لماذا (اسرائيل الشرقية) أخطر من (اسرائيل) الغربية؟

صلاح المختار

من ينظر للدور الفعلي لـ(اسرائيل الشرقية) و (اسرائيل) الغربية يجد انهما يتميزان بما يأتي:‏

   ‏1-(اسرائيل الشرقية) تحتل اراض عربية اضعاف ما تحتله (اسرائيل) الغربية  واكثر ثراء وسكانا بكثير ‏فإقليم الأحواز اقتطعته بريطانيا من العراق وضمته لإيران عام 1925. الأحواز الغاز  فيها يُشكّل 100% من ‏ثروة الغاز الإيراني كله، والنفط الأحوازي يُشكّل 87% من النفط كله، فضلاً عن وجود 8 أنهار تصب في ‏منطقة الأحواز، وعليه فإن 65% من الأراضي الصالحة للزارعة متوفرة في منطقة الأحواز. هل هذا كل ما ‏يتعلق باهمية الاحواز العربية ؟ كلا ، مساحة الأحواز العربية (348) ألف كيلو مترٍ مربّع، أي أكثر من ‏مساحة بلاد الشام كلها (سورية والأردن وفلسطين ولبنان). ويبلغ عدد سكانها العرب أكثر من (12) ‏مليون نسمة اي ثلاثة اضعاف الفلسطينيين في الارض المحتلة الان . تمثّل (الأحواز) أخصب الأراضي في ‏المنطقة، وتمتدّ على طول الساحل الشرقيّ للخليج العربيّ بمسافة (850) كم، وعرض (150) كم .‏

والان هل يوجد عربي واحد يدافع عن فلسطين بصدق ويؤمن بتساوي الفلسطيني مع العراقي ‏والاحوازي يقبل باحتلال قطر عربي بهذا الحجم السكاني والجغرافي والقيمة الستراتيجية  الاستثنائية؟ ‏

السر الاساس في تسليم بريطانيا الاحواز لبلاد فارس وهو اسمها حتى عام 1925 هو انشاء كيان يملك الموارد المادية ‏التي تمكنه من مشاغلة العرب والاعداد لتعاقب خطوات المخطط الاستعماري الغربي القادمة لهذا كانت بريطانيا تعرف ‏انه بدون حل اخطر مشكلتين في بلاد فارس وهما شحة المياه وقلة الاراضي الزراعية فان الدولة الجديدة وهي ايران لن ‏تستطيع لعب دور اقليمي مرسوم في خدمة المصالح الاستعمارية والصهيونية لاحقا . فضم الاحواز اذن كان مقدمة ‏لتنفيذ خطوات الغرب بأنشاء كيانين معاديين للعرب احدهما المطرقة وهو (اسرائيل الشرقية) والاخر هو السندان ‏وهو (اسرائيل) الغربية وهذا هو سر الدعم الصهيوغربي لـ(اسرائيل الشرقية) حاليا . ‏

و (اسرائيل الشرقية) بالاضافة لذلك تحتل الجزر العربية الاماراتية وترفض اعادتها وتحتل اراض عراقية فيها ‏ابار نفط وتعلن بلا تردد ان كل المنطقة كانت فارسية ويجب ان تعود لحكم الفرس ، ناهيك عن اصرارها على تسمية ‏الخليج العربي بالفارسي رغم ان ضفتيه الشرقية والغربية يسكنها عرب ورغم ان منظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها ‏قدمت اقتراحا بتسمية الخليج باسم الخليج الاسلامي فرفضت طهران بشدة ذلك واصرت ومازالت تصر على ‏تسميته بالخليج الفارسي وتعد مناقشة ذلك تعد عليها ! وهذا بحد ذاته دليل حاسم على عنصرية (اسرائيل الشرقية) ‏‏. ولهذا اخذت تفتخر مؤخرا بقوميتها الفارسية وتخلت عن الادعاء القديم بانها تمثل توجها اسلاميا . ‏

‏2-(اسرائيل الشرقية) لديها نغول عرب او من اصول فارسية في الوطن العربي وهم خيول طروادة يخدمونها ضد ‏مصالح وطنهم ، بينما (اسرائيل) الغربية ليس لديها نغول الا بضعة عرب ومرتزقة من الكتاب والساسة وهذه اخطر ميزة ‏ستراتيجية لـ(اسرائيل الشرقية) لا تملكها (اسرائيل) الغربية وتتفوق فيها لانها تسمح لها بتحقيق اختراقات خطيرة داخل ‏بعض الاقطار العربية .‏

‏3-(اسرائيل الشرقية) دولة تدعي انها اسلامية ولديها روابط دينية وطائفية واجتماعية مع العرب وهي متغلغلة ‏داخلهم لانها جزء من العالم الاسلامي بينما (اسرائيل) الغربية كيان يهودي معاد للعرب وللاسلام وتكونت حصانة دينية ‏وقومية ضده لدى الشعب العربي  والمسلمين ، وهنا تكمن واحدة من اكبر نقاط ضعف (اسرائيل) الغربية .‏

