هل‎# ‎العراق‎ ‎دولة‎ ‎ذات‎ ‎سيادة‎؟

عمر‎ ‎الكبيسي

لم‎ ‎يشهد‎ ‎قطر‎ ‎له‎ ‎كيان‎ ‎دولي‎ ‎معترف‎ ‎به‎ ‎كالعراق‎ ‎حيزا‎ ‎من‎ ‎التدخل‎ ‎الأجنبي‎ ‎المصحوب‎ ‎بالنفوذ‎ ‎السياسي‎ ‎والعسكري‎ ‎والاقتصادي‎ ‎كالعراق‎ ‎منذ‎ ‎اكثر‎ ‎من‎ ‎عقدين‎ ‎من‎ ‎الزمن‎ ‎ولغاية‎ ‎اليوم .

بعد‎ ‎حرب‎ ‎الخليج‎ ‎الثانية‎ ‎خضع‎ ‎العراق‎ ‎لعقوبات‎ ‎غادرة‎ ‎شرعنتها‎ ‎قرارات‎ ‎من‎ ‎الامم‎ ‎المتحدة‎ ‎منها‎ ‎الحصار‎ ‎الجائر،‎ ‎ثم‎ ‎تحديد‎ ‎مناطق‎ ‎تابعة‎ ‎له‎ ‎بخطوط‎ ‎منع‎ ‎الطيران‎ ‎واخضاعه‎ ‎لإجراءات‎ ‎الفصل‎ ‎السابع‎ ‎فيما‎ ‎يخص‎ ‎صادراته‎ ‎وموارده‎ ‎ومنح‎ ‎فرق‎ ‎التفتيش‎ ‎صلاحيات‎ ‎تفتيش‎ ‎مؤسساته‎ ‎ومقرات‎ ‎السلطة‎ ‎فيه.

‎وقد‎ ‎اعتبرت‎ ‎جميع‎ ‎هذه‎ ‎الإجراءات‎ ‎موضع‎ ‎استنكار‎ ‎كبير‎ ‎من‎ ‎الدولة‎ ‎والشعب‎ ‎وارغم‎ ‎العراق‎ ‎على‎ ‎قبول‎ ‎هذا‎ ‎الواقع‎ ‎المرير‎ ‎بسبب‎ ‎الظروف‎ ‎الصعبة‎ ‎التي‎ ‎احتسبها‎ ‎الواقع‎ ‎الدولي‎ ‎في‎ ‎حينها‎ ‎عقوبات‎ ‎واجراءات‎ ‎مفروضة‎ ‎لها‎ ‎دور‎ ‎في‎ ‎فك‎ ‎الاشتباك‎ ‎المسلح‎ ‎وطبيعة‎ ‎الصراع‎ ‎المفروض‎ .‎

بعد‎ ‎الغزو‎ ‎في‎ ‎نيسان‎ ‎عام‎ 2003 ‎اصبح‎ ‎مفعول‎ ‎الحصار‎ ‎وحظر‎ ‎الطيران‎ ‎منتفيا‎ ‎وبالرغم‎ ‎من‎ ‎شرعنة‎ ‎الاحتلال‎ ‎الأميركي‎ ‎دوليا‎ ‎بقى‎ ‎العراق‎ ‎تحت‎ ‎رعاية‎ ‎الفصل‎ ‎السابع‎ ‎لغاية‎ ‎فترة‎ ‎متأخرة‎ ‎وما‎ ‎زال‎ ‎تحت‎ ‎احكام‎ ‎البند‎ ‎السادس‎ ‎فيما‎ ‎يخص‎ ‎الرقابة‎ ‎والإشراف‎ ‎،‎ ‎صوَّرَيا‎ ‎اعتبر‎ ‎الإنسحاب‎ ‎الأميركي‎ ‎بعد‎ ‎توقيع‎ ‎إتفاقية‎ ‎الذل‎ ‎إنهاء‎ ‎لحالة‎ ‎الاحتلال‎ ‎واعتبر‎ ‎العراق‎ ‎محررا‎ ‎واقاموا‎ ‎فيه‎ ‎عملية‎ ‎سياسية‎ ‎وانتقاء‎ ‎للسلطات‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎انتخابات‎ ‎ودستور‎ ‎جديدٍ‎ ‎كُتَبَ‎ ‎بعد‎ ‎الاحتلال‎ . ‎و‎وفقا‎ ‎لذلك‎ ‎يفترض‎ ‎ان‎ ‎يكون‎ ‎العراق‎ ‎دولة‎ ‎استردت‎ ‎سيادتها‎ ‎واستقلاليتها‎ ‎بشكل‎ ‎كامل‎ .

