاً) وصحفيون كبار، وسياسيون أن ‏يهددون من طرف اللسان بالخلايا النائمة، وأن هذه الخلايا ستحرق الأرض عاليها وسافلها، والحق أن ‏هذه الخلايا دُرِّبت على عمليات التخريب والإرهاب، ويغض الطرف من يدعي الحرص على حقوق ‏الإنسان، ومكافحة الإرهاب عن فعاليات الخلايا النائمة، فيصح فيها القاعدة القانونية "من أمن العقاب ‏أساء الأدب" ومع كل ذلك فحصاد التخريب كان مزدوجاً وليس أحادي الجانب، نعم كانت هناك ‏تضحيات وخسائر، ولكن من ربى هذه الخلايا وأنفق عليها الكثير، وبالغ بقدراتها ثم خسرها بسرعة ‏وبسهولة لم يكن يتوقعها. ‏

* مفردات الحملة الشعوبية: وهي ليست جديدة في أساليبها وأهدافها: السخرية من التاريخ واللغة ‏واللباس وسائر المكونات الثقافية، والعمل على إضعاف أصلب المكونات العربية: ثقة العرب بأنفسهم ‏المتأصلة والمتجذرة عبر تاريخ يمتد لأكثر من 2000 عام في العهود التاريخية، والسخرية من العرب ‏وكرامتهم ولغتهم وتقاليدهم، وسائر مكوناتهم الثقافية. متناسين أن العرب علَّموا العالم الحرف والرقم، ‏ومعظم ثقافة وعلوم العالم جذرها في بلادنا!

وهناك من يروِّج أن العرب يحترفون الهزيمة، متناسياً أن ‏الوطن العربي كان مقبرة الامبراطوريات العظمى عبر التاريخ، ربما هو يحاول أن يثأر لتلك الامبراطوريات المهزومة على أرضنا!

وحتى ‏الولايات المتحدة انتهت هنا كقوة عظمى تقرر مصير المعارك الحاسمة، وهذه رؤية لقادة ومفكرين ‏كبار. نعم هي تمتلك القوة لتدمر وتقتل، وربما تعثر مسيرة عمل سياسي ودبلوماسي، ولكنها لا تمتلك ‏تقرير صورة نهاية الصراع وتلك هي الفقرة الأهم في أي مسيرة سياسية كانت أم عسكرية.

يخيفوننا ‏بأميركا ... وأميركا كانت هنا ومعها 350 ألف عسكري عدا حلفائهم، وقد هزموا وفروا من العراق ‏بالأقساط أو بالجملة، وها هم يديرون المعركة عن بعد وبواسطة وكلاء خدمة، وكل المؤشرات تدل ‏أنهم ووكلائهم وعملائهم في مأزق.‏

* إيران تمتلك مشروعاً والعرب لا يمتلكونه: خرافة كبيرة يرددها عناصر الطابور الخامس ويرددها ‏البعض عن سذاجة، أو من قبيل التهويل العاطفي. إيران تمتلك مشروعاً والعرب لا يمتلكونه!

العدوان ‏والتآمر ليس مشروعاً لإقامة دول عظمى، ولا يسمى مشروعاً. إيران لم تكسب معركة عسكرية واحدة ‏من مئات السنين، منذ خسارتها لمعارك: ذي قار، البويب، القادسية، النهروان، ومعاركهم مع الدولة ‏العثمانية ...الخ وانتهاء بمعارك القادسية الثانية التي استطالت لثمان سنوات. واقتصادهم يعاني من ‏أمراض مزمنة، ومن المخجل في علم السياسة اعتبار مشروعهم محترم، ونظامهم السياسي صالح ‏للتعميم. والعرب يمتلكون مشروعهم الذي يزعج البعض من الصغار والكبار: التنمية وتحقيق النهضة، ‏التي نقف على أبوابها وتدور المحاولات الحثيثة لتدميرها وإيقافها. ‏

