طريق الانقاذ الوحيد للعرب هو قطع رأس الافعى ‏

‏صلاح المختار ‏

بقرت شويهتي وفجعت قلبي  وأنت لشاتنا ولــد ربيبُ‎

‏غذيت بـدرّها ونشأت مـعهـا  فمن أنبأك أن أباك ذيبُ

شعر عربي* ‏

 

 

عندما اقتنعت القيادة العراقية في ايلول عام 1980 بان النظام الصفوي لن يتوقف عن شن حربه ضد العراق  ‏والتي بدأها عمليا يوم 4-9-1980 الا بعد غزوه واسقاط نظامه الوطني، كما اعلن خميني بلا تردد، اتخذت قرارا تاريخيا ‏عظيما وصائب ستراتيجيا ووطنيا وقوميا وتاريخيا وهو الرد الحاسم  يوم 22-9-1980 اي بعد 18 يوما من بدء حرب ‏خميني على العراق، والهدف الرئيس كان تحييد امكانيات (اسرائيل الشرقية) وجعلها عاجزة عن اتمام مخطط الغزو، ‏وهكذا اثبتت  القيادة الوطنية العراقية انها كانت واعية لما يدور اقليميا وعالميا حول الامة العربية وبالاخص وجود ‏مخطط صهيوني غربي يقوم على تمكين نظام خميني من اشعال فتن طائفية في الوطن العربي . ‏

ومما يجب ان الانتباه اليه هو ان المخطط الغربي الصهيوني الفارسي كان يقوم على عكس واحدة من اهم قواعد ‏الحرب وهي البدء بكسر الحلقة الاضعف في سلسلة امن العدو لسهولة ذلك واستخدامها لاضعاف معنويات الاقوى ثم ‏التقدم لاجتياح الحلقات الاقوى وصولا للغزو الكامل . في حالة العراق تم العكس فقد اختار خميني وبتأثير صهيوغربي ‏اصبح معروفا البدء بالحلقة الاقوى وهي العراق المتقدم والقوي علميا وعسكريا وبشريا ، والذي حقق انجازات هائلة ‏غيرت الانسان والعمران بطريقة اذهلت الصديق قبل العدو ، فاذا سحق العراق فان بقية الاقطار العربية سوف ‏تسقط في احضان (اسرائيل الشرقية) بسهولة خصوصا جعلها تواجه فتنا وحروبا داخلية على اسس طائفية ‏وعنصرية وبذلك تتحقق اهم الاهداف الغربية والصهيونية وهو هدف ابقاء العرب متخلفين ومتناحرين . ‏

اذن المخطط بدأ في العراق ولكن ما قامت به القيادة العراقية قلب المخطط رأسا على عقب ووضع خميني وهو ‏الاداة الاخطر في تنفيذه في الثلاجة لمدة  15 عاما فمات مدمرا من الم الهزيمة امام العراق القوي يوم 8-8 -1980 عندما ‏اعترف انه مجبر على تجرع سم الهزيمة امام العراق ، ما علينا تذكره الان والخمينية تبدو  ثورا هائجا يكسر كل ما في ‏دربه هو مبادرة العراق الاستباقية واستخدامه لاقتداره الكبير في وضع المخطط في ثلاجة الفشل ، ولهذا فان نفس ‏القوى التي اختارت خميني لبدء عاصفة الفتن الطائفية والعرقية في الوطن العربي وهي الغرب الاستعماري ‏و(اسرائيل) الغربية قررتا كسر العراق القوي وتدميره كي تفتح الابواب مجددا لتدفق الايدز الفارسي المغلف بغطاء ‏طائفي زائف . ‏