واقع‎ ‎الحال‎ ‎لا‎ ‎يحمل‎ ‎مؤشرا‎ ‎واحدا‎ ‎يدلل‎ ‎ان‎ ‎العراق‎ ‎دولة‎ ‎مستقلة‎ ‎لها‎ ‎السيادة‎ ‎،‎ ‎على‎ ‎العكس‎ ‎من‎ ‎ذلك‎ ‎يشير‎ ‎الواقع‎ ‎أن‎ ‎العراق‎ ‎اليوم‎ ‎لا‎ ‎جغرافياً‎ ‎ولا‎ ‎عسكرياً‎ ‎ولا‎ ‎سياسياً‎ ‎او‎ ‎اقتصادياً‎ ‎هو‎ ‎بلد‎ ‎مستباح‎ ‎تحكمه‎ ‎سلطة‎ ‎لا‎ ‎تمتلك‎ ‎مقومات‎ ‎الحكم‎ ‎المدني‎ ‎او‎ ‎الدولة‎ ‎العصرية‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎المؤشرات‎ ‎التالية‎ :

‎1-‎الإنسحاب‎ ‎الأميركي‎ ‎كان‎ ‎انسحابا‎ ‎تكتيكيا‎ ‎اضطراريا‎ ‎بسبب‎ ‎الخسائر‎ ‎الفادحة‎ ‎المادية‎ ‎والمعنوية‎ ‎التي‎ ‎منيَّت‎ ‎بها‎ ‎الولايات‎ ‎المتحدة‎ ‎خلال‎ ‎تواجدها‎ ‎المكثّف‎ . ‎انسحبت‎ ‎أميركا‎ ‎من‎ ‎العراق‎ ‎ولم‎ ‎يكن‎ ‎فيه‎ ‎العراق‎ ‎آمنا‎ ‎أو‎ ‎مستقرا‎ ‎او‎ ‎معافيا‎ ‎،‎ ‎إيران‎ ‎حققت‎ ‎خلال‎ ‎فترة‎ ‎الاحتلال‎ ‎نفوذا‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎فاق‎ ‎النفوذ‎ ‎الأميركي‎ ‎في‎ ‎الساحة‎ ‎العراقية،‎ ‎والبنية‎ ‎التحتية‎ ‎فيه‎ ‎كانت‎ ‎محطمة‎ ‎بالرغم‎ ‎مما‎ ‎تدعيه‎ ‎مجموعة‎ ‎الإعمار‎ ‎وبرامجها‎  ‎والمقاومة‎ ‎العراقية‎ ‎وفصائلها‎ ‎فاعلة‎ ‎والصراع‎ ‎السياسي‎ ‎الطائفي‎ ‎والعرقي‎ ‎متأزم‎ ‎والفساد‎ ‎المالي‎ ‎والإداري‎ ‎في‎ ‎أوج‎ ‎استفحاله‎ . ‎وأميركا‎ ‎بنت‎ ‎لها‎ ‎سفارة‎ ‎ضخمة‎ ‎لا‎ ‎وجود‎ ‎لمثيلاتها‎ ‎في‎ ‎العالم‎ ‎وتركت‎ ‎خلفها‎ ‎طاقما‎ ‎متكاملا‎ ‎من‎ ‎آلالاف‎ ‎العسكريين‎ ‎والخبراء‎ ‎والمستشارين‎ ‎والاعلاميين‎ ‎وانسحبت‎ ‎ولها‎ ‎مركزا‎ ‎اعلاميا‎  ‎ومخابراتيا‎  ‎فريدا‎  ‎في‎ ‎التقنية‎ ‎والمهارات‎ ‎في‎ ‎كردستان‎ ‎،‎ ‎وانسحبت‎ ‎وهي‎ ‎تعرف‎ ‎جيداً‎ ‎ان‎ ‎اكثر‎ ‎من‎ ‎اربعين‎ ‎تنظيما‎ ‎مسلحاً‎ ‎ينشط‎ ‎في‎ ‎الشارع‎ ‎العراقي‎ . ‎لكن‎ ‎اميركا‎ ‎استمرت‎ ‎ولغاية‎ ‎اليوم‎ ‎في‎ ‎برنامج‎ ‎القتل‎ ‎المستهدف‎ ‎واستخدام‎ ‎الطائرات‎ ‎بدون‎ ‎طيار‎ ‎تشير‎ ‎معلومات‎ ‎استخبارية‎ ‎أميركية‎ ‎حديثة‎ ‎منشوره‎ ‎انه‎ ‎استهدف‎ ‎ابرياء‎ ‎بنسبة‎ ‎اكثر‎ ‎من‎ 80% ‎في‎ ‎العراق‎ ‎وفي‎ ‎دول‎ ‎اخرى‎.‎

