علاقة #إيران و #داعش (دراسة وتحليل)‏

صالح بن عبدالله السليمان

نسمع يوميا عن عبر الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي علاقة هذه الدولة أو تلك بتنظيم ‏داعش، فبعضهم يتهم السعودية بدعمه والآخرون يتهمون أميركا أو تركيا او إيران، مما جعل ‏المسلم في حيرة من يصدق؟، ويكون تصديقه للأقرب له ويوافق هواه دون بحث عن الأدلة بل ‏يكفيه بضع كلمات عائمة وتصريحات مطلقة من هنا وهناك.

 

فمحبي إيران يصدقون ان السعودية ‏هي الداعم لداعش، وكارهي تركيا يصدقون ان تركيا هي الداعم. وآخرون يصدقون الأعلى ‏صوتا والأكثر انتشارا.‏

جمعت خلال الفترة الماضية العديد من الوثائق والتصريحات التي مكنتني من إيضاح رأيي، وهو ‏ما أرضى ان القى الله به، وبنيت دراستي على نقاط أربع لأضمن لها الحياد

‏1)‏ الدراسة تهتم "بالقيادة وحلقات صنع القرار" في التنظيم وليس بالأفراد والقيادات ‏المتوسطة والدنيا، فكل (نعم كل) افراد هذه الجماعات لا يدفعها سوى حبها لدينها ‏ورغبتها في تصويب أخطاء تراها، فسقطت بين مخالب وأنياب هذا التنظيم الذي سخرت ‏له وسائل إعلام ذكية تستخدم عبارات وآيات أخرجت من سياقها وفهمت بشكل خاطئ مع ‏مجموعة من المؤثرات الصوتية والأناشيد والأدعية التي تؤثر على من قل حظه من فهم ‏الدين او زاد حظه من الحماس والاندفاع، لذلك نرى ان اكثرهم من فئة الشباب في ‏العشرينات من العمر

‏2)‏ الدراسة لم تستخدم سوى قول الموالي والمؤيد لا قول المخالف، فلا آخذ قول مؤيد ‏للسعودية فيما يخص إيران، ولا قول مؤيد لإيران فيما يخص السعودية. بل قول موالي ‏إيران فيما يخص إيران وقول موالي السعودية فيما يخص السعودية.‏

‏3) ‏استخدمت الحوادث والوقائع في هذه الدراسة ولم أستخدم شائعات لا تثبت وليس عليها ‏دليل، بل ما اثبت من الوقائع بصورة لا يدخلها شك بأي حال من الأحوال.

‏4) ‏الدراسة لا تهتم بالشعارات وما يدخل فيها فالشعارات ثبت زيفها عبر تاريخنا، فكم رافع ‏لشعار هو اول مخالفيه، فكم من ليبرالي يدعم العسكر، وكم من إسلامي اساء للإسلام.‏

 

أولا: من هي داعش أو (الدولة الإسلامية في العراق والشام) اليوم؟

يخلط البعض بين دولة الزرقاوي ‏التي أقيمت في 2006 وقضت عليها حركة الصحوات وهي مكونة من العشائر السنية، وحركة ‏دولة البغدادي التي صعب القضاء وتمددت الى ان أصبحت تسيطر على جزء كبير من العراق ‏وسوريا.‏

فالدولة الإسلامية التي أقامها الزرقاوي كانت منحصرة في العراق فقط، ولم تكن لها عمليات ‏إرهابية في أي دولة خارج الحدود سوى عملية واحدة في الأردن ذهب ضحيتها المخرج ‏العربي مصطفى العقاد، ولا اعلم هل ألصقت بها التهمة او ان أحد الخلايا قامت بها دون علم ‏القيادة. المهم انها لم تستطع مقاومة العشائر السنية ولم تحتج الى تحالفات دولية او طائرات او ‏تحشيد شعبي. لأنها كانت حركة لا داعم قوي لها.‏

أما دولة البغدادي، فقد قامت فجأة، وقامت قوية، صعب التخلص منها، وحشد من اجلها تحالف ‏دولي يقصف مواقع يقال انها لها ليل نهار، تتبع تكتيكات عسكرية عالية، ولديها كم كبير من ‏السلاح. لا يحدُّها إقليم جغرافي، فمع ان موقعها هو في العراق وسوريا، إلا اننا نرى انها ‏تضرب في السعودية والكويت وتونس ومصر وليبيا والبحرين وفرنسا، ولها مواقع في مصر ‏وليبيا. وإن كنت اشك كثيرا في حقيقة انتماء هؤلاء لداعش إلا كحماسٍ وبيعة وليس كمخطط ‏وتوسع مقصود ومخطط له، فكل جماعة تتحمس لقوة التنظيم في العراق والشام تعلن البيعة له. ‏وتتفق معه فيما يعلن من شعارات وليس بينها وبينة اتصال عضوي. بالضبط كما حدث مع تنظيم ‏القاعدة، الذي أعلنت كثيرا من الجماعات المسلحة الولاء له.‏