* إيران دولة عظمى: إبتداءً، نقول لا يضرّ العرب من تصبح دولة كبرى أو صغرى، فهذا شأن ‏تختص به هذه الدول مع شعوبها، والعرب لم يدخلوا في مسابقة مع جهة، كلٌ خيره وشره لنفسه، فهي في ‏آخر حرب خاضتها خرجت تلعق جراحها تجر أذيال الخيبة، وسياسياً هي دولة معزولة من ‏جيرانها، ومهتزة اقتصادياً، والوحدة الوطنية مفقودة على نحو خطير. ونصاب بدهشة كبيرة ‏عندما نقرأ أن إيران شيدت دولة حديثة، فليقل‎ ‎لنا‎ ‎من‎ ‎يريد‎ ‎أن‎ ‎يخاطب البسطاء‎ ‎والرعاع‎ ‎والغوغاء‎ ‎ماذا‎ ‎وجد‎ ‎في‎ ‎إيران‎ ‎‎ ‎يستحق‎ ‎أن‎ ‎نحسدهم‎ ‎عليه‎ ‎في‎ ‎نظام يشبه‎ ‎أنظمة‎ ‎القرون‎ ‎الوسطى، أو حتى أشد تخلفاً؟!

• الولاية‎ ‎التامة‎ ‎فيها‎ ‎لمن‎ ‎نزل‎ ‎بجواده‎ ‎إلى‎ ‎سرداب‎ ‎منذ 1200 عام ونيف،‎ ‎ولما‎ ‎يزل‎ ‎هناك من ‎يأمل‎ ‎خروجه‎ ‎ذات‎ ‎يوم، وما‎ ‎يسمى‎ ‎بمرشد‎ ‎الدولة‎ ‎إنما‎ ‎هو‎ ‎وكيله‎ ‎ونائب،‎ ‎والنظام‎ ‎بأسره‎ ‎يسمى‎ ‎بولاية‎ ‎الفقيه‎ ،‎ ‎وبذلك‎ ‎فإنه يتفوق‎ ‎في‎ ‎ديكتاتوريته‎ ‎على‎ ‎أعتى‎ ‎طغاة‎ ‎التاريخ‎.‎

• هذا‎ ‎الولي‎ ‎الفقيه‎ ‎يسيِّر‎ ‎شؤون‎ ‎الدولة‎ ‎بأسرها‎ ،‎وهو‎ ‎ليس‎ ‎بعبقري‎ ‎ليمسك بكل خيوط الحكم بين ‏يديه،‎ ‎ويبقى في الحكم ولا توجد آليات لخلعه عن الحكم. ويقوم خامنئي بهذه الوظيفة منذ عام ‏‏1989 وحتى الآن (36 عام) يحكم إيران حكماً ثيوقراطياً إكريليكياً مطلقاً يقود مشروع التوسع ‏القائم على أسس طائفية وعرقية.‏

• هذا‎ ‎النظام‎ ‎بوصفه‎ ‎نظاماً‎ ‎غير‎ ‎ديمقراطي‎ ‎فبأي‎ ‎حق‎ ‎يحكم‎ ‎شعوباً‎ ‎لا‎ ‎تريده‎ ‎ولا‎ ‎يمنحها‎ ‎أي‎ ‎من‎ ‎الحقوق‎ ‎الديمقراطية‎ ‎التي‎ ‎يستحقونها‎ ‎كشعوب‎ ‎تمتلك‎ ‎مقومات‎ ‎الأمة‎.‎

• هذا‎ ‎النظام‎ ‎يتخذ‎ ‎من‎ ‎تصدير‎ ‎نمطه‎ ‎الرجعي المتخلف علناً‎ ‎وبأتباع‎ ‎كافة‎ ‎الوسائل‎ ‎الغير‎ ‎مشروعة‎ ‎من‎ ‎التآمر‎ ‎إلى‎ ‎التخريب، والاغتيالات،‎ ‎والتآمر‎ ‎وإشعال‎ ‎الحروب‎ ‎الطائفية.‏

• يقيم هذا‎ ‎النظام‎ ‎التحالفات المحلية والدولية السوداء والسرية‎ ‎الغير‎ ‎شرعية عون‎ ‎لكل‎ ‎من‎ ‎يريد‎ ‎التآمر، فهو مارس دور الحليف لكل من يخطط لحروب في المنطقة أو ضد نهضتها قديماً ‏وحديثاً، فقد كان عوناً للإنكليز، والروس والأميركان، ويتوسل دور شرطي المنطقة، في دور ‏يتقنوه‎.