2-‎أميركا‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎الحاكم‎ ‎بريمر‎ ‎وشلته‎ ‎،‎ ‎شكلت‎ ‎أكبر‎ ‎منظومة‎ ‎سلطوية‎ ‎فاشلة‎ ‎وفاسدة‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎وثبتت‎ ‎في‎ ‎السلطة‎ ‎القضائية‎ ‎والجيش‎ ‎البديل‎ ‎والسلطة‎ ‎التنفيذية‎ ‎شخوص‎ ‎عميله‎ ‎ولصوص‎ ‎وقطاع‎ ‎طرق‎ ‎باعلى‎ ‎الرتب‎ ‎والمناصب‎ ‎،‎ ‎تقاسمت‎ ‎فيها‎ ‎السلطة‎ ‎أحزاب‎ ‎عميلة‎ ‎جاءت‎ ‎مع‎ ‎الاحتلال‎ ‎من‎ ‎اوكار‎ ‎العمالة‎ ‎خارج‎ ‎العراق‎ .‎

3-أميركا‎ ‎عند‎ ‎غزوها‎  ‎للعراق‎ ‎فتحت‎ ‎الحدود‎ ‎لكل‎ ‎من‎ ‎هبَّ‎ ‎ودبَّ‎ ‎ليدخلوا‎ ‎العراق‎ ‎ودخلت‎ ‎في‎ ‎حينها‎ ‎كل‎ ‎تنظيمات‎ ‎التشدد‎ ‎والتكفير‎ ‎والميليشيات‎ ‎التي‎ ‎استمرت‎ ‎بتاجيج‎ ‎الصراع‎ ‎الطائفي‎ ‎وعصابات‎ ‎الخطف‎ ‎والقتل‎ ‎والتفجير‎ ‎والعنف‎.

4-‎المناصب‎ ‎الرئاسية‎ ‎والوزارية‎ ‎لم‎ ‎تكن‎ ‎تتشكل‎ ‎الا‎ ‎بتوافقات‎ ‎اميركية‎ ‎وايرانية‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎الزيارات‎ ‎المكوكية‎  ‎التي‎ ‎كانت‎ ‎تمارسها‎ ‎الادارة‎ ‎الأميركية‎ ‎وسلطة‎ ‎الملالي‎ ‎التي‎ ‎كانت‎ ‎تعقب‎ ‎كل‎ ‎فترة‎ ‎انتخابية‎ ‎وتشكيل‎ ‎حكومي‎ .‎

5-‎عقود‎ ‎النفط‎ ‎وتراخيص‎ ‎الاستثمار‎ ‎لسبع‎ ‎شركات‎ ‎نفطية‎ ‎عقدت‎ ‎بصيغ‎ ‎استثمار‎ ‎بشكل‎ ‎مريب‎ ‎تسببت‎ ‎في‎ ‎اكتمال‎ ‎هيمنة‎ ‎اميركا‎ ‎وحلفائها‎ ‎على‎ ‎النفط‎ ‎العراقي‎ ‎بشكل‎ ‎غادر‎ ‎لحقوق‎ ‎العراقيين‎ ‎ومواردهم‎ . ‎أما‎ ‎الإتفاقية‎ ‎الأمنية‎ ‎وملحقاتها‎ ‎التي‎ ‎مررها‎ ‎البرلمان‎ ‎الفاشل‎ ‎ففي‎ ‎بنودها‎ ‎وتفاصيلها‎ ‎الكثير‎ ‎من‎ ‎الخروقات‎ ‎التي‎ ‎تتعارض‎ ‎مع‎ ‎سيادة‎ ‎الدولة‎ ‎واستقلالها‎ ‎والله‎ ‎اعلم‎ ‎بما‎ ‎خفيَّ‎ ‎منها‎ .‎

