#إيران ستدفع الثمن

جمال قارصلي

السياسة الإستفزازية التي ينتهجها نظام الملالي في إيران ضد دول وشعوب المنطقة يدفع ثمنها ‏الشعب الإيراني باهظا وربما سيصل هذا الثمن إلى تغيير خارطة إيران الحالية وتحويلها إلى دويلات ‏متعددة.

الثورة التي سرقها خميني جلبت معها الكثير من التوتر إلى المنطقة، ومنه التوتر الشيعي-السني وكذلك ‏التدخل السافر في شؤون دول عربية كثيرة وتصدير أزمات إيران الداخلية إلى دول الجوار.‏‎ ‎

هذه ‏المنهجية الامبرطورية التوسعية الإيرانية جلبت الويلات معها إلى شعوب المنطقة بشكل عام وإلى ‏الشعب الإيراني بشكل خاص. لأن تكاليف الحروب التي دفعتها شعوب المنطقة كانت كبيرة جدا ولا يمكن ‏تقديرها والتي لو تم إنفاقها على تطوير دول المنطقة لوصلت هذه الدول إلى عتبة الدول الصناعية ‏الكبرى. ‏

لو أخذنا على سبيل المثال ما تقوم به إيران من تدخل سافر في الأزمة السورية، من إرسال للسلاح ‏والمال والمقاتلين والخبراء العسكريين لدعم نظام دكتاتوري فاشي، مقارنة لما تحلت به الحكومة ‏التركية لسنوات عدة من صبر وحكمة من أجل أن تتحاشى إستدراجها إلى عمق المستنقع السوري، ‏بالرغم من أن لتركيا أكثر من 900 كم من الحدود المشتركة مع سوريا بينما مع إيران لا يوجد شيء ‏من هذا القبيل.‏

دول الشرق الأوسط تشكل سوقا غنية وخصبة لبضائع الدول الصناعية وأكثر المنتوجات المربحة ‏بالنسبة لها هي صناعة الحروب والتوترات في المنطقة والتي بواسطتها تزدهر تجارة السلاح، وبقدر ‏ما تطول هذه الأزمات وتتوسع بقدر ما تزداد أرباح تلك الدول!

ما حصل أثناء الحرب الإيرانية/ ‏العراقية في ثمانينيات القرن الماضي هو أفضل مثال على طريقة الإستنزاف التي تتبعها الدول ‏الصناعية من أجل جلب أكبر قدر ممكن من الأرباح وهذا كان السبب المباشر لعدم محاولة الدول ‏الكبرى آنذاك إيقاف الحرب العراقية/ الإيرانية والتي دامت ثمانية سنوات لأن أرباح تلك ‏الحرب كانت هائلة والمستفيد الأكبر منها كانت الشركات المصنعة للسلاح والبترول.‏

لقد ولى عهد المنافسة الإيديولوجية في العالم المتطور بدون رجعة وتحول إلى منافسة إقتصادية، لأنه ‏أصبح واضحا بأن السياسة الناجحة هي السياسة التي تلبي متطلبات المواطن وتجد حلولا لمشاكله، وأن ‏الدول القوية إقتصاديا ولديها قوانين عادلة، تضمحل بين أفراد مجتمعها الفوارق العرقية والدينية ‏والطائفية وبذات الوقت تنمو عندهم روح الوحدة الوطنية.‏

عندما سمحت الدول الكبرى لإيران بالتمدد والتدخل في شؤون الدول الأخرى وصرف الميزانيات ‏الهائلة على برامج التسليح والتكنولوجيا النووية كان هذا ليس حبا في إيران بل هو إستنزافا لإقتصادها ‏والإفساح لها لكي توسع رقعة نفوذها من أجل أن يرهف جلدها ويصبح قابلاً للتمزيق والتفتيت بسهولة.‏

إيران تعمل جاهدة وبكل ما بوسعها للإنضمام إلى نادي اللاعبين الكبار في العالم لكي تصبح دولة ‏مهيمنة في المنطقة، ولكنها وبنفس الوقت تغمض عينيها عن بيتها الداخلي المهدد في كل لحظة بخطر ‏الإنفجار، وذلك بسبب القمع الداخلي الذي يمارسه هذا النظام على شعبه والتناقضات الداخلية الكثيرة ‏التي يعيشها المجتمع الإيراني وحالات الفساد المستشرية في جميع طبقاته والتوتر والإستقطاب ‏الناتجين عن تعدد القوميات والأديان التي تعيش فيه.

في المجتمع الإيراني يوجد أقليات كبيرة ومتناحرة ‏مع الأغلبية وهم الفرس ومنها على سبيل المثال الكرد والعرب والأذريين والبلوش والتركمان ‏وغيرهم.

على الملالي في إيران أن يعلموا بأن ما حصل في عام 2009 من إنتفاضة شعبية في بلادهم ‏كان فقط عينة صغيرة لما سيحصل لاحقا وخاصة بعد ما تم سحب أنياب إيران النووية بواسطة إتفاقية ‏فيينا الأخيرة. الآن جاءت مرحلة تأجيج التناقضات الداخلية في المجتمع الإيراني وإخراجها إلى ‏السطح.‏

على إيران ودول المنطقة كلها أن تعمل سوية من أجل بناء البيت الإقتصادي الإقليمي المتكامل ووضع ‏إستراتيجية تصل بدول المنطقة إلى منظومة تشبه منظومة الإتحاد الأوربي وبهذا تستطيع دول المنطقة ‏أن تتغلب على الكثير من التوترات العرقية والدينية والإثنية المستفحلة في مجتمعاتها وذلك على غرار ‏ما حصل في دول الإتحاد الأوربي، إذ تم حل قضايا كثيرة من هذا النوع في إطار الإتحاد ومنها على ‏سبيل المثال قضية ألزاس ولورين بين فرنسا والمانيا وقضية الزوديتن بين ألمانيا وجمهورية التشيك ‏والأقلية الألمانية في بولندا والأقلية الدانماركية في ألمانيا وغيرها من الأقليات.‏

إذا بقي ملالي إيران على سياستهم الإستفزازية الحالية واستمروا في التدخل السافر في شؤون الدول ‏العربية مثل العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن والمملكة العربية السعودية وظلوا يهددون منافذ ‏البترول والمعابر المائية العالمية ويتابعون دعمهم للأنظمة الديكتاتورية والمستبدة في المنطقة ولأسباب ‏طائفية ويتجاهلون إرادة شعوب المنطقة، سينفجر عليهم بركان بلادهم الخامد تحت الرماد عاجلا أم ‏آجلا، وسيكون مدويا جدا وستصبح الإنتفاضات الشعبية التي إنطلقت في عدد من الدول العربية بسبب ‏إهمال وتجاهل حكام هذه الدول لمطالب شعوبهم في الحرية والعدالة والديمقراطية، ليس إلا نزهة ‏بالمقارنة لما سيحدث في إيران. وفي نهاية المطاف سيدفع الشعب الإيراني التبعات الباهظة لهذا ‏الإنفجار.‏

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,048,323

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"