بقي ان نعلم ان داعش الزرقاوي كانت تدين بالبيعة لتنظيم القاعدة، بينما داعش البغدادي يحارب ‏تنظيم القاعدة، ويقاتل جبهة النصرة المبايعة لها.‏

استعملت داعش البغدادي اليوم نفس اسم التنظيم الذي قام به الزرقاوي. وليس بينه وبين ذاك ‏التنظيم أي تواصل أو اتصال او رابط على مستوى القيادات أو التكتيكات او الاستراتيجيات، بل ‏هو تنظيم جديد على الساحة، أحب الحصول على عمق تاريخي لأن الأول كان له صفة المقاوم ‏للاحتلال الأميركي، بينما الثاني لم يظهر إلا في أواخر عهد نوري المالكي عام 2014 واستولى ‏على مناطق كبيرة من العراق دون قتال بل وسلمت له مخازن أسلحة كبيرة دون أدني مقاومة، ‏ونعلم ان المالكي كان ذراع إيران في العراق وهو ابن حزب الدعوة المتبنى من إيران. ولا يمكن ‏ان يتحرك إلا بأمر من إيران وليس بموافقتها فقط. ويعلم أي مراقب للوضع السياسي في العراق ‏ان إيران جاهدت كثيرا لتوليه منصب رئاسة الوزراء لفترة ثالثة، ‏

هنا يجب عدم الربط بين الدولة الإسلامية التي قام بها الزرقاوي وتنظيم الدولة الإسلامية القائم ‏الآن فهو ارتباط بالاسم فقط، وارتباطه بالاسم أدى الى خلط أوراق الكثير من الباحثين في ‏الجماعات الإرهابية في العالم.‏

 

ثانيا: من ‏أين يأتي السلاح والمتفجرات؟

العمليات الإرهابية التي وقعت في السعودية والكويت والبحرين تثبت ان لداعش البغدادي القدرة ‏على الحصول على السلاح والمتفجرات والتمويل، في مختلف الدول، وهنا يظهر سؤال، فمن ‏أين يأتي السلاح والمتفجرات؟ تهريب السلاح والمتفجرات ليس بالأمر السهل؟ والمتفجرات التي ‏استخدمت في التفجيرات في العراق والسعودية والكويت والبحرين هي من نوع ‏RDX‏ (ار دي ‏أكس) وهي متفجرات من نوعية عسكرية لا يحصل عليها الأفراد في الأسواق المفتوحة وحتى ‏السرية. ‏

هنا نتذكر ما نشرته البحرين والسعودية ولأكثر من مرة انها ألقت القبض على مجموعات شيعية ‏ترتبط بالعراق وإيران في عمليات تهريب ونقل كبسولات التفجير والذخائر من نفس هذا النوع، ‏وعند التحقيق مع المهربين قالوا بأنهم كانوا فقط مأمورون بوضع المتفجرات في أماكن محددة ‏والعودة دون مقابلة أي أشخاص، وعندما تكتشف عملية تهريب فمن الطبيعي ان هناك عمليات ‏تهريب أخرى قد مرَّت ولم يلق القبض عليها، والغريب اننا لم نر أي شيعي قام بأي عملية ‏تفجير!

ولا ننسى ان بعض من قبض عليهم من افراد الخلايا التي قامت بالتفجير بعد التفجيرات قالو انهم ‏استلموا المتفجرات في أماكن ولا يعرفون من وضعها فيها ولم يقابلوا أي شخص ولا يعلمون ‏شخصية من زوَّدهم بها. مما يجعلنا نربط بين الناقل والمفجر، فالناقل شيعي والمفجر سني ‏وكلاهما لا يعلم لمن نقل او من سلم المتفجرات!

الناقلون او المهربون من الشيعة والمرتبطين مع بعض الميليشيات العراقية المرتبطة ‏بإيران، او مع لواء القدس والحرس الثوري الإيراني. والمفجرون هم من السنة المرتبطين ‏بتنظيم داعش. ألا يصدق هذا التوصيف لهذه الحالة؟ إذ اننا لم نسمع ابدا عن أي عملية تهريب ‏لمتفجرات قام بها مجموعة من داعش!

