في ضوء اعترافات القيادات الأميركية الحمقاء.. من يعوِّض الضحايا؟! ‏

سامي سعدون

في سباق التنافس في الانتخابات الرئاسية الاميركية ينشر المرشحون الغسيل القذر لبعضهم البعض، ليس ‏على الصعيد الشخصي حسب، وانما حتى ما يتعلق بسياسة هذا الحزب المنافس وجرائم غريمه في الادارة ‏السابقة ازاء الشعوب الاخرى!

 

والهدف ليس من باب "الاعتراف بالخطأ" وهذا غير موجود في قاموس ‏صنّاع القرار والسياسيين الاميركان! ولا من باب انصاف الضحايا والمظلومين وانما للتسقيط ‏والفوزعلى الخصم واستلام السلطة! وخلال شهر آب/ اغسطس الجاري انتقد المرشح الجمهوري ‏الملياردير رونالد ترمب منافسه في الحزب المرشح جيب بوش الذي دافع عن حرب شقيقه جورج دبليو ‏بوش على العراق، فقال ترمب في معرض انتقاده " انفقنا 2 ترليون دولار على تدمير العراق بالاف ‏الضحايا وازاحة صدام حسين الذي كان يدير دولة ولم يكن يملك سلاح دمار شامل، وعندنا بدلاً عنه ‏اليوم (ايران وداعش)! وانهما ينسقان في صفقات ارهابية معاَ  واليوم تسيطر ايران على العراق، ‏والمناطق التي لاتريدها تعطيها لداعش!" واضاف متسائلاً " ماذا فعلنا؟ لقد نزعنا استقرار الشرق ‏الاوسط وعمَّت الفوضى" وانتهى بالقول "ان لدينا قيادة حمقاء".

‏وكان الرئيس الحالي (اوباما) وفي معرض دفاعه عن صفقة الاتفاق مع ايران حول برنامجها النووي ‏وبعد يوم واحد من لقائه باللوبي الصهيوني والجماعات الموالية للكيان الصهيوني قد ألقى خطاباً في الجامعة ‏الاميركية بواشنطن في 5 آب الجاري وقد سبق فيه رونالد ترامب في الاعتراف بالآتي:

‏‏1ـ اعترف اوباما ان القرار الخاطئ بشن الحرب على العراق كان غزواً، وان حجم الخسائر الأميركية ‏بالارواح البشرية كبير" القتلى والجرحى والمصابين بالالاف" والخسائر المادية اكثر من 1000 مليار!

‏‏2ـ  الغزو والاحتلال عام 2003 سهَّل لايران احتلال العراق، وايران المستفيد الوحيد على حساب ‏العراق! 3ـ ان الاحتلال وحرب العراق كارثة، ومن نتائجه وضع الضحية، العراق، تحت طائلة الصراع ‏الطائفي والارهاب والجماعات الارهابية التي ترعاها ايران التي تخلق مشكلة لامن المنطقة وللاستقرار ‏الاقليمي.

4 ـ الغزو جريمة وقد تمت خديعة الشعب الأميركي وتم اخفاء الحقائق عن الخسائر البشرية ‏والمادية .

5 ـ وعند دفاعه عن الاتفاقية النووية قال اوباما..ان ايران كانت تمارس الارهاب من قبل ‏وحتى اثناء الحرب الايرانية ـ العراقية واليوم من خلال حزب الله واتباعها في المنطقة مؤكدا ان "‏طهران سواء وقع الاتفاق النووي معها ام لا فانها وعملاءها سيستمرون بذات السياسة في ممارسة ‏ودعم الارهاب"

6 ـ اعترف اوباما بأن اتفاق فيينا النووي سيقَّوي ايران ويعزز هيمنتها ورفع ‏العقوبات سيجعل من ايران قوة مسيطرة على المنطقة.