6-‎جغرافيا‎ ‎الأرض‎ ‎العراقية‎ ‎اليوم‎ ‎مقطَّعة‎ ‎ومحتلة‎ ‎ومقسمَّة‎ . ‎اكثر‎ ‎من‎ ‎ثلث‎ ‎مساحة‎ ‎العراق‎ ‎يسيطر‎ ‎عليها‎ ‎تنظيم‎ ‎الدولة‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎والشام‎ ‎الذي‎ ‎استولى‎ ‎عليها‎ ‎بعد‎ ‎ان‎ ‎هزم‎ ‎فيالق‎ ‎الجيش‎ ‎خلال‎ ‎ايام‎ ‎واستولى‎ ‎على‎ ‎اسلحته‎ ‎ومعداته‎ ‎،‎ ‎فيما‎ ‎يشكل‎ ‎الاقليم‎ ‎الكردي‎ ‎حكومة‎ ‎وسلطة‎ ‎بصيغة‎ ‎الدولة‎ ‎المنفصلة‎ ‎في‎ ‎التصدير‎ ‎والاستيراد‎  ‎والقوة‎ ‎العسكرية‎ ‎والتعامل‎ ‎الدولي‎ .‎

7-‎التحالف‎ ‎الدولي‎ ‎الذي‎ ‎يظم‎ ‎أكثر‎ ‎من‎ ‎خمسين‎ ‎دولة‎ ‎يدخل‎ ‎بكل‎ ‎امكانياته‎ ‎العسكرية‎ ‎ومدربيه‎ ‎ومستشاريه‎ ‎ومقاتليه‎ ‎وبكل‎ ‎امكانياته‎ ‎الجوية‎ ‎الاراضي‎ ‎والاجواء‎ ‎العراقية‎ ‎يحسب‎ ‎بحد‎ ‎ذاته‎ ‎احتلال‎ ‎آخر‎ ‎يتعارض‎ ‎مع‎ ‎ثوابت‎ ‎السيادة‎ ‎والاستقلال‎ ‎حتى‎ ‎وصل‎ ‎الأمر‎ ‎لتصاعد‎ ‎شكوك‎ ‎وتصاعد‎ ‎تصريحات‎ ‎تشكك‎ ‎في‎ ‎وجود‎ ‎نوايا‎ ‎حقيقية‎ ‎لدى‎ ‎التحالف‎ ‎في‎ ‎التعامل‎ ‎مع‎ ‎مقاتلي‎  ‎تنظيم‎ ‎الدولة‎ . ‎مما‎ ‎كثف‎ ‎الجهود‎ ‎لتشكيل‎ ‎الحشد‎ ‎الشعبي‎ ‎ذو‎ ‎الخلفية‎ ‎الطائفية‎ ‎لمجابهة‎ ‎التنظيم‎ .‎

8-‎استخدام‎ ‎العراق‎ ‎ممرا‎ ‎جويا‎ ‎وطريقا‎ ‎بريا‎ ‎لعبور‎ ‎الاسلحة‎ ‎والمعدات‎ ‎وتسهيل‎  ‎تسفير‎ ‎افواج‎  ‎الميليشيا‎ ‎ت‎ ‎من‎ ‎العراق‎ ‎الى‎ ‎سوريا‎ ‎يتعارض‎ ‎مع‎ ‎ثوابت‎ ‎السيادة‎ ‎ومفهومها‎ .‎

9-‎محاولة‎ ‎تشكيل‎ ‎التحالف‎ ‎الرباعي‎ (‎الروسي‎ ‎الايراني‎  ‎العراقي‎ ‎السوري‎) ‎وتشكيل‎ ‎نواته‎ ‎بعنوان‎ ‎المركز‎ ‎المعلوماتي‎ ‎الاستخباري‎ ‎ونواته‎ ‎في‎ ‎بغداد‎ ‎ودخوله‎ ‎في‎ ‎ساحة‎ ‎الصراع‎ ‎وطريقة‎ ‎تشكيله‎ ‎ومباشرته‎ ‎بالعمل‎ ‎أيظا‎ ‎يشكل‎ ‎اختراق‎ ‎كبير‎ ‎لسيادة‎ ‎العراق‎ ‎المنتزعة‎ ‎اساسا‎ . ‎ناهيك‎ ‎من‎ ‎أن‎ ‎اسرائيل‎ ‎يهمها‎ ‎انتكون‎ ‎فاعلة‎ ‎وعلى‎ ‎اطلاع‎ ‎لم‎ ‎يزوده‎ ‎هذا‎ ‎المركز‎ ‎من‎ ‎معلومات‎ ‎وهذا‎ ‎مايفسر‎ ‎زيارة‎ ‎بوتين‎ ‎للكيان‎ ‎الصهيوني‎ ‎ولقائه‎ ‎مع‎ ‎نتانياهو‎ ‎والقيادة‎ ‎العسكرية‎!.‎

