الجيش العراقي بين حقبتين

الصورة: فوج موسى الكاظم، أول أفواج جيش العراق عند تأسيسه عام 1921.

موفق الخطاب

تطل علينا اليوم الذكرى الخامسة والتسعين لتأسيس الجيش العراقي الباسل والذي رأى النور  في السادس من يناير كانون الثاني من عام1921.

 

ذلك الجيش المهاب الذي تأسس على اصول وطنية وعقائدية وذلك بعد انبثاق اول حكومة عراقية برئاسة السيد عبدالرحمن النقيب في عام 1920 والتي أفضت الى تأسيسه بعد عام على تشكيلها، وكان نواة للضباط العراقيين، ثم اعقبه تنصيب فيصل الاول ملكا للعراق بمباركة أولئك الضباط الذي وضعوا للجيش قواعده واعمