المعركة الفاصلة بين الشعب المنتفض والفاسدين‎ ‎الى أين؟

خليل الياس مراد‎

يمر العراق منذ تفجر التظاهرات الشعبية التي انطلقت في جنوب ووسط العراق وفي بغداد، قبل اكثر من شهر ونصف، من مرحلة الاصلاحات الادارية ‏الشكلية الى مرحلة التغيير والثورة، المراقبون يطرحون اراء وتوقعات متباينة لمستقبل العراق السياسي، ولكن اغلبها في حدود التكهنان والتمنيات، ‏بين ان تتوقف وتتلاشى التظاهرات تدريجيا حسب الادوار المرسومة لها من قبل السلطة الحاكمة، وبين ان تتصاعد نشاطاتها من مطالبها الاصلاحية ‏والخدمية الترقيعية، الى مرحلة التغيير السياسي الذي تقودة نخبة وطنية واعية تجبر الطبقة السياسية الحاكمة التخلي عن مناصبها وامتيازاتها، ‏وتطرح برنامجا سياسيا وطنيا بحل البرلمان وتعديل او الغاء الدستور وحل مجالس المحافظات وتشكيل حكومة انقاذ وطني لادارة البلاد.

 

الحديث ‏عن الصراع بين الشعب المنتفض وبين اطراف السلطة المتنفذة، هو صراع بين الحق والباطل، بين طرف فاسد مجرم يحاول التشبث بالبقاء ويحرف ‏سير المظاهرات ويدفعها الى الفوضى واعمال قتل وربما افتعال تفجيرات توقع عشرات الضحايا، وبالتالي تندفع اطراف السلطة لمنع التظاهرات تحت ‏مسوغ الاساءة للامن الوطني، والوطنيين المتظاهرين الذين يسعون بدورهم الى تعزيز وجودهم وثبات مواقفهم ، واجبار السلطة على تفديم تنازلات بحل ‏مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية واحالة المتهمين بجرائم الفساد الى المحاكم ، واقالة وزراء ومسوؤلين والتخلي عن السلطة باستقالة او ‏اقالة الرئاسات الثلاث‎ . . 

مهمة العبادي معقدة وشائكة، عليه ان يمتص غضب الشعب ويستثمر الدعم الذي حصل عليه من المتظاهرين، ويمسك ‏بزمام الامور ويلغي عضويته في حزب الدعوة وعضويته في التحالف الطائفي، ويطرح نفسه رئيس حكومة للعراقيين، ويبدأ بتشكيل قضاء نزيه، ‏ويكشف للعراقيين اين ذهبت صفقات الكهرباء البالغة (38 مليار دولار) ومن هم المتورطون في صفقات السلاح الروسية، وكيف صرفت الاموال التي ‏خصصت لبناء الجيش العراقي والتي بلغت 149 مليار دولار، والمتورطين الامنيين في صفقة كشف المتفجرات المزيفة، وسرقات عائديات النفط ‏العراقي التي بلفت حسب تقرير وزير النفط عادل عبد المهدي نحو 850 مليار دولار خلال الفترة 2003 -2015‏‎.

وفي الحديث عن التفاقمات الداخلية ينبغي الاقرار ان السلطة واقعة تحت ضغوط خارجية، ينبغي اخذها بالاعتبار في أي تطور سياسي يمس تغيير ‏السلطة القائمة، أميركا تبحث عن فرصة لإعادة نفوذها الى العراق الذي خسرته في الانسحاب العسكري المفاجىء عام 2011 تحت ضغط الشعب ‏المقاوم، وايران من الصعب الاستهانة بوجودها السياسي والاستخباري والعسكري وتحالفاتها مع الطرف الحاكم (التحالف الشيعي الطائفي) ، كما ان الوعي ‏السياسي الوطني بدأ يفهم جيدا ان الوجود الايراني يمنع اسقاط الاحزاب المتأسلمة الحاكمة التابعة لها، وهي تغذي وتدعم نوري المالكي وعمار الحكيم ‏ومن معهما للحفاظ على مصالحها في العراق وسورية ولبنان في اطار مشروعها الاقليمي الشرق اوسطي، من هنا فان معركة العبادي مع منافسية ‏صعبة وكبيرة للغاية‎.

هناك احتمال ان تندفع ايران او ميلشياتها العسكرية في العراق لدعم حلفائها في السلطة، ودون الحديث عن تاثير الصراع داخل ‏السلطة على تهديد داعش لبغداد او إلحاق هزائم بالجيش الحكومي، وهذا يضع الجماهير الثائرة امام مرحلة تعبئة وطنية واسعة للحفاظ على ‏امكانياتها وزخمها الشعبي للتحسب لأسوأ الاحتمالات . 

‏ هناك ثلات سيناريوهات لتطور الاحداث في العراق، ولكل من هذة السيناريوهات حساباتها ومخاطرها .. وعلى حكومة العبادي ان تختار:

الاول، ‏ان يضرب بيد من حديد على كل الفاسدين (ارصدة وعقارات وشركات وفضائيات)، وينحاز الى الشعب، وقد يؤدي هذا الى ‏الصدام مع منافسيه، ربما يدفع حياته ثمنا له.

الثاني، ان يقمع المظاهرات وينضم الى طبقة الفاسدين ويبقي السلطة كقوة قمعية للشعب.

الثالث، ان يلجأ ‏الى خيار الاستقالة وتشكيل حكومة طوارىء.

حفظ الله العراق وشعبه‎.‎

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,028,869

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"