وهؤلاء ليسوا وحدهم من اعترف بخطأ غزو العراق وجريمة احتلاله وانهم السبب في تسليم العراق ‏للفرس الطامعين ووقوعه والمنطقة تحت الارهاب ونفوذ (داعش) ومخاطر تمددها فهناك الكثيرون من ‏يقر بهذه الحقيقة ، فالمرشحة للرئاسةعن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلنتون، والتي ترشحها التوقعات ‏لتكون خليفة زميلها في الحزب، اوباما، اعترفت بقيام الولايات المتحدة بايجاد تنظيم القاعدة وان (ابن ‏لادن)هو صنيعتهم! وكذلك جو بايدن المرشح الاخر والنائب الحالي للرئيس هو عراب تقسيم ‏العراق منذ عام 2006 وهو ذات الطرح الذي اعلنه هنري كيسنجر في نفس العام مرجحا ان يكون ‏مصير العراق كمصير يوغسلافيا! وكان آخر دعاة التقسيم الجنرال ريموند اوديرنو رئيس الاركان ‏الاميركي وقبل ان يترك منصبه قد اعتبر في تصريح له في 12/8 ان "المصالحة بين السنة والشيعة ‏تزداد صعوبة ، وان تقسيم العراق هو الحل الوحيد"!  وخليفته الجنرال جوزيف دان فورد اكد القول ‏نفسه!

ان ما حل بالعراق تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة وهونتيجة سياسة واشنطن العدائية وقيادتها ‏الحمقاء التي اعترفت بخطئها؟ واعترافها بأن ما ارتكبته عام 2003 هو غزو واحتلال ادى الى تدمير ‏دولة وانتشارالارهاب والفوضى و"انه بسقوط نظام صدام حسين تحطمّت التوازنات الاقليمية"!، ‏وهذا ما يقر به  اوباما في خطابه الموجه لاعضاء الكونغرس خشية معارضتهم الاتفاق النووي مع ‏ايران الذي يعني اعترافاً ضمنياً بأن ‏اخطر خطأ استراتيجي هو اسقاط نظام صدام حسين، وان أميركا هي السبب في مشاكل المنطقة اليوم ، ‏وان المستفيد الاكبر هي ايران التي فرضت سيطرتها على العراق من خلال عملائها في الداخل وتسخير ‏كل طاقاتهم لسرقة الثروات وتدمير البنية التحتية وقتل العقول المبدعة وزرع الفتنة الطائفية والتحريض ‏على الاقتتال الاهلي وطمس حضارة العراق وسلخه من محيطه العربي.

ولكن اوباما  تناسى ان ادارته ‏هي من مكَّنت ايران وسلطتها وعملائها على استباحة العراق، وهي من تتحمل مسؤولية مايجري اليوم ‏على الساحة العراقية من جرائم يندى لها جبين الانسانية بحق شعب العراق وعلى ايدي السلطة ‏وميليشياتها وفيلق قاسم سليماني! كما انها تتحمل مسؤولية حماية السلطة الدموية واسناد العملية ‏السياسية الفاشلة ومنع اسقاطها على ايدي ابناء العراق بالتآمر وقمع وتصفية وملاحقة ابنائه ومقاومته ‏الشعبية الباسلة، وحتى الانتفاضات الشعبية تحارب وتقمع لصالح المتسلطين وعملاء ملالي ايران! ‏فاوباما كان بامكانه، إن كان شاعراً بظلم وجناية سلفه للعراق وشعبه، ان يصحح هذا الخطأ ويوقف ‏عدوانهم على العراق ومؤامرتهم ضد العرب بإعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة وما ينفذ من اجندات ‏معادية للسيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها النفطية!

