ها قد عدنا يا مصريين!

محمد سيف الدولة

على طريقة الجنرال الفرنسي، غورو، الذى ذهب الى قبر القائد صلاح الدين الأيوبي في دمشق بعد احتلال سوريا عام 1920، وقال قولته الشهيرة "ها قد عدنا يا صلاح الدين" متصورا انه بذلك يأخذ الثأر القديم لاوروبا وأجداده في الحملات الصليبية، بعد هزائمهم وطردهم من الارض العربية في القرنين الثاني والثالث عشر.

 

على طريقة هذا الجنرال، بعثت لنا (اسرائيل) امس، برسالة مشابهة، بإعادة فتح مقر لسفارتها في القاهرة، بعد أن كان شباب مصر وثوارها قد نجحوا في اغلاقها بالقفل والمفتاح في مظاهراتهم وحصارهم لها في 9 أيلول/ سبتمبر 2011.

انهم المتظاهرين الذى وصفهم ايهود باراك وزير الدفاع الصهيوني السابق ومعه عديد من القيادات الصهيونية، بأنهم من مجموعة من الرعاع.

فيأتون اليوم ليبعثوا لنا برسالة انه ((ها قد عدنا يا مصريين))

***

لماذا اراها هكذا؟

لأنهم اختاروا ذات اليوم، 9 سبتمبر 2015، بعد أربع سنوات بالتمام والكمال، ليكون هو الموعد الذى يعيدون فيه افتتاحها.

وهى اشارة لا تخفي على اي مراقب.

وللأسف، تمت هذه الرسالة بالاتفاق والتواطؤ مع الادارة المصرية ووزارة خارجيتها، اذ لا يمكن ان يكون قد غاب عنهم المغزى من وراء اختيار هذا الموعد تحديدا. ليصبحوا شركاء للصهاينة في توجيه هذه الرسالة الوقحة، وليكونوا شركاء لهم في اهانة الشعب المصري وثورته.

يفعلون ذلك، رغم ان الشباب تظاهر يومها غضبا للكرامة والسيادة المصرية بعد ان قامت القوات الصهيونية بقتل خمسة جنود مصريين على الحدود الدولية، بدون حتى ان تكلف نفسها بإبداء اي اعتذار او أسف.

***

نحن ندرك بطبيعة الحال، عمق العلاقات المصرية الصهيونية الحالية في عهد السيسى، والتي وصلت الى درجة غير مسبوقة، حتى في ظل السادات ومبارك:

فلقد أصبحت (اسرائيل) هى البوابة الدولية التي تجلب للنظام المصري الجديد، الاعتراف والرضا الأميركي والدولى .

وتدخلت (اسرائيل) واللوبى الصهيوني في أميركا لأول مرة في التاريخ للضغط على الادارة والكونغرس الأميركيين من اجل استئناف المساعدات العسكرية لمصر، بعد ان كانت في السابق تضغط دائما لتجميدها او ربطها بقائمة من الشروط والمطالب الصهيونية.

كما قامت الادارة المصرية بتنفيذ المطالب والأحلام الصهيونية القديمة ببناء منطقة عازلة على الحدود مع غزة، وهدم الأنفاق تحت الارض، مع اغلاق المعبر فوقها، وهى المطالب التي رفض حتى مبارك نفسه تنفيذها.

وانحازت الى العدو في عدوانه الاخير على غزة في صيف 2014، والذى أودى بحياة ما يزيد عن 2000 شهيد.

وربطت الإدارة المصرية إعادة إعمار غزة، بنزع سلاح المقاومة، حين اشترطت تسليم السلطة هناك الى جماعة أبو مازن التي التزمت في اوسلو بنزع السلاح الفلسطينى.

وانحاز السيسى الى المخاوف (الاسرائيلية) من الاتفاق النووى الايرانى، كما صرح بنفسه لوسائل اعلام اوروبية منذ بضعة شهور.

والقائمة تطول...

ومن ثم فنحن ندرك ان اعادة فتح سفارة كيان العدو الغاصب في القاهرة مع ترسيم سفير مصري جديد في تل ابيب، منذ بضعة أسابيع، لأول مرة منذ سحبه في 2012، لم يكن سوى تتويج لكل هذه العلاقات المتميزة والممتازة.

ولكن مع ذلك، لم يكن من اللائق أبدا من ناحية الشكل و المغزى، ان تقبل الادارة المصرية، تحت أي ظرف، ان يأتى موعد الافتتاح في الذكرى الرابعة لمظاهرات الغضب الشعبي ضد قتل الجنود المصريين.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,038,708

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"