‏4-(اسرائيل الشرقية) كيان مركزه صغير نسبيا وهو قومية فارس ونسبتها 35% من سكانها تقريبا  ولكن محيطه ‏المحتل يتكون من قوميات اخرى يشكل سكانها نسبة 65% تقريبا فاصبحت (اسرائيل الشرقية) دولة كبيرة لديها مركز قوي ‏ومتماسك لان الفرس قومية اصيلة في المنطقة وليست كيانا مستوردا مثل (اسرائيل) الغربية وهذه الميزة تجعل مركز (‏اسرائيل الشرقية) وهم لفرس اشد تماسكا وتطرفا في معاداة العرب من توأمها الغربي .‏

في العراق الذي وقع تحت الاحتلال الأميركي فقدمت أميركا للمخابرات الايرانية الفرص للعمل وتوجيه عصابات ‏تابعة لها للقيام بتصفيات جسدية للعرب العراقيين خصوصا الطيارين وضباط الجيش الوطني وفصائل المقاومة ‏العراقية باستخدام اساليب غير مسبوقة في قسوتها ووحشيتها مثل استخدام المثقاب الكهربائي لتثقيب رؤوس واجساد ‏المعتقلين او تقطيع اطرافهم وهم احياء او سحلهم حتى تتقطع اجسادهم ويموتون، او تفتح بطونهم بالسكاكين حتى ‏الموت او تشوى اجساد الاطفال في افران الخبز وتقدم على صينية لاهل الضحية او اغتصاب الشيوخ امام احفادهم ‏وزوجاتهم وجيرانهم اضافة لاغتصاب النساء والشباب والاطفال ، كل تلك الاساليب استخدمت والغريب ان من قام ‏بذلك صورها ونشرها في الانترنيت لارهاب الاخرين ! فهل قامت (اسرائيل) الغربية بكل تلك الجرائم البشعة وغير ‏المسبوقة ؟ ‏

‏5-السمة المشتركة لـ(اسرائيل الشرقية) و (اسرائيل) الغربية  انهما تخططان لقرون مسبقا وتعملان بجدية وبلا كلل ‏لتنفيذ ما تخططانه ومكمن خطرهما ان كل التخطيط الخاص بهما موجه اساسا ضد العرب وارضهم وهويتهم .  ‏

‏6-السمة المشتركة الاخرى بينهما انهما تتعاونان مع اي طرف مستعد لخدمتهما مهما بلغت خلافاتهما معه ، فمثلا ‏الصهيونية تعاملت مع نابيلون عندما كان قويا وعندما غربت شمسه اخذت تتعاون مع بريطانيا والاستعمار الفرنسي ‏الحديث ثم الأميركي والان تتعامل مع الروس والصينيين ، اما (اسرائيل الشرقية) فانها (تحارب) أميركا و (اسرائيل) الغربية ‏بالشعارات ولكنها تتعاون معهما عمليا فايرانغيت ليست اول ولا اخر مظهر للتعاون بين نظام خميني والشيطان الاكبر ‏أميركا والشيطان الاصغر (اسرائيل) الغربية وحسب توصيفات خميني لهما، بل هو تاريخ منحوت بالصخر . ‏

أميركا قدمت الدعم لـ(اسرائيل الشرقية) هي و(اسرائيل) الغربية في ايرانغيت ثم دعمت التمرد المسلح في جنوب العراق ‏الذي خططت له طهران بعد العدوان الثلاثيني على العراق (1991) فكان الخراب الذي تحقق على يد نغول الفرس اكبر ‏من كل الدمار الذي الحقته أميركا بالعراق خلال حرب دامت اكثر من 40 يوما ، و (اسرائيل الشرقية) تفاوضت مع أميركا ‏على اسقاط النظام الوطني في العراق فعقدت اجتماعات في سويسرا وغيرها ولعبت دورا حاسما واساسيا واخطر من ‏الدور البريطاني في الغزو واعترفت طهران رسميا على لسان كبار مسؤوليها وفي مقدمتهم علي خامنئي واحمدي نجاد ونائب ‏الرئيس  محمد علي ابطحي بانه لولا دعمها لما نجح الغزو الأميركي للعراق وافغانستان.‏

وطهران وليس غيرها من قدم ميليشياته المسلحة لدعم حكومة الاحتلال الاولى واعترفت بها قبل غيرها وتشكلت ‏الوزارة من نغول ايران والقوات المسلحة تتشكل من الميليشيات التابعة لايران وهي تحمي الاحتلال وتديمه وتقاتل ضد ‏المقاومة الوطنية ضد الاحتلال . وتخريب العراق وهو قرار أميركي تم على يد (اسرائيل الشرقية)، وعندما اجبرت أميركا ‏على الانسحاب بفضل عمليات المقاومة سلمت العراق الى (اسرائيل الشرقية) وليس الى رجالات أميركا التقلديين ‏وتلك كانت اشارة حاسمة تؤكد بالقطع ان أميركا تتعاون مع (اسرائيل الشرقية) لاجل تدمير العراق شعبا وهوية ‏ووطنا . ثم توج التعاون بتوقيع الاتفاقية النووية التي كانت دعما مباشرا لـ(اسرائيل الشرقية) التي كانت توشك على الانهيار ‏لاسباب اقتصادية وعسكرية وسياسية فقدم المال لمنع الانهيار . واخيرا وليس اخرا فان أميركا تخلت عن دول الخليج ‏العربي ودعمت غزوات (اسرائيل الشرقية) ليس للعراق فقط بل لسوريا واليمن وتبنت مواقف طهران تجاه البحرين ‏والسعودية والكويت وغيرها . ‏

