ما الهدف الابعد للحرب على الارهاب؟! ‏

سامي سعدون

‏تفجيرات باريس في 13 تشرين ثاني/ نوفمبر الجاري تأتي للمرة الثانية خلال العام الحالي، و‏صاحبها تلاحم وانتفاض غربي وتداعي لتوسيع نطاق التحالف الدولي للحرب على الارهاب..

 

اذ يتواصل ‏قصف طائرات التحالف الدولي بقيادة اميركا، وبمشاركة روسية على مواقع المنظمات الارهابية في ‏سوريا وكذلك ضربات اقل في العراق.. والتصعيد في الحملات المناوئة للعرب والمسلمين والتي لم تخلو ‏من اللائمة والتهديد والشتائم والوعيد والاساءات باعتبار انها فصيل يتخذ من الاسلام شعاراً وهوية، واتهام الدين الاسلامي بانه راع للارهاب وهو ما يخالف الحقيقة وما معروف وثابت من ان الاسلام دين ‏رحمة وسلام وانسانية وهو بعيد كل البعد عن اعمال العنف وكل افعال هذه التنظيمات المسيئة والمعادية ‏للاسلام الحنيف، فما يحدث من اعمال عنف في اوربا، يقيم الدنيا ولا يقعدها! بينما تمارس دول وسلطات ‏وانظمة حكم واحزاب وميليشيات اعمالاَ ارهابية افظع واشنع واكثر دموية وتكاد تكون يومية ومنذ عدة ‏سنوات وهو ما يحصل، بشكل خاص في العراق وسوريا وقبلهما فلسطين على يد الصاينة المغتصبين ‏ولعدة عقود وحتى اليوم ،وفيما يحصل، بشكل عام في اكثر من عاصمة عربية آخرها تفجيرات هذا اليوم ‏في فندق في العريش المصرية راح ضحيتها عدد من القضاة ورجال القانون! وتفجير في حافلة للامن ‏الرئاسي في العاصمة التونسية حصد الكثير من الاروا.

والغريب ان هناك تجاهلاً لما يحصل في المنطقة ‏العربية من اعمال عنف وحروب وتدخلات واعتداءات عسكرية لم تتوقف، وهذا الارهاب لم يحرك العالم ‏الغربي! فمن اوجد المنظمات الارهابية؟ ولماذا استهداف باريس مرتين (تفجيرات مجلة "شارل ايبو" ‏مطلع العام الحالي والتفجيرات الستة الاخيرة) ولصالح من تأجيج الخلاف والتصعيد والاستعداء الغربي ‏ضد العرب والمسلمين، وماهو الهدف الابعد للحرب على الارهاب؟

الولايات المتحدة الاميركية ومنذ قيامها قوة استعمارية باغية بدأت بابادة سكان اميركا الاصليين ولن ‏تتورع عن ابادة البشرية من اجل مصالحها واستمرار تسيدًها وطغيانها ،ولهذا بنت سياساتها على انها ‏في حرب دائمة وفي مواجهة عدو كبير حتى وان تطلًب اختلاقه موهمة العالم وبالذات الغربي الحليف ‏بمخاطرهذا العدو على الديمقراطية والانسانية والامن والسلام العالميين!! وفي الحرب الباردة كان عدو ‏المعسكرالغربي بزعامة اميركا.. هو المعسكر الاشتراكي الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي، وقبيل انهيار‏‏ القطب الدولي الثاني مطلع التسعينات وانفراد اميركا كقوة عظمى وحيدة في العالم راجت نظريات ‏وصدرت بحوث عن قوى تزعم انها المنافسة والمهددة للاميركان والغرب والتي يجب التخلص ‏منها، ومن ابرز ما صدر (صراع الحضارات) للمفكر الاميركي (صموئيل هينتغتون) تحدًث عن هذه ‏الحضارات ومنها (الحضارة العربية والاسلامية) ووقتها صنعت مطابخ المخابرات الاميركية ودعمت ‏تنظيم القاعدة وزعيمها (اسامة بن لادن) لمحاربة الروس الكفرة بعد غزو الاتحاد السوفيتي افغانستان.

‏وبعد خروج الغزاة الروس عام 1989 وما تلا ذلك من انهيار للاتحاد السوفييتي ومعسكره الذي اذهل ‏العالم، وخروج بن لادن عن طاعة اميركا اعتبرت واشنطن ان ارهاب ومخاطر القاعدة وابن لادن وكل ‏من عدًته (خارجاً على القانون الاميركي) هو العدو الذي يجب  التصدي له وهي بهذا تستهدف الحضارة ‏الاسلامية وبدأت حربها بالعرب القاعدة الاساسية للاسلام والحضارة الاسلامية  والتي تحتل دولها مناطق ‏ستراتيجية فضلا عن غناها بالثروات النفطية ، فبعد غزو افغانستان باعتباره ملاذ الارهاب ومكان تواجد ‏مسلحي تنظيم القاعدة ، شنت عدوانها الاثم على العراق عام 1991 وفرضت حصاراً جائراً استمر 13 ‏عاماً بزعم "علاقة العراق بابن لادن والتعاون مع القاعدة" وتواصل تآمرها باختلاق اكذوبة امتلاك ‏العراق لاسلحة دمار شامل وتهويل مخاطره على العالم اجمع، وبعد احداث 11 ايلول عام 2001 والتي ‏يجمع الكثيرون ان للولايات المتحدة يد فيها لتقنع العالم بانه مهدد بالارهاب!! وسمت انذاك (محور الشر) ‏الارهابي المتمثل بايران والعراق وكوريا الشمالية .. لتشن حربها المدمرة على العراق انتهى باحتلاله عام ‏‏2003 واقامت سلطة عميلة وسلمته لنظام الملالي في طهران.