اليوم نشكر الله الف مرة لان اغلبية العرب اقتنعت بان العدو المباشر والاخطر ، الان وفي هذه المرحلة ‏التاريخة البالغة الخطورة ، هو اسرائيل الشرقية ، والاهم ان بعض العرب في الحكم قد توصلوا الى نفس قناعة ‏العراق في عام 1980 وهي ان انهاء شرور (اسرائيل الشرقية) رهن بضرب الرأس اولا وليس الاذناب ، فالافعى الفارسية ‏تولّد فراخا كثيرة وتوزعهم في الوطن العربي كي تبدأ باللدغ عندما يحين الوقت ومهما فعلنا مع الافاعي الصغيرة فانها ‏تتوالد في حاضنتها الوحيدة وهي (اسرائيل الشرقية)، فالضرب اذن اذا اردنا النجاة من كوارثنا الحالية يجب ان يوجه ‏لـ(اسرائيل الشرقية) وليس فقط الى فروخها في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان وغيره . ‏

عندما انتصر العراق على نظام خميني ، و(اسرائيل الشرقية) في ذروة قوتها المعنوية حيث كان خميني يستطيع ‏دفع الالاف للموت كل شهر في ساحات الحرب باشارة منه وتلك قوة ضاربة تعادل عشرات القنابل النووية ، اثبت ان ‏الحل الوحيد لردع النخب القومية الفارسية هو العنف اولا وقبل كل شيء فلا شيء يقنع هذه النخب سوى القوة ‏الكبيرة الساحقة ، بعدها اخذت (اسرائيل الشرقية) وتحت قيادة خامنئي تتقرب من العراق في سعي خبيث لتطمينه ‏وتخدر احساسه بان خميني ينام تحت جلد خامنئي وانه لم يمت لان الخمينية ليست سوى اعادة انتاج كل اباطرة الفرس ‏وعنصريتهم واحقادهم الدموية عبر التاريخ ، وهي تظهر بين فترة واخرى لاشعال الحرائق والكوارث في الاقطار العربية ، ‏لكن العراق الذي لدغته النخب الفارسية تعلم الدرس والان المطلوب من العرب خصوصا بعد عاصفة الحزم وفتح ‏الصراع ضد التوسع الامبريالي الفارسي في اليمن هو الاقتناع الثابت بانه لن يكون هناك نصر نهائي وحاسم على (‏اسرائيل الشرقية) ولن ننجو من مخططاتها التدميرية الا بقطع راس الافعى هذه المرة.‏

ولكن علينا تذكر انه وان كانت حاضنة الافاعي الرئيسة هي (اسرائيل الشرقية) فان الغرب الاستعماري وخلفه ‏الصهيونية العالمية لهما مصلحة ستراتيجية في ابقاء الفتن الطائفية والعرقية والتي يقوم بها اساسا حكام طهران ‏بعد العجز شبه الكامل للغرب والصهيونية عن تحقيق هذا الهدف في العقود السابقة لوصول خميني للحكم . ‏

خطأ فادح ان ننسى ولو للحظة بان الغرب الاستعماري خصوصا امريكا تدعم بقاء الفتن الطائفية والتشرذم ‏العربي ولم تعد تكفي عشرات التصريحات الامريكية والبريطانية في اخفاءه وتولدت قناعات – والشكر لله  مرة ‏اخرى الف مرة – لدى من كانوا يعتمدون على امريكا في حمايتهم بان امريكا باعتهم لاسرائيل الشرقية في لعبة تقاسم ‏الاقطار العربية وثرواتها ، واصبحوا يتلمسون طريق الانقاذ الحقيقي وهو مواجهة (اسرائيل الشرقية) ولكن في ‏خارجها ومع نغولها وافاعيها العربية كالحوثيين وهذا خطأ ستراتيجي كبير وان كان يؤخر التقدم الفارسي في الوطن ‏العربي . ‏

الحل العراقي هو الدواء الشافي لامراضنا الامنية الاساسية في هذه المرحلة فما لم تضرب الحاضنة وتدمر مفاقسها ‏داخل (اسرائيل الشرقية) لن ننجو ابدا من كوارثنا وسوف تصل افاعي الفرس الى مكة والمدينة والدار البيضاء وسط بحور ‏من دماء العرب وتبديد لميلياراتهم في محاولات عبثية . فما هو الحل العراقي لازمة العربية  الحالية ؟