نعود بالزمن قليلا، في عام 2009 ظهرت للسطح خلافات عميقة بين نوري المالكي وبشار ‏الأسد، حينها أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن 90 % من الارهابيين ومن ‏مختلف الجنسيات تسللوا إلى العراق عن طريق الأراضي السورية. واتهمت الحكومة العراقية ‏نظام الأسد بإيواء المخططين للهجمات وطالبت بتسليمهم إليها، وهناك تصريحات عديدة لرئيس ‏الحكومة العراقية نوري المالكي آن ذاك أتهم فيها النظام السوري "إيواء وتدريب وإرسال ‏الإرهابيين" إلى العراق وتسهيل مهمة عبورهم الحدود المشتركة، وهذا موثَّق إعلاميا وسياسيا في ‏سجلات الأمم المتحدة وحكومتي سوريا والعراق. وكلنا يعلم ارتباط النظامين العراقي والسوري ‏بإيران.‏

بالطبع لن اتناول تصريحات المالكي الأخيرة عن السعودية لأنها تخالف قاعدة من قواعد هذه ‏الدراسة، فالمالكي معادٍ للسعودية فلا آخذ قوله كما لن آخذ قول المؤيد للسعودية فيه.‏

فهل كانت إيران تلعب على الفريقين وتعتبرهما بيادق في يدها؟ سآتي على ذلك لاحقا بالدليل.

‎ ‎في شهر يناير من عام 2015 وفي محافظة ديالى شرق العراق أعلنت اللجنة الأمنية في مجلس ‏المحافظة، عن فتح تحقيق موسع لمعرفة هوية مروحيات هبطت في معاقل تنظيم داعش في ‏‏"المقدادية" ونقلت أسلحة ومؤناً لقوات التنظيم‎.‎‏ وقد صرح رئيس اللجنة صادق الحسيني في ‏تصريح صحافي "أن مصادرنا الأمنية تؤكد هبوط مروحيات في معاقل تنظيم التنظيم ضمن ما ‏يعرف بحوض سنسل، شمال بعقوبة، في ساعة متأخرة من مساء الاثنين الماضي". (بالطبع لم ‏نسمع ولن نسمع نتائج هذا التحقيق) ولكن لنبحث نحن!

هنا يذكر المسؤولون العراقيون "مروحيات" ومن يملك مروحيات في تلك المنطقة؟ إيران، ‏أميركا، الحكومة العراقية فقط. لا أظن ان الجيش الأميركي سيقوم بهذه العملية لأن الرقابة ‏الشعبية والإعلامية داخل أميركا ستكتشفها وسيسقط على إثرها الكثيرون، كما حدث في ووترغيت ‏وإيران كونترا وحوادث ابوغريب، فتسليم أسلحة لداعش لا يمكن ان يقوم به أميركان. هذا هو ‏المنطق فهم بريئون من هذا، ليس شرفا بل خوفا من العواقب في بلادهم، يبقى لنا إما إيران او ‏العراق، وهو الأقرب عقلا ومنطقا، فالجيش العراقي مخترق بالتنظيمات الإيرانية فهو الأقرب ‏عقلا ومنطقا انه يقوم بهذه العمليات، وتكررت مثل هذه الحوادث أكثر من مرة ولن اكررها لئلا ‏اطيل أكثر ويكفي ما صرحت به النائبة العراقية حنان الفتلاوي في معرض انتقادها ‏لرئيس الوزراء حيدر العبادي أنه قدم احتجاجا لاختراق طيران الجو الإيراني الأراضي العراقية ‏ولم يقدم احتجاجا اتجاه من قام بإسقاط الأسلحة لتنظيم داعش!

ويؤكد ارتباط إيران وحلفائها في العراق بعمليات تسليح داعش، عمليات هروب الجيش العراقي ‏الغريبة والمريبة من المدن وتسليم القواعد والمخازن العسكرية سالمة للتنظيم، ولنحاول الربط بين ‏تلك الطائرات وهذا الهروب. وكلها وقائع مثبتة رسميا وإعلاميا.‏

من جهة أخرى، صرح الشيخ كاظم العنيزان وهو رئيس مجلس عشائر جنوب العراق وهو شيعي ‏انه كان في زيارة لأحد اقاربه المنتمين لتنظيم "جيش المهدي" الشيعي والذي أصيب في احدى العمليات، ‏أخطأ في الطابق الموجود بها قريبه في المستشفى في طهران، فوقع في طابق استغرب ان كل ‏قاطنيه من المجموعات التي تسمى إرهابية سنية، واستغرب ان يعالج إرهابيين سنّة في طابق ‏ومن قاتلهم من الشيعة في طابق آخر وفي نفس المستشفى الإيراني!