10‎سلوكية‎ ‎العبادي‎ ‎وحكومته‎ ‎وتلكؤه‎ ‎بتنفيذ‎ ‎منهجية‎ ‎الاصلاح‎ ‎وتحقيق‎ ‎التوازن‎ ‎والقضاء‎ ‎على‎ ‎الفساد‎ ‎،‎ ‎وظهوره‎ ‎بلباس‎ ‎الخوف‎ ‎والتردد‎ ‎في‎ ‎اتخاذ‎ ‎الخطوات‎ ‎الفاعلة‎ ‎يشكل‎ ‎دليلاً‎ ‎واقعيا‎ ‎عن‎ ‎غياب‎ ‎الارادة‎ ‎العراقية‎ ‎واستقلالية‎ ‎اتخاذ‎ ‎القرار‎ .‎

من‎ ‎النماذج‎ ‎الواقعية‎ ‎التي‎ ‎تظهر‎ ‎مواقع‎ ‎الضعف‎ ‎في‎ ‎مفهوم‎ ‎السيادة‎ ‎العراقية‎ ‎المخترقة‎ :‎

أ-تصريحات‎ ‎المسئولين‎ ‎الايرانيين‎ : ‎تصريحات‎ ‎جاءت‎ ‎على‎ ‎اكثر‎ ‎من‎ ‎مسئولي‎ ‎النظام‎ ‎الايراني‎ ‎وزراء‎ ‎ومراجع‎ ‎وعسكريين‎ ‎منها‎ :‎بغداد‎ ‎بالنسبة‎ ‎لنا‎ ‎هي‎ ‎عاصمة‎ ‎الامبراطورية‎ ‎الفارسية‎ ‎،‎ ‎ايران‎ ‎لم‎ ‎تعد‎ ‎حدودها‎ ‎الشلامجة‎ ‎اليوم‎ ‎وانما‎ ‎البحر‎ ‎الآبيض‎ ‎المتوسط‎ ‎،‎ ‎ايران‎ ‎تسيطر‎ ‎اليوم‎ ‎على‎ ‎اهم‎ ‎اربعة‎ ‎عواصم‎ ‎عربية‎ ‎هي‎ ‎بغداد‎ ‎ودمشق‎ ‎وبيروت‎ ‎وصنعاء‎ . ‎وعندما‎ ‎دخلت‎ ‎القوات‎ ‎الايرانية‎ ‎ودباباتها‎ ‎داخل‎ ‎العراق‎ ‎بعمق‎ 40‎كم‎ ‎في‎ ‎ديالى‎ ‎وعلى‎ ‎طول‎ ‎الحدود‎ ‎قال‎ ‎سليماني‎ ‎نحن‎ ‎نقاتل‎ ‎في‎ ‎عمقنا‎ ‎،‎ ‎وايران‎ ‎تفتخر‎ ‎وتشيع‎ ‎قادتها‎ ‎وقتلاها‎ ‎في‎ ‎معاركها‎ ‎بالعراق‎ ‎ولا‎ ‎تنكر‎ ‎ذلك‎ ‎ويفتخر‎ ‎سليماني‎ ‎بنشر‎ ‎الصور‎ ‎واللقاءات‎ ‎التي‎ ‎يجريها‎  ‎في‎ ‎جبهات‎ ‎القتال‎ ‎العراقية‎ ‎في‎ ‎صلاح‎ ‎الدين‎ ‎وديالى‎ ‎والانبار‎ ‎محاطاً‎ ‎بمقاتليه‎ ‎وميليشياته‎ ‎وبنفس‎ ‎الوقت‎ ‎يلتقي‎ ‎المسئولين‎ ‎دون‎ ‎مواعيد‎ ‎مسبقه‎ ‎ويزور‎ ‎العراق‎ ‎بلا‎ ‎دعوات‎ ‎رسمية‎ ‎؟‎ ‎ويلتقي‎ ‎المراجع‎ ‎وزعماء‎ ‎الكتل‎ ‎والاجتماعات‎ ‎الحزبية‎ ‎والقيادات‎ ‎العسكرية‎ ‎بلا‎ ‎سابق‎ ‎ترتيب‎ ‎وكأنه‎ ‎مسئول‎ ‎عراقي‎ ‎لا‎ ‎يتطلب‎ ‎بروتوكول‎ ‎ولا‎ ‎بترتيب‎ ‎مسبق‎ . ‎وإيران‎ ‎تضغط‎ ‎اليوم‎ ‎على‎ ‎العبادي‎ ‎باطلاق‎ ‎السلاح‎ ‎الجوي‎ ‎الروسي‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎ومثل‎ ‎هذه‎ ‎الدلائل‎ ‎والوثائق‎ ‎والتصريحات‎ ‎التي‎ ‎تضهر‎ ‎تعامل‎ ‎ايران‎ ‎مع‎ ‎العراق‎ ‎خارج‎ ‎حدود‎ ‎اللياقة‎ ‎الدبلوماسية‎ ‎والسيادة‎ ‎العراقية‎ ‎كثيرة‎ ‎ولا‎ ‎تحصى‎ . ‎