‏1-لقد قدمت (اسرائيل الشرقية) الاف الوثائق الرسمية على انها اباحت لنفسها التدخل الفظ في الشؤون الداخلية ‏العربية وبطريقة غير مسبوقة حتى من قبل دول الاستعمار الغربي لدرجة ان بعض قادتها قد اعلنوا بوقاحة فريدة بان ‏ايران تحكم اربعة اقطار عربية الان ، وهذه الحقيقة توفر لنا حجة معروفة وهي المقابلة بالمثل فمن تدخل في شؤوننا ‏نتدخل في شؤونه الداخلية بنفس الطريقة. اذن التدخل في الشأن الايراني حق مشروع لنا .‏

‏2-وبما ان الغرب والصهيونية لن يسمحا لدول الخليج العربي بتجاوز حد معين في اضعاف (اسرائيل الشرقية) ‏والضغوط ستمارس عليها للتوقف عند حد معين في اضعافها فان الحل الوحيد الضامن لمواصلة ضرب حواضن ‏الافاعي في عقر دارها هو دعم العراق ليتحرر من الغزو الفارسي ، وليس دعم مشاريع امريكية لخلق حالة بديلة ‏تخدم امريكا اولا و (اسرائيل الشرقية) ثانيا وتجعل التدمير والتشرذم العربي محكوما بضوابط امريكية صهيونية ‏بالدرجة الاولى اي انه لن يتوقف الا بالوصول الى الغاء الكيانات العربية القطرية الحالية وقيام دويلات الطوائف ‏والاعراق في كل قطر عربي مشرقا ومغربا .‏

نعم تستطيع دول الخليج دعم القوميات الخاضعة للاستعمار الفارسي خصوصا القومية العربية في الاحواز والتي ‏تملك سكانا يصل عددهم الى 10 ملايين عربي ولكن هل ستقف امريكا والغرب الاستعماري تتفرج على تفكك ‏(اسرائيل الشرقية) وهي ذخيرتها الستراتيجية الاساسية التي اسستها بريطانيا في عشرينيات القرن الماضي بضم ‏الاحواز الى فارس لتحقيق اهداف تتعلق بما يجري اليوم ؟ بالطبع كلا لن توافق امريكا ابدا الا على اضعاف (اسرائيل ‏الشرقية) وليس الغاء دورها . ‏

ولهذا فان العراق المحرر وتحت قيادة القوى الوطنية المختلفة هو الوحيد القادر على مواصلة ضرب ‏حواضن الافاعي الفارسية داخل (اسرائيل الشرقية)، فهو اقل تأثرا بالضغوط الخارجية وشعب العراق الذي واجه ‏اكبر الكوارث في تاريخه على يد الفرس منذ غزو العراق لن يقبل بأقل من تدمير المفاقس كلها وانهاء او تحييد من ‏يملكها  ومهما كان الثمن غاليا فالمطلوب هو ان نحمي اجيالنا القادمة من كوارث اسوء .‏

‏3-العراق لن يكون قويا بعد التحرير بوجود احزاب الرجل الواحد التي انشأتها امريكا عمدا وبالمئات كي تقوم ‏بشرذمة الشعب العراقي وتحويل قوته الى فسيفساء متوزعة على مصالح فئوية او شخصية او مناطقية وليس متجمعة ‏حول جبهة عريضة واحدة تضم كافة الوطنيين المتفقين على برنامج تحرير وطني ديمقراطي . ولهذا فان مخابرات الدول ‏العربية وبدون استثناء تعرف الان ان كل محاولاتها خلق تنظيمات جديدة وتحت مختلف الواجهات قد فشلت وان ‏الساحة العراقية فيها قوى تاريخية وفاعلة جدا شعبيتها تشمل كل العراق وتمثل كل شرائحه ولديها خبرات وامكانيات ‏عسكرية (بشرية) تكفي لضمان استقرار العراق المحرر ومنع اي ضغط عليه  او التوقف عند حد معين في اضعاف (‏اسرائيل الشرقية). فهل حان الوقت للانتقال من دعم كتل لا تأثير لها ولا دور فعال تستطيع لعبه الى التعاون المباشر ‏والفعال مع القوى الشعبية الفاعلة ؟ ان تحقيق هذا الانتقال هو ضمانة الانقاذ الحقيقية .‏

