#نوري_المالكي في #إيران!

جعفــر المظفــر

بينما تحتدم تظاهرات الشعب العراقي ضد الفساد والتخريب السياسي، وضد رموز هذا التخريب التي يقف في مقدمتها نوري المالكي الذي حكم العراق لثمان سنوات فأدخله في أتون نار جهنم ولم ينزل من كرسي الحكم إلا على أسنة الرماح، وبعد أن تمت تنحيته من منصبه الرسمي كنائب لرئيس الجمهورية في واحدة من الإجراءات التي لا بد أن تمـر منها عملية الإصلاح، وجهت إيران خامنئي دعوة رسمية له لزيارتها هدفها التضامن معه، بما يعني وقوفها ضد الإصلاح مثلما يعني مواصلتها لسياسة التدخل بالشأن العراقي الداخلي والاستهانة بإرادة شعبه والاستخفاف بإرادته المستقلة!

 

لسنا الآن في معرض الحديث إنجازات المالكي التي يعجز الشيطان عن تنفيذ نصفها إذ أن من الممكن استذكار أبرزها من خلال مذكرة القاضي رحيم العكيلي التي طالب فيها بمحاكة المالكي جراء الآثام الكبيرة التي ارتكبها في سنوات حكمه، لكننا نجد أن التعبير الموجز لتوصيفه اعتمادا على إنجازاته التاريخية سيذكر عنه أنه الرجل الذي غلب الشيطان، والمخلوق الذي يستحق أن يحتل مقاما رفيعا في كتاب غينيس للأرقام القياسية عن دوره في تفتيت المجتمع العراقي وإشاعة الفساد وتعميق الطائفية وتسليم ثلث البلد لداعش الإرهابية.

إن المالكي يستحق دون أدنى شك الاستقبال الكبير الذي ستقيمه إيران له، ولو كنت مكان خامنئي لوعدته باستقبال أكبر يبدأ بفرش الورود من أمام سلم الطائرة إلى حيث مكان إقامته في طهران، ولأحطت كتفه وخاصرته بوسام إيران من الدرجة العظمى ولمنحت الشعب الإيراني بمناسبة مقدمه عطلة ثلاثة أيام حافلة بكل مظاهـر الفرح والغبطة والسعادة، فالمخلوق القادم إليهم هو الذي استطاع بجدارة أن يحقق لإيران ما عجز أن يحققه لها جيشها وحرسها الثوري طيلة ثمانية سنوات من الحرب الدامية الضروس!

فها هـو العراق الذي استعصى على إيران فتح بواباته وهو يكابد مآس ليس من الصعب تعدادها وتوصيفها وترتفع في ساحاته صور خميني وخامنئي منبئة عن وقوعه تحت الاحتلال الإيراني وخضوعه سياسيا، وحتى اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، لدولة الفقيه الإيراني وللثقافة الصفوية التي تدعوه إلى قصر نشاطاته على مواكب اللطم والزنجلة والتطبير.

ولعلي من بين أعظم الفرحين بهذه الزيارة والمباركين لها والداعين إلى تعظيمها، فالزيارة نفسها وكل ما قاله خامنئي وأجهزته الإعلامية للترحيب بصاحبها هي تأكيد واضح على ما كنا نقوله حول الدور الإيراني في تحطيم العراق وتحويله إلى مستعمرة يتجول فيها الجنرال قاسم سليماني كيفما يشاء وأينما يشاء ووقت ما يشاء، إضافة إلى كونها فضيحة بكل المقاييس التي تدعو إلى الالتزام نظريا على الأقل بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول المجاورة وبخاصة في أوقات الشدة والمحنة، وبخاصة وهي تأتي مباشرة بعد إقالة المالكي من وظيفته وكل ما تعنيه تلك الاستقالة من إدانة له وتأكيد على دوره التخريبي العصي على الوصف.

أما المشهد الذي يتوجب الوقوف أمامه أيضا فهو ذلك الذي يتضمن إشادة خامنئي بالدور البطولي الذي لعبه المالكي بشأن حماية ما يسمى بجبهة الممانعة التي تقودها إيران ضد العدو الصهيوني (!) والذي من أهم مكوناتها، إضافة إلى إيران المتزعمة، العراق وسوريا وحزب الله اللبناني.

هو خامنئي إذن يعيد علينا نفس الخدعة التي طالما أتقنتها الأنظمة العربية وهي تستغفلنا تحت رايات تحرير فلسطين حتى كأنه يريد بتأكيده هذا على أن يدفع بالعراقيين والسوريين واللبنانيين إلى كره كل ما يمت إلى فلسطين بصلة لأن النضال من أجل إعادتها صار يقتضي تقديم سوريا والعراق ولبنان هدية للأطماع الإيرانية!

ويبقى أن نقول أن على العراقيين، وفي مقدمتهم حيدر العبادي نفسه، أن يبدو مزيدا من الحذر، فالدعوة الإيرانية للمالكي تعني رفض إيران لعملية الإصلاح أصلا، ورفضها أيضا لخطوة إقالة بطلها المالكي من منصبه، مثلما نستطيع أن نقرأ فيها بكل وضوح أن إيران لن تسكت مطلقا على ما سيحدث في العراق وهي سوف لن تتردد عن إعادة المالكي إلى العرش الذي فقده لكي يُتِّم بقية إنجازاته العظمى على طريق إنهاء العراق وطنا وشعب.

لكن خامنئي لم يتركنا نخرج دون أن يسمعنا آخر نكاته إذ ها هو يختتم خطاب الترحيب بالبطل المالكي من خلال تذكيرنا بأنه الرجل الذي قبل طواعية التخلي عن منصبه من أجل تكريس العملية الديمقراطية ومنع الاحتراب!

ومن لا يصدق منكم حكاية خامنئي أو يتعجب منها فإن عليه الاستمتاع بالفلم الذي بثته قناة الرأي التابعة للمالكي الخاص بالدعوة الإيرانية وحتى نهايته، مع نصيحة بعدم اصطحاب الأطفال لكي لا ينشأوا وفي عقولهم وقلوبهم كراهية مفتوحة لأصحاب العمائم.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,616,613

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"