أليس إقدام نظام الملالي على كل هذه الخطوات المتعاقبة والثابتة في التعاون المفتوح مع أميركا واسرائيل ‏الغربية تأكيد رسمي وعملي على ان (اسرائيل الشرقية) تتعاون مع الشياطين كلهم لخدمة هدف توسعها الاستعماري ‏في الارض العربية؟ نهج عدم التقيد بأي قيم اخلاقية او انسانية او دينية او قانونية الذي تتبعه (اسرائيل الشرقية) ‏مستنسخ من نهج (اسرائيل) الغربية ولكن باساليب بدائية وفجة واشد وحشية . ‏

‏7-(اسرائيل الشرقية) لا ديانة فعلية لها سوى الغزو والنهب والسيطرة لذلك تستخدم الجنس الجماعي مثل ‏زواج المتعة والاختلاط الجنسي مع العرب اثناء الزيارات الدينية وغيرها والزواج العادي لاختراق العرب بينما ‏تستخدمه (اسرائيل) الغربية في اطار عمليات مخابراتية منتقاة ومحدودة لانها تنبع من ديانة مغلقة لا تسمح بزواج ‏اليهود من غيرهم، و (اسرائيل الشرقية) تميزت عن توأمها الغربي بانها اكثر (كرما) من اي طرف عالمي او اقليمي في ‏استخدام المال لتجنيد الانصار ، بينما (اسرائيل) الغربية تدفع ولكن بحسابات يهودية دقيقة.

8-(اسرائيل الشرقية) مجاورة للعرب لكنها خارج نطاقهم الجغرافي وهي غير مطوقة بالعرب فهي لذلك افضل كثيرا في ‏اقتدارا في التحرك من (اسرائيل) الغربية التي تقع بين اقطار عربية كثيرة  وهذا يجعل قدرتها على التحرك الحر محدودة  ‏بالقوة فقط .‏

‏9-(اسرائيل الشرقية) اقدم في صراعها مع العرب من (اسرائيل) الغربية لان الفرس بدأوا حروبهم مع العرب قبل ‏اكثر من خمسة الاف عام عندما كانت القبائل الفارسية تغزو العراق دوريا بحثا عن الغذاء والماء اللذان تفتقر لهما . ‏

‏10-(اسرائيل الشرقية والغربية) تربطهما رابطة تعاون تاريخي معروفة منذ تدمير بابل وحتى الان ولم يشهد التاريخ اي ‏صراع فارسي يهودي ابدا على عكس العلاقة مع العرب حيث زخر التاريخ بصراعات وحروب بين العرب والفرس وتكونت ‏التركيبات السايكلوجية لدى عرب المشرق والفرس نظرات عدائية تغلي تحتها نزعات الثار والانتقام .‏

‏11-كلاهما تقومان بالغير وليس بالذات اي بالاعتماد على السطو على ثروات واراضي ومياه الغير لافتقارهما ‏للشروط المطلوبة لقيام دولة قوية متحكمة في المحيط لذلك فصراعهما مع العرب صراع وجود وليس صراع حدود ‏او مياه او ايدلوجيات .‏

‏12-كلاهما تقومان على السطو على الهوية الحضارية والثقافية للاخر وهو العربي .‏

‏13-كلاهما تستخدمان التاريخ مع تزويره لأجل تسويق هيمنتهما الاستعمارية على الاقطار العربية  .‏

‏14-مطامع (اسرائيل الشرقية) اكبر جغرافيا من مطامع (اسرائيل) الغربية حيث ان هدفها الستراتيجي هو السيطرة ‏على كل العالم الاسلامي ليكون قوة دولية تفرض نفسها على العالم كله بينما (اسرائيل) الغربية تريد احتلال ما بين الفرات ‏والنيل واستخدام الطبيعة النوعية لتلك المنطقة للسيطرة على الاقليم كله  ثم العالم . ‏

‏15-كلاهما يعتمدان على الغزو السكاني اولا فـ(اسرائيل) الغربية قامت على الهجرة اليهودية الى فلسطين تدريجيا ثم ‏بالغزو لاحقا وكذلك (اسرائيل الشرقية) حيث لديها مئات الالاف من المهاجرين الفرس الى العراق ودول الخليج العربي ‏والذين اكتسب الكثير منهم الجنسية العربية لكن الولاء بقي للوطن الام كما تثبت حالة البحرين والعراق والكويت .‏

اذن من الاخطر (اسرائيل الشرقية) ام (اسرائيل) الغربية؟

الجواب، عندما يكون المرء موضوعيا، واضح جدا.‏