ب- التعامل‎ ‎الأميركي : ‎قاتل‎ ‎الأميركان‎ ‎ويتواجدون‎ ‎على‎ ‎ارضه‎ ‎لغاية‎ ‎اليوم‎ ‎باشتراط‎ ‎الحصانة‎ ‎وقتلوا‎ ‎الكثير‎ ‎من‎ ‎العراقيين‎ ‎المدنيين‎ ‎جوا‎ ‎وارضا‎ ‎وفي‎ ‎سجونهم‎ ‎ومارسوا‎ ‎الاغتصاب‎ ‎والسرقة‎ ‎والنهب‎ ‎والتعذيب‎ ‎وهربوا‎ ‎ارشيفه‎ ‎و‎ ‎وثائقه‎ ‎وآثاره‎ ‎ومخطوطاته‎ ‎وهربوا‎ ‎الاموال‎ ‎والسراق‎ ‎والقتلة‎ ‎والفاسدين‎ ‎بلا‎ ‎حساب‎ ‎ولا‎ ‎تعويضات‎ ‎او‎ ‎اعتذارات‎ . ‎وتصرفوا‎ ‎بالمال‎ ‎العراقي‎ ‎دون‎ ‎حساب‎ . ‎وهم‎ ‎يدخلون‎ ‎اليوم‎ ‎الى‎ ‎العراق‎ ‎بلا‎ ‎سابق‎ ‎انذار‎ ‎ويقصفون‎ ‎الاهداف‎ ‎والمدن‎ ‎الآمنة‎ ‎ويقتلون‎ ‎السكان‎ ‎بلا‎ ‎تنسيق‎ ‎او‎ ‎إعلام‎ ‎ويتعاملون‎ ‎مع‎ ‎عملائهم‎ ‎وصحواتهم‎ ‎بشكل‎ ‎مباشر‎ ‎دون‎ ‎تنسيق‎ ‎مع‎ ‎السلطة‎ .‎

ج‎- ‎تخترق‎ ‎الاجواء‎ ‎العراقية‎ ‎شرقا‎ ‎من‎ ‎قبل‎ ‎الطيران‎ ‎الايراني‎ ‎وشمالا‎ ‎من‎ ‎قبل‎ ‎الطيران‎ ‎التركي‎ ‎بشكل‎ ‎متكرر‎ ‎دون‎ ‎رادع‎ .‎وتتحرك‎ ‎تجمعات‎ ‎مسلحة‎ ‎بكل‎ ‎حرية‎ ‎وبتشجيع‎ ‎من‎ ‎السلطة‎ ‎الحاكمة‎ ‎للعبور‎ ‎الى‎ ‎سورية‎ ‎لمساندة‎ ‎هذا‎ ‎الفريق‎ ‎او‎ ‎ذاك‎ ‎لدولة‎ ‎مجاوره‎ ‎تشهد‎ ‎صراعا‎ ‎عسكريا‎ ‎سواء‎ ‎من‎ ‎شمال‎ ‎العراق‎ ‎او‎ ‎من‎ ‎وسطه‎ ‎وجنوبه‎ ‎،‎ ‎الا‎ ‎يمثل‎ ‎ذلك‎ ‎اختراق‎ ‎دولي‎ ‎،‎ ‎كيف‎ ‎ستتعامل‎ ‎دول‎ ‎الاقليم‎ ‎مع‎ ‎العراق‎ ‎ضمن‎ ‎ثوابت‎ ‎السيادة‎ ‎العراقية‎ ‎بالمقابل‎ ‎؟