• الأقطار العربية مجرد فسيفساء لا معنى لها، هكذا يكتب أحد عناصر الطابور الخامس، وينسى ‏أن بغداد كانت عاصمة لقوة عظمى، وكذلك دمشق، واليمن شهدت دولاً كبيرة (سبأ، ومعين، ‏وقتبان) قبل أن يعلم أحدهم مكانه على الخارطة. ليتفضل  ويقرأ من هي الدول المهددة ‏بالزوال ... وربما يتعلم أن المؤامرات لا تنهي شعوباً ودولاً ... دول مهددة بالاختفاء..

(‏https://www.youtube.com/watch?v=OOMRKv6rZmk‏)‏

 

• إيران قررت أن تلتحق بالمؤامرة المعادية للعرب والإسلام، وأن تعمل مقاولاً ثانوياً لدى ‏الولايات المتحدة الأميركية، التي تشاطرها قلبياً وعقلياً العداء للعرب والإسلام، وبمعيتهم ‏العدو الصهيوني، ونسمع بين الفينة والفينة أنه مرشحة لأن تلعب دور الجندرمة في المنطقة، وتتطلع ‏بشراهة لمطامع ومغانم تتخيلها وتحلم بها، نعم ستتمكن من إثارة متاعب هنا ومشاكل هناك، ‏ولكنها سوف لن تستطيع أن تزدرها، لإنها تفتقر إلى الامكانات السياسية والاقتصادية والثقافية ‏الضرورية.

ولكن هذا الدور والفعاليات، يمكِّن إيران من أن تحدث قرقعة وفرقعة ولكن لا يمكِّنها من ‏مجاراة العصر، ولا يمكِّنها من تأسيس دولة حديثة بها، دولة لابد أن تزج بطاقة كافة مواطنيها، ‏‏(بصرف النظر عن النسب في السكان) من أعراق وأثنيات ومذاهب دينية في بناء دولة حديثة ‏محترمة، قائمة على مبدأ المواطنة كأساس جامع مانع لكل من يسكنها. ‏

• إيران تصدِّر مشكلة جذرها يكمن في أراضيها، هي بالكاد وباستخدام مفرط للقوة والقمع قادرة ‏على ضبط أرجاء كثيرة في البلاد (نفذت طهران 32 اعداما خلال‎ ‎اسبوع واحد ليبلغ عدد ‏المعدومين في هذا البلد حوالي 2000 حالة خلال فترة رئاسة‎ ‎الرئيس الايراني حسن روحاني ‏الحالية)، في الدولة الإيرانية التي لا يشكل الفرس سوى 30% من سكانها، هناك اقليات عرقية ‏ودينية لو منحت حق تقرير المصير، لأختارت الالتحاق بكيانات سياسية أخرى(الآذريون مثلاً، ‏والأكراد، والعرب الاحوازيون، والبلوش)، وليس سوى الديمقراطية الحقيقية يمكن تشييد دولاً ‏لا يتسلل العطب إليها يوماً، فعندما يلتهب أحد الأجزاء المصابة، ربما سيسري لسائر الأرجاء، ‏وسيكون العلاج قد فات أوانه ليكون البتر العلاج الأوحد الوحيد المتبقي، وإني أرجح أن إيران ‏قد أدركت هذه النقاط الملتهبة في جسدها وما أكثرها، وأن هذا اليوم قادم لا محالة.‏

* حصاد المشروع الإيراني: لا أحد يشير أو يتساءل ما هو فحوى المشروع الإيراني: هل بوسع ‏إيران أن تلتهم المنطقة اقتصادياً ، أم لديها نموذج نظام دولة ديمقراطي جذاب ينتمي حتى ‏للقرون الوسطى؟!

ماذا لديها غير التآمر وبث الدسائس والتحريض والتهييج؟! وهل هذا ‏يصلح أن يكون نموذجاً ومشروعاً قابلاً للتصدير؟!

ثم ماذا كان حصاد المشروع الإيراني ‏طيلة 36 عاماً؟!

ماذا كان حصادهم في لبنان وسوريا واليمن والبحرين والعراق سوى ‏استنزاف للمال والعتاد والأرواح، وكره واحتقار أشاعوه بين 350 مليون عربي، ومليار ‏ونصف مسلم، ليس من السهل إزالته؟!

