الموتمر الوطني العراقي الجامع هو الحل

خليل الياس مراد

العملية السياسية الحاكمة في العراق، وضع خطوطها الاولى المحتل، وممثله بول بريمر، على عنصرين مترابطين هما: الطائفية والمحاصصة، وبعد 12 عاماً من قيام هذة العملية العرجاء، تأكد فشلها فشلاً ذريعاً في ايجاد الامن والاستقرار والتنمية وحكم القانون والعدالة في البلاد، وصار البلد خاليا من الزراعة والصناعة والسياحة والصحة، وادخلت البلاد في اتون الحروب الطائفية بين مكوناته الاصلية، واستنزفت قدراته البشرية والمادية، ونخر الفساد قي الماكنة الحكومية الى معدلات وصفتها الامم المتحدة بان العراق يحتل المرتبة الأولى في الفساد المالي والاداري بين دول العالم.

 

هذه العملية الاحتلالية أوصلت الشعب الى حافات وتخوم الياس والفقر والجوع، وتزايد معدلات الهجرة الى مناطق تشهد الاستقرار والى خارج العراق، بعد ظهورالتنظيم الارهابي داعش، الذي احتل مدينة الموصل والرمادي واستنزف قدرات البلد البشرية والمادية وعم الخراب والدمار بين ابنائه.

العملية السياسية الفاسدة لم تقدم انجازا واحدا للشعب، واغلب التشريعات الحكومية التي عمل مجلس النواب على اقرارها على شكل قوانين ، كانت لصالح النخب السياسية والحزبية الحاكمة والمشاركة في الحكم على شكل (استحقاقات تقاعدية وجوازات دبلوماسية وايفادات وتخصيصات مالية للضيوف والحمايات وسيارات مصفحة وغيرها كثير)، مما ادى الى ظهور فئات ومافيات منظمة، تملك الثروة والنفوذ والقوة القانونية والسياسية في شتى ميادين الحياة، سهلت لها سرقة المال العام والعبث بمقدرات البلاد.

مشكلة الفساد في الدولة العراقية يشترك فيها اغلب السياسيين، في صفقات تجارية وفنية وعسكرية بعضها على شكل لجان شكلتها الحكومة او مجلس النواب، وبعضها الاخر، وهو الاعم، عبر صفقات وهمية منها: بيع النفط والتسليح وشراء اجهزة ومعدات صناعية وتكنلوجية تدخل في مجال الامن والحمايات، بلغت اقيامها مليارات الدولارات، اغلبها مكشوفة ومسجلة قي دوائر الحكومة والنزاهة، ولم يتخذ اجراءات قانونية بصددها بسبب الفساد الاداري الكبير، الذي ينخر في جسد ومؤسسات الحكومة والدولة. وهذه في مجملها تشكل كارثة كبيرة يتطلب تصفيتها واسترجاع المال العام ومحاسبة هولاء السراق والفاسدين.

ولذلك فان (الاصلاحات) الحكومية غير قادرة على معالجة الفساد وستصل الى طريق مسدود، بسبب ضخامة عملية الفساد وعدم وجود الجدية الحكومية لاقتلاعها من جذورها، لتورط الكثل السياسية والعسكرية والامنية الكبير في الحكومة!

وامام هذة العملية حلان هما: هروب المتورطين كما فعل نوري المالكي الذي لجأ الى ايران تحت غطاء رسمي تلبية لدعوة ايرانية، دون ان يتمكن رئيس الحكومة من منعه، رغم انه في أول قائمة المتهمين بالفساد، والحل الثاني : ان تنتصر ارادة الشعب في انتفاضتها المباركة التي تشكل الامل المرتجى بتطبيق (شعار القصاص للقاسدين) واصدار قائمة المتورطين واحالتهم الى قضاء عادل ومهني ومستقل، وهي مهمة صعبة امام رئيس الحكومة، إذ كيف له أن يتصدى للفساد في حزبه ومنظومته السياسية المتورطة؟! وان موافقة اعضاء البرلمان الذين يمثلون العملية السياسية على حزمة الاصلاحات الحكومبة يعني بصريح العبارة اعترافهم الضمني بالغاء العملية السياسية، التي تمثل منظومة الفساد، وهذا يقود الشعب المنتفض الى استبدالها (بعملية سياسية وطنية) تمثل ارادة الشعب القادرة على تغيير الاوضاع في البلاد.

وهذا يدعو الى عقد موتمر وطني عراقي شامل يلغي القرارات الاستثنائية الجائرة ويضع ركائز لدولة عصرية مدنية ينعم الشعب في ظلها بالحقوق القانونية والسياسية لكافة ابنائه وفق مبدأ المساواة والعدالة.

هذا ما يرجوه الشعب للخلاص من كوارثه ومحنه، فهل ستقدر الحكومة على ذلك؟ ام ان الشعب المنتفض سيشق طريقه لتحقيقها؟!

القادم من الايام يجيب على هذا السؤال.. وان غد لناظرة قريب.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,049,411

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"