د‎- ‎عندما‎ ‎تتعامل‎ ‎السلطة‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎تحت‎ ‎مفهوم‎ ‎طائفي‎ ‎إثني‎ ‎يبرر‎ ‎لإيران‎ ‎حق‎ ‎التدخل‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎او‎ ‎وسوريا‎ ‎او‎ ‎البحرين‎ ‎او‎ ‎اليمن‎ ‎بتبرير‎ ‎حماية‎ ‎طائفة‎ ‎معينة‎ ‎وعندما‎ ‎تبرر‎ ‎فتاوى‎ ‎المراجع‎ ‎والزعامات‎ ‎الدينية‎ ‎للطوائف‎ ‎وتخضع‎ ‎لها‎ ‎سياسيا‎ ‎و‎ ‎واقعيا‎ ‎،‎ ‎في‎ ‎الوقت‎ ‎الذي‎ ‎يتواجد‎ ‎فيها‎ ‎تحالف‎ ‎دولي‎ ‎بقيادة‎ ‎الولايات‎ ‎المتحدة‎ ‎التي‎ ‎تصرح‎ ‎تكرارا‎ ‎ومرارا‎ ‎ان‎ ‎خطر‎ ‎الميليشيات‎ ‎الايرانية‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎وسوريا‎ ‎هو‎ ‎أخطر‎ ‎من‎ ‎ميليشيات‎ ‎ومقاتلي‎ ‎تنظيم‎ ‎الدوله‎ ‎،‎ ‎كيف‎ ‎تتوقع‎ ‎السلطة‎ ‎الحاكمة‎ ‎في‎ ‎بغداد‎ ‎ان‎ ‎تتعامل‎ ‎معها‎ ‎في‎ ‎القتال‎ ‎ضد‎ ‎التنظيم‎ ‎وفي‎ ‎التعامل‎ ‎مع‎ ‎مقاتلي‎ ‎الحشد‎ ‎الشعبي‎ ‎الذي‎ ‎يحمل‎ ‎ويقاتل‎ ‎بسمة‎ ‎طائفية‎ ‎،‎ ‎وكيف‎ ‎يستطيع‎ ‎العبادي‎ ‎ان‎ ‎يبت‎ ‎في‎ ‎موضوعة‎ ‎اتخاذ‎ ‎قرار‎ ‎بمشاركة‎ ‎حلف‎ ‎روسي‎ ‎ايراني‎ ‎لقتال‎ ‎تنظيم‎ ‎الدوله‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎وجود‎ ‎قوات‎ ‎التحالف‎ ‎الدولي‎ ‎التي‎ ‎تعترف‎ ‎بخطورة‎ ‎التدخل‎ ‎الايراني‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎،‎ ‎الا‎ ‎يعني‎ ‎ذلك‎ ‎ان‎ ‎السلطة‎ ‎الحاكمة‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎نفسها‎ ‎لا‎ ‎تستطيع‎ ‎بسبب‎ ‎الاجندات‎ ‎التي‎ ‎تكبل‎ ‎صلاحياتها‎ ‎ان‎ ‎تفرض‎ ‎سيادتها‎ ‎واستقلاليتها‎ ‎في‎ ‎اتخاذ‎ ‎القرار‎ ‎الصائب‎ ‎؟‎.‎

ه‎- ‎اذا‎ ‎صحت‎ ‎فرضية‎ ‎وجود‎ ‎توافق‎ ‎دولي‎ ‎على‎ ‎خلفية‎ ‎الاتفاق‎ ‎النووي‎ ‎بين‎ ‎مجموعة‎  (5+1)‎وايران‎ ‎بتسويات‎ ‎وحلول‎ ‎لصالح‎ ‎الدول‎ ‎المشاركة‎ ‎بالتفاوض ‎ومنها‎ ‎الصراع‎ ‎الروسي‎ ‎مع‎ ‎أوكرانيا‎ ‎في‎ ‎القرم‎ ‎والتواجد‎ ‎الروسي‎ ‎في‎ ‎سوريا‎ ‎ضمن‎ ‎صفقة‎ ‎الحلف‎ ‎الايراني‎ ‎الروسي‎ ‎السوري‎ ‎العراقي‎ ‎المفترض‎‎، فإن‎ ‎مجرد‎ ‎وجود‎ ‎مثل‎ ‎هذا‎ ‎الافتراض‎ ‎وموافقة‎ ‎العراق‎ ‎على‎ ‎تدخل‎ ‎روسي‎ ‎لمجابهة‎ ‎تنظيم‎ ‎الدولة‎ ‎لقاء‎ ‎صفقة‎ ‎لا‎ ‎علاقة‎ ‎للعراق‎ ‎فيها ‎وتشكيل‎ ‎المركز‎ ‎الاستخباري‎ ‎لتبادل‎ ‎المعلومات‎ ‎ومقره‎ ‎بغداد‎ ‎كما‎ ‎اعلن‎ ‎يعد‎ ‎بحد‎ ‎ذاته‎ ‎اختراق‎ ‎لسيادة‎ ‎العراق‎ ‎التي‎ ‎يفترض‎ ‎ان‎ ‎التحالف‎ ‎الدولي‎ ‎قد‎ ‎شكل‎ ‎وتمت‎ ‎الموافقة‎ ‎على‎ ‎القيام‎ ‎بهذه‎ ‎المهمة‎ ‎وليس‎ ‎لتحالفات‎ ‎جديدة‎ ‎اخرى‎.‎

