حزب العمال الكردستاني في مواجهة #أردوغان

إسماعيل ياشا

كثير من المتابعين للشأن التركي يظنون أن حزب العمال الكردستاني يقاتل من أجل انفصال جنوب شرقي تركيا عن البلاد وإقامة دولة قومية مستقلة للأكراد، أو على الأقل يقاتل من أجل حصول الأكراد في تركيا على حقوقهم السياسية والثقافية، غير أن المعطيات والشواهد الأخيرة تشير إلى عكس ذلك، وتؤكد أن هذه المنظمة الإرهابية تقاتل فقط من أجل مصالح بارونات الحرب والمخدرات ومصالح القوى الدولية والإقليمية التي تقوم بتمويلها وتسليحها.

 

حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يعتبر الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، بنا حملته الانتخابية كلها في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من شهر حزيران/ يونيو الماضي، على معاداة رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان وإسقاط حزب العدالة والتنمية، ووعد الناخبين بالحيلولة دون حصول حزب العدالة والتنمية على عدد من المقاعد في البرلمان التركي يمكنه من تغيير الدستور والانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

هذه السياسة التي تبناها حزب الشعوب الديمقراطي لا علاقة لها مع حقوق الأكراد وتطلعاتهم، لأن الرئيس أردوغان هو الذي أطلق عملية السلام الداخلي لإنهاء الصراع الدموي وتحقيق المصالحة، وقام بسلسلة من الإصلاحات الديمقراطية ليحصل جميع المواطنين من الأتراك والأكراد على حقوقهم. وما فعله أردوغان لصالح الأكراد لم يفعله أي رئيس تركي منذ تأسيس الجمهورية التركية. ومع ذلك، وضعه حزب الشعوب الديمقراطي على رأس قائمة أعدائه، وجعل مهمته الأولى وشغله الشاغل إسقاط أردوغان أو إضعافه بأي وسيلة.

لو كان حزب الشعوب الديمقراطي يتبنى هذه السياسة من أجل أن يحصل الأكراد على مزيد من الحقوق والامتيازات أو لأنه يرى أن ما فعله أردوغان لرفع الظلم عن الأكراد غير كافٍ لتفهمه الرأي العام إلى حد ما، ولكن الجميع يعرف أن هذه السياسة تخدم بالدرجة الأولى القوى المحلية والإقليمية التي أذاقت الشعب الكردي الويلات.

الشعب الكردي ليس من أولوياته ولا من تطلعاته وأجندته إسقاط أردوغان، وهو هدف إيران والنظام السوري والقوى الداخلية التي حاولت الانقلاب على الحكومة المنتخبة أكثر من مرة منذ أحداث "غزي بارك"، وبهذه السياسة المبنية على معاداة أردوغان فقط يخدم حزب الشعوب الديمقراطي إيران التي تعدم الناشطين الأكراد دون محاكمة عادلة، والنظام السوري الذي حرم الأكراد سنين طويلة حتى من الحصول على الجنسية السورية، وجماعة "كولن" التي كانت تتهم الحكومة التركية بتقسيم البلاد لمجرد أنها أطلقت عملية السلام الداخلي، ومجموعة "دوغان" الإعلامية التي تصدر صحيفة "حريت" تحت شعار "تركيا للأتراك فقط".

والأغرب من كل ذلك، الدعوة التي جاءت في تصريحات دوران كالكان، عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني، لصحيفة “أوزغور غوندم” المقربة من المنظمة الإرهابية. ودعا كالكان في تصريحاته الجيش التركي إلى عدم إعطاء الفرصة لحزب العدالة والتنمية أن يستغله وتساءل: “الجيش يقول إنه حامي الوطن، فهل الوطن هو حزب العدالة والتنمية؟”.

هذه التصريحات لقيادي بارز في حزب العمال الكردستاني بهذا التوقيت تؤكد بصورة لا تدع مجالا للشك أن حزب العمال الكردستاني لا يقاتل حاليا لا من أجل الانفصال ولا من أجل حقوق الأكراد، بل يقاتل من أجل عيون القوى الدولية والإقليمية والمحلية التي تدعم حزب العمال الكردستاني بالمال والسلاح وتشترط عليه أن يعادي أردوغان في مقابل هذا الدعم.

الكتاب الليبراليون والمثقفون الأكراد، الداعمون لعملية السلام الداخلي، يطرحون السؤال نفسه: “من أجل ماذا يقاتل الآن حزب العمال الكردستاني؟”، ويؤكدون أن إعلان الحرب في هذا التوقيت ليس فيه أي مصلحة للأكراد، بل هو مرتبط بالتوازنات الإقليمية. ويتساءلون ما هي أهداف هذه الحرب وما الذي يريد حزب العمال الكردستاني أو حزب الشعوب  الديمقراطي أن يحصل عليه في نهايتها؟

وهنا، يشير المحلل الكردي، إلهامي إيشيك، الذي قام في السابق بدور الوسيط بين الحكومة التركية وزعيم حزب العمال الكردستاني، إلى إيران والنظام السوري، وأن الحرب التي أعلنها حزب العمال الكردستاني تهدف فقط إلى إضعاف أردوغان وإشغال تركيا بالداخل.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,041,593

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"