واذا كانت الولايات المتحدة قد صنعت ‏القاعدة، وانها المسؤولة عن مجيء داعش الفصيل الذي انشق على القاعدة، فان النظام الايراني الحليف ‏والشريك للولايات المتحدة في احتلال العراق وتنفيذ مخطط تفتيت العالم العربي برسمة جديدة لخارطة ‏الشرق الاوسط .. اصبحت الراعي الاول للمنظمات الارهابية وفتحت اراضيها لتواجد قادتها وتدريب ‏عناصرها فضلاَ عن مدَهم بالمال والسلاح وهنا التقت مصالح واشنطن مع طهران وفق اجندتهما الطامعة ‏في العالم العربي، وقد عملا معاً على احتضان التنظيمات الارهابية، وبالذات داعش، لتتغَول وتصبح بهذه ‏القوة والامكانات حيث تبسط سلطتها وتواجدها على مساحات واسعة داخل العراق وسوريا!

وبعد هزيمة ‏اميركا في العراق وانسحاب قواتها اواخر عام 2011 وبالتنسيق وسياسة مفضوحة اطلقت فيه يد ايران ‏في المنطقة لتتمدد في 4 عواصم عربية فضلاً امتداداتها هنا وهناك وهذا ما يخدم السياسة الاميركية في ‏تفتيت واضعاف العالم العربي ،وان ايران خير من ينفذ سياسة طائفية تزيد من الشرخ بين بلدان العالم ‏الاسلامي وبين ابناء البلد الواحد وبما ينسحب مستقبلاً على العالم الاسلامي اجمع ، لهذا سهلت واشنطن ‏لايران احتفاضها ببرنامجها النووي وفق اتفاق فيينا وبما يحرر اقتصادها من العقوبات ويعطي لايران ‏دوراً اكبر في المنطقة ..اذن من اوجد الارهاب هي اميركا ومن خلفها الغرب اضافة لايران وان هؤلاء هم ‏المستفيدون من استشراء ظاهرة الارهاب التي ستبقي المنطقة في فوضى وعدم استقرار وفقدان للامن ، ‏ووفق ذلك تأتي العمليات الارهابية في دول مختارة اما لمواقفها السياسية، وهو الارجح،او كونها سهلة ‏الاختراق امنيا او من خلال التنوع في تركيبتها السكانية وهذا ما ينطبق على فرنسا التي استهدفت مرتين ‏خلال هذا العام وذلك لانها كانت اكثر مجموعة 5+1 تشدداً في المفاوضات النووية مع ايران  وموقفها ‏من نظام بشار الاسد في سوريا، فضلاً عن انها لم تنضم للتحالف الدولي الذي تقوده اميركا في الحرب ‏على الارهاب، وربما لموقفها الايجابي من التدفق الكبير الاخير للاجئين وبالذات لاجئي سوريا والعراق ‏رغم وجود جالية ضخمة للعرب والمسلمين (اكثر من 6 مليون مسلم غالبيتهم من العرب) اذ انها فتحت ‏ابوابها امام عشرات الالاف منهم ، وفعلاً وبعد التفجيرات الاخيرة اعلنت باريس انضمامها الى التحالف ‏الدولي في الحرب على الارهاب، وانها لانت في موقفها المتشدد ازاء نظام الاسد في سوريا، فاهداف ‏العمليات الارهابية على الاراضي الفرنسية او اي بلد غربي هي لدفع هذه البلدان على اتخاذ مواقف ‏متشددة ضد العرب والمسلمين ، وهو ما يشفي غليل العنصريين والمناوئين.

ولهذا كانت وزيرة خارجية ‏السويد مصيبة في اتهامها للكيان الصهيوني ، فالصهاينة هم ألد اعداء العرب والمسلمين وان افتعال ‏حرب صليبية هو ما يخدم سياستهم ومشاريعهم في المنطقة، فالحرب على الارهاب هي الشرارة التي ‏ستشعل حرباً صليبية جديدة بعد ان تأكل الحرب الطائفية قوة العالم الاسلامي بتصعيد الخلافات واشعال ‏حرب واسعة  بين الشيعة والسنة وقد اوكلت هذه المهمة بالنظام الايراني الحاقد ونتائج ذلك واضحة فيما ‏يجري على الساحتين العراقية والسورية والذي اضعف وادي عملياً الى تقسيم هذين البلدين ! وبدلاً من ‏ادانة ايران وتجريمها كونها دولة راعية للارهاب ومصدراً له، دعا عدد من المفكرين والكتًاب والمحللين ‏الاميركان والغربيين بعد تفجيرات باريس الى التحالف الاقوى مع ايران وكان اخر هذه الدعوات دعوة ‏‏(هنري كيسنجر) للولايات المتحدة بالاعتماد على ايران في الشرق الاوسط " وذلك  تفادياً لخطر سقوط ‏المشروع الاميركي في المنطقة "فيما اعرب (رون بروسر) السفير الاسرائيلي في واشنطن اثناء ‏حضوره حفلاً لتكريم (قورش) الملك الفارسي الذي دمرً الحضارة البابلية العراقية قبل 2500 عام "عن ‏امله في ظهور قورش جديد ليعيد امجاد الامبراطورية الفارسية"!! فالهدف الابعد للحرب على الارهاب ‏الذي تقوده الولايات المتحدة هو اشعال حرب عالمية لاتقل بشاعة ودموية من الحروب الصليبية ضد ‏العرب والمسلمين.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,623,056

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"