و‎- ‎من‎ ‎المعروف‎ ‎ان‎ ‎منصب‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهوريه‎ ‎العراقية‎ ‎هو‎ ‎منصب‎ ‎يقره‎ ‎التصويت‎ ‎للبرلمان‎ ‎الاتحادي، في‎ ‎الازمة‎ ‎السياسية‎ ‎الحالية‎ ‎في‎ ‎اقليم‎ ‎كردستان‎ ‎تفاقم‎ ‎الخلاف‎ ‎بين‎ ‎الاحزاب‎ ‎الكردية، مما‎ ‎دعا‎ ‎برزاني‎ ‎للمطالبة‎ ‎بتبديل‎ ‎الرئيس‎ ‎فواد‎ ‎معصوم‎ ‎بمرشح‎ ‎يختاره‎ ‎من‎ ‎حزبه‎ ‎،‎ ‎لمحاولة‎ ‎حل‎ ‎المشكلة‎ ‎التي‎ ‎هي‎ ‎اساسا‎ ‎صلاحية‎ ‎السلطة‎ ‎الاتحادية‎ ‎وليست‎ ‎سلطة‎ ‎الاقليم‎ ‎،‎ ‎تتدخل‎ ‎الادارة‎ ‎الأميركية‎ ‎وايران‎ ‎وبريطانيا‎ لايجاد‎ ‎حل‎ ‎لهذه‎ ‎الازمة‎ ‎لانها‎ ‎أطراف‎  ‎كانت‎ ‎صاحبة‎ ‎القرار‎ ‎بتوزيع‎ ‎المناصب‎ ‎الرئاسية‎ ‎على‎ ‎المرشحين‎ ‎،‎ ‎أي‎ ‎سيادة‎ ‎هذه‎ ‎للعراق‎ ‎الذي‎ ‎تتحكم‎ ‎فيه‎ ‎ايران‎ ‎واميركا‎ ‎بتعيين‎ ‎رئاساته‎ ‎؟‎ .‎

خلاصة‎ ‎القول‎ ‎تكمن‎ ‎في‎ ‎ان‎ ‎طبيعة‎ ‎العملية‎ ‎السياسية‎ ‎التي‎ ‎اسسها‎ ‎الاحتلال‎ ‎في‎ ‎العراق‎ ‎والقائمة‎ ‎على‎ ‎المحاصصة‎ ‎الطائفية‎ ‎والعرقية‎ ‎،‎ ‎هي‎ ‎عملية‎ ‎خائبة‎ ‎وفاشلة‎ ‎لا‎ ‎يمكن‎ ‎أن‎ ‎تؤسس‎ ‎لمفهوم‎ ‎الدولة‎ ‎العصرية‎ ‎التي‎ ‎تحترم‎ ‎سيادتها‎ ‎وسيادة‎ ‎الدول‎ ‎التي‎ ‎تحيط‎ ‎بها‎ ‎او‎ ‎تتعامل‎ ‎معها‎ ‎،‎ ‎والتي‎ ‎افقدت‎ ‎مفهوم‎ ‎السيادة‎ ‎واستقلالية‎ ‎اتخاذ‎ ‎القرار‎ ‎فيه‎ ‎وانعكست‎ ‎على‎ ‎طبيعة‎ ‎الواقع‎ ‎المؤلم‎ ‎الذي‎ ‎يعاني‎ ‎منه‎ ‎العراق‎ ‎ويفتك‎ ‎به‎ ‎ليصبح‎ ‎العراق‎ ‎ساحة‎ ‎صراع‎ ‎عسكري‎ ‎اقليمي‎ ‎ودولي‎ ‎مدَّمِر‎ ‎ومنهك‎ ‎قد‎ ‎يطول‎ ‎أمده‎ ‎وتتفاقم‎ ‎نتائجه‎ ‎بشكل‎ ‎لا‎ ‎تحمد‎ ‎عقباه‎ ‎على‎ ‎مستقبل‎ ‎العراق‎ ‎ومصيره‎.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,615,973

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"