ان اعترافات رؤساء واعضاء الادارات الأميركية ‏بالعدوان على العراق وشعبه وتعريض امن واستقرار المنطقة لمخاطر الارهاب والفوضى مع انها ‏حقائق معروفة للجميع وانها تساق لمصلحة هذا الحزب او ذاك وتمكينه من الفوز بالانتخابات ‏الرئاسية القريبة، لكنها من ناحية اخرى تؤكد وتعني الاتي:

1ـ انها شهادات موثقة على ألسنة رؤساء وصناع القرار في ‏واشنطن، فضلاً عما توثقه الدراسات والمقالات لكبريات الصحف ومراكز البحوث الاستراتيجية، وهي بهذا ‏ادانات دامغة لزعيمة العالم وراعية الانسان وحريته وحقوقه! وكشف لحقيقتها المعادية للحريات ‏والانسانية والسلام والامن .          ‏

‏2 ـ ان السكوت والصمت المطبق من قبل المجتمع الدولي ادانة وتجريم لهم في ذات الوقت وبما يفضح ‏التبعية المذلة والانقياد لقوة طاغية دون الاكتراث لسياستها الاجرامية وماتخلفه من فضائع بحق الشعوب ‏وتطلعها للعيش بآمان وسلام.

‏3 - انها عدوان على الانسانية وتجاوز على الحق الالهي في العيش بسلام للجميع فضلاَ عن التعارض مع ‏الاديان وتعاليم ووصايا الرسالات السماوية والكتب المنزّلة. 

‏4 - انها خروج وخرق للمواثيق والاتفاقيات الدولية حول ضمان الحريات وحقوق الانسان والعيش ‏الكريم.

5 ـ انها كشف لزيف الشعارات التي تتخفى خلفها القوة العظمى الوحيدة والمنفردة في العالم‏، ومن يتبعها من القوى والدول المماثلة، وفضح لطبيعتها الوحشية وعدائيتها ازاء الاخرين.              ‏‏              ‏

‏6 ـ ان العولمة بزعامة الولايات المتحدة تعني الاستعمار بثوب جديد وعودة الى شريعة الغاب ووقوع ‏الدول والشعوب الصغيرة تحت سلطة الاقوياء العتاة وسياساتهم الظالمة وبما يضع دول العالم  بثرواته ‏واسواقه ومواقعه في خدمة الاقوى!

7 ـ انها كشف وفضيحة لظلم ذوي القربى وعمالة الانظمة العربية لواشنطن في موقفهم المفرط بالعراق ‏القوي وتحملهم لنتيجة هذه الخيانة التي عرَّضت المنطقة ومصائرهم الى مخاطرمخططات الاعداء ‏الطامعين والحاقدين (فرس وصهاينة) وفتحت الباب على مصراعيه امام الارهاب والفوضى واهتزاز ‏الامن والاستقرار، فالعراق كان البداية وهم لن يسلموا طالما ان الهدف العرب شعباً وارضاً وثروات.

‏8 ـ انها تعطي الحق للعراق لمقاضاة الولايات المتحدة ورؤسائها وحلفائها وكل المشاركين والمتواطئين ‏على استهداف العراق منذ الثمانينات، وبالاخص عدوان عام 1991 وحصارها الجائر الذي استمر لاكثر من 12 ‏عاما وما اعقبه من اكثر من عدوان، والذي انتهى بالتدمير الشامل واحتلاله عام ‏‏2003 وما صاحبه وحتى اليوم، وبمشاركة فعلية للنظام الايراني، من تخريب وتدمير وتمزيق وقتل ‏واجرام وتجويع وتشريد للملايين من ابنائه ونهب لثرواته وتهريب وسرقة اثاره وكنوزه الحضارية ‏الثمينة.               ‏

‏ 9 ـ مع اننا في عصر القوة وطغيان العتاة الا ان التأريخ يسجل وهو حافل بالدروس والعبر، اذ لا دوام ‏لهذه الحال، فعجلة الزمن لاتعرف التوقف او الثبات ولابد ان يأتي اليوم الذي يدفع فيه الاعداء ثمن ‏حماقتهم وعدوانهم ووحشيتهم وظلمهم للشعوب وجرائمهم البشعة بحق الضحايا الابرياء.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,671

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"