‏4- مخاوف بعض الاطراف الخليجية من القوى الكبيرة في العراق لم تعد مبررة ابدا لان هذه القوى تؤمن وبرسوخ ‏بأن العدو الان هو (اسرائيل الشرقية) وعندما تدمر مفاقس الفتن داخل (اسرائيل الشرقية) فان النخب القومية الفارسية ‏التي تعهدت بتدمير (ملك العرب) وشق الاسلام بعد فتح بلاد فارس برسالة الاسلام سوف تواصل محاولاتها لاعادة بناء ‏مفاقسها ، والاخطر هو ان الغرب الاستعماري والصهيونية لهما مصلحة في ابقاء المفاقس ولو بحدود وما ان توجد ‏مفاقس داخل (اسرائيل الشرقية) حتى تتكائر في لحظة تاريخية معينة وتعود هذه المرة لاشعال حرائق ستبدو كوارثنا ‏الحالية بالنسبة لها بسيطة .‏

ان ديمومة انتاج المفاقس والافراخ تجبر كل عربي على العمل وفقا لبديهية معروفة وهي ضمان الوجود اولا ‏وقبل تحديد اشكاله السياسية والايديولوجية ، فلكي نبقى كعرب علينا ان نحمي كياناتنا الوطنية وبعدها نستطيع ‏ان نجد طريقة مناسبة وودية وتوافقية لتحديد كيف نتعايش مع قبول اختلافات نظمنا السياسة واحترام التعددية ‏، ولدينا مثال ايجابي وهو ما فعلته الصين بتبني شعار دولة واحدة بنظامين اجتماعيين متناقضين هما النظام الراسمالي ‏والنظام الاشتراكي . وهذه التحربة تصلح للامة العربية ولو بطريقة تتناسب مع خصوصية الامة العربية وبالذات بهدف ‏حماية الامن القومي العربي . فهل بالامكان اقامة فدرالية  او كونفدرالية عربية تضم نظما ملكية وجهورية ؟

العدو المشترك (اسرائيل الشرقية وامريكا والصهوينة واطراف اوربية) بدأ بضرب العراق ومنه انطلق ‏لتدمير كافة الاقطار العربية فالرد العربي اذن يجب ان يكون المساعدة على اعادة بناء العراق ليعود هراوة ضخمة ‏جاهزة لضرب رؤوس النخب الفارسية كلما حاولت التجاوز على قطر عربي ، وهذا الضرب يشمل دعم كافة ‏القوميات الخاضعة للاستعمار الفارسي من اجل الاستقلال الحقيقي.

ألم تقم (اسرائيل الشرقية) بنفس الشيء مع ‏اكراد العراق وتركيا مثلا؟

وثمة ضرورة للتعاون مع اي قوة ايرانية تريد التعايش السلمي مع العرب، وتحييد التوسع ‏الامبريالي الفارسي تم على يد العراق بدحر خميني واجباره على شرب السم العراقي الزعاف، والان حان وقت اجبار خامنئي ‏او من سيخلفه على تجرع  حبة السيانيد العراقية.

حان وقت ان تعاني (اسرائيل الشرقية) مما يعاني منه العراق وسوريا ‏واليمن والبحرين ولبنان وكل قطر عربي وصل اليه الايدز الفارسي . ‏

الانقاذ يبدأ من العراق تذكروا ذلك ايها العرب وانتم تبحثون عن حلول رغم ان الحل جاهز وموجود امام ‏نواظركم . فمم تخشون وقد انكشفت كل الاقنعة ؟ ‏

* يحكي الشعر ان ذئبا صغيرا وجد متروكا فرباه الرجل مع شاته ولكنه عندما كبر اكلها مع انه نما بحليبها، هذا هو حال ‏نغول (اسرائيل الشرقية) العرب مثل الحوثيين وحزب الدعوة وحزب الله وجميعة الوفاق البحرينية وغيرها. ‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,628,594

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"