#عبدالرزاق_عبد الواحد.. أما آن لمطحنة الكراهية أن تهدأ؟

علي جعفر العـلاق

سنواتٌ مرت ونحن نغرق في هذا الفحيح الطائفيّ والعرقيّ، سنواتٌ ونداءات الانتقام والكراهية تملأ عظامنا ليل نهار. وكنا نظن، واهمين، أن اتحاد الأدباء في العراق، وهو منظم الحراك الأدبيّ وحاضنته كما يفترض، سيكون الجهةَ التي يُـقبل منها الصحو وفعل التهدئة ولأم النسيج الاجتماعيّ.

 

كنا نحتاج، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، إلى تنقية الضمير والتعالي على الضغائن وهتافات الثأر. والتي لا يبررها إلاّ ضعة النفس، وتلوث الضمير الأدبيّ، وغياب المروءة .

أنْ يبخلَ اتحاد الأدباء على الراحل الكبير عبدالرزاق عبدالواحد بنعيٍ رسميّ أمر يدعو إلى السخرية والإشفاق، ذلك أن الاتحاد، إن كان ممثلاً للأدباء العراقيين حقاً، أحوج إلى شاعر كبير كعبدالرزاق عبدالواحد، أكثر من حاجة عبدالرزاق إلى اتحادٍ هزيلٍ كهذا.

هل هناك أكثر خسة من فعل التشفي بموت مبدع كبير مثل عبدالرزاق عبدالواحد؟ أين كبر النفس الأدبية الحساسة، وعصفُ المخيلة الرحبة أمام هذا الحدث المهيب؟ وأين انصياع الذاكرة للنسيان الشريف أمام تجربة الموت ورهبته التي لا تحد؟

لم يبقَ لا ثأرٌ ولا خصومةْ

بيني وبين حارسِ الأيامْ

كلٌ مضى، سـيّجَ بالغمامْ

تاريخـَهُ، كلٌ رأى تخومـَهْ ..

أي عقل أدبي هذا؟ أية ذاكرة فجة تلك التي لم تدخر شيئاً من أحداث الماضي الأدبيّ، وتحولات المواهب الكبرى في فلتاتها أو انسجامها، في رقتها أو تجبرها الرهيب، من المتنبي إلى سعيد عقل. ومن جون شتاينبك إلى إزرا باوند؟

أما آن لمطحنة الحقد والانتقام والثارات أن تهدأ؟

من أكثر منا، نحن الأدباء، إدراكاً إلى أن الشعر كان وسيظل سجلاً للروح البشرية، لا في لحظات سموها فقط بل في لحظات ضعفها المهلك أيضاً؟ ما أحوجنا إلى لمسة من الصفح الجميل نلطف بها بعضاً من صلفنا المقيت، أن نقر بآدميتنا القابلة للكسر، أن نغفر للمواهب الكبرى بعض زلاتها أو عثراتها الحتمية أو المشتهاة.

متى نعطي للموهبة الكبرى حقها في الاختلاف أو الخطأ طالما أن بعضكم أعطى الحق لنفسه، لا في الخطأ بل في الخطيئة كذلك. أوليست مناصرة المحتل خطيئة؟ أليست سرقة المال العام خطيئة ؟ اليس الانحياز إلى الطائفة أو العرق خطيئة؟

لقد وقف عبدالرزاق عبدالواحد ويوسف الصائغ، كلاهما، مع الوطن بحكمته وتهوره بنهوضه وإنحداره . وشتان بينهما وبين من يقف مع المحتلين والجهلة واللصوص في سعيهم لتدمير الوطن والهيمنة عليه.

ربما أفلح القتلة وأنصاف الشعراء في حرمان عبدالرزاق عبدالواحد ويوسف الصائغ من وطنهما العراق فترة من الزمن، لكنهم فشلوا في حرمان العراق منهما، فسيظل هذان الشاعران الكبيران خالدين في سجل الشعرية العراقية الباهر، وفي ذاكرة العراقيين جميعاً .

وأمام هذا الموقف المشين، أعلن استقالتي من اتحاد الأدباء في العراق داعياً الشرفاء والموهوبين الحقيقيين من أعضائه إلى اتخاذ ما تمليه عليهم ضمائرهم انتصاراً لكرامة المبدع

وعظمة موهبته حياً وميتاً ..

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,627,822

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"