وأخيرا، تصريح لياسر الحبيب، الشيخ الشيعي المتطرف وصاحب قناة فدك الفضائية التي ‏تسب السنة والمذهب السني ورموزه ليل نهار، قال في تصريح متلفز له يمكن الرجوع له على ‏اليوتيوب، واقسم على صحة تصريحه أغلظ الأيمان انه يشهد ان قادة التيار الصدري اثبتوا له ان ‏إيران هي من يزود الانتحاريين المتطرفين بالسلاح، وعندما سئل عن سبب هذا التصرف ‏الغريب في نظرة، قال انها المصالح العليا لإيران.‏

انظر هذا الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=NyHTlYJ2MHc

ولا يمكن لأي شيعي او محب لإيران إنكار عداء ياسر الحبيب للسعودية فهو عداء تاريخي ‏عقائدي راسخ، ‏

ها هما شيخان شيعيان، أحدهما شيخ عشائر والآخر شيخ دين شيعي متعصب، يقران ان إيران ‏هي من يموّل ويسلح التنظيمات الإرهابية في المنطقة.‏

واخرج عن السياق قليلا وأذكّر بتصريحات فرزاد فرهنكيان، وهو دبلوماسي ايراني عمل ‏مستشارا بوزارة الخارجية الإيرانية ثم انتقل للعمل في القنصلية الإيرانية بدبي والسفارة في بغداد ‏والمغرب واليمن، وآخر عمل له كان المستشار والرجل الثاني في السفارة الإيرانية في بلجيكا ‏وقد هرب من إيران وأصبح معارضا للسياسية الإيرانية.‏

صرَّح فرهنكيان ان التفجيرات التي حدثت في السعودية والبحرين تمت بأوامر من ‏خامنئي رغبة منه في خلط الأوراق في المنطقة. وخلال ندوة أقامتها المعارضة الإيرانية في ‏باريس صرح أن العملية التي نفذها متطرفون ضد الشيعة في الاحساء بالسعودية تمت بإشراف ‏مباشر من اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري لإيراني والعميد حسين سلامي من ‏قيادة الحرس الثوري الإيراني. وقال إن الحرس الثوري هو من يحرك ويشرف على كبار القادة ‏الإرهابيين المتواجدين تحت الحماية الايرانية في مواقع سرية شرق إيران، وجميع الأوامر التي ‏توجه لخلايا التنظيم لا تصدر من قادتها إلا بأوامر إيرانية.‏

إيران تلعب بالشيعة العرب وبالسنة العرب، تحاول ضرب الاثنين ببعض، لا يهمها الشيعي ‏العربي، بل ترغب في تأصيل العداء داخل المجتمعات العربية لتتمكن من السيطرة على المنطقة ‏وجعل الشعوب العربية مطية لمصالحها، ‏

وهنا اذكر قول مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني العميد سلامي "لا حاجة للجيوش ‏للسيطرة على موقع جغرافي حيث أن أفضل الطرق لتحقيق ذلك هو بالهيمنة على العقول ‏والأذهان" ‏

اظن ان نتائج هذه الدراسة تجيب على سؤال يدور في ذهن كل من يهمه الأمر.

وأظن ان فيما أوردته من ادلة تتفق من الواقع والوقائع والعقل والمنطق، تثبت تزعم إيران ‏للحركات والتنظيمات الإرهابية، لم أورد قولاً لمؤيد للسعودية او لتصريح لم يثبَّت لقائله، بل كلها ‏من اقوال شيعة او شيوخ دين شيعة متطرفون او لتصريحات مسؤولين إيرانيين او ‏لوقائع حدثت بدون نزاع.‏

اعلم ان البعض سيعارضني فيما أثبت، لأن من ترسخ في ذهنه عقيدة ما لا يمكن ان تتغير بأي ‏إثبات بل ستبقى راسخة لا يزيحها أي دليل مهما كان الدليل قويا. وأعلم ان الكره كالحب أحيانا لا ‏يريد دليلا، فمن يكره السعودية ودول الخليج العربي لن تكفيه ولن يرضَ بأي دليل، اما الباحث عن ‏الحق فيكفيه دليل واحد ينير له طريق الحق.‏

لم أقم بهذه الدراسة دفاعا عن السعودية، بل هي لإقرار الحق، وأتهيأ ليوم قال فيه ربنا تعالى ‏‏(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ).‏

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,038,688

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"