إيران حقاً كمن قتله طمعه، أفلا يرون أننا، كعراق ‏وكأمة عربية، هزمنا امبراطوريات عظمى كبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في العصر ‏الحديث، والرومان وبيزنطة وكسرى وأكسوم في العصور القديمة...!‏

* المشروع النووي الإيراني: الأمة العربية تعلم أن أشد من يعاديها في العالم هي الصهيونية، ومن ‏ورائها الولايات المتحدة، وبدرجات أخف العالم الغربي، وهذه القوى كلها نووية، ولكن هذا لم يغير في ‏جوهر المسألة شيئاً، فالقضية الفلسطينية لما تزل ساخنة، ولم يفد الصهيونية 120 قنبلة نووية في ‏ترسانتها، والولايات المتحدة قاتلتنا في العراق ولبنان والسودان وليبيا وأرجاء أخرى، والولايات ‏المتحدة خسرت معاركها السياسية والعسكرية في كوريا وفيتنام وكمبوديا والعراق وحيثما دسَّت ‏أصابعها، وانكفأت إلى قلعتها حتى بعد انتصارها في أعقاب الحرب الباردة، وإقامتها النظام الإمبريالي ‏الجديد (العولمة) وتخلت مرغمة عن عقيدة القوة العظمى المطلقة، وكل اعتبارات دولة القوة العظمى ‏‏(‏Super Great Power‏)، القطب الأحادي،‎ ‎المهيمن على العالم، إذ خسرت الحرب في العراق ‏بنتائجها السياسية والعسكرية والاستراتيجية، خسارة واضحة بينة لا لبس فيها، وها هي تمارس اليوم ‏سياسة القيادة من الخلف ‏‎(leading from behind)‎‏ أو (‏behind‏ Drive from )، ولسان حالها ‏يقول وخاصة لحلفائها من يريد أن يصبح قوة عظمى فليتفضل.. نحن ندعم، نساعد سياسياً، ‏بالأسلحة والخبرات، ولكن لن ندخل المعارك، وعلى كل طرف أن يتدبر أمره..! خطاب موجَّه ليس ‏للإيرانيين والصهاينة فحسب، بل وحتى لحلفائها الأوثق من الأوربيين ضمن الناتو!‏

‏تنازل نظام ولاية‎ ‎الفقيه عن (البرنامج النووي) الذي يمثل إلى جانب القمع الداخلي و(تصدير ‏الإرهاب) واحدا من الأجزاء‎ ‎الثلاثة لإستراتيجية المحافظة على النظام، فشكل الاتفاق هزيمة للنظام ‏برمته النظام الإيراني‎ ‎کان العامل الأساسي في الأزمات والتوترات في المنطقة، وهو أمر مرغوب ‏ومقبول بل هو مطلوب لإبقاء المنطقة العربية في حالة توتر يخدم المصالح الغربية عامة ويصرف ‏الأنظار عن المواجهة الرئيسية مع الصهاينة، والمدهش أن دور مثير المشاكل (‏Troublemaker‏) هو ‏دور يتلاءم مع مكونات العقل السياسي الفارسي قديماً وحديثاً.‏

سيقول لنا صحفي متأزم ولا ندري ما هي أزمته (!) إن الولايات المتحدة تستخذي الحكومات العربية، ‏لمجرد أنه يريد أن يشعر بالسعادة للشتيمة..! ومثله شعراء يمتهنون الشتيمة والسب، فيسب أحدهم ‏بلاده وشعبه ليبرهن أنه قد التحم بالغرب، أو ليقبض المزيد، أو ليظهر نفسه أنه من رجال الأدب ‏الغاضب.. وآخر يفهم الصحافة على الطريقة الأميركية، أدفع نكتب لك ونروِّج مواقفك، وبعكسه ‏سترى منا قذارة لسان يندى لها جبين الردّاحات، لهذه الأسباب وغيرها، فأنا أعرف على سبيل المثال ‏صحفياً عربياً، كان يأمل أن تغدق عليه السعودية .. تعطيه ليسكت، فتمادى في الشتيمة وتمادى، ولما لم ‏يجد من الشتائم فائدة، لاذ بصمت.. هو صمت الحملان!‏

سيأتي يوم سيصمت فيه مهرجو الطابور الخامس... إذ لا يمكنك المراهنة على جهل الناس إلى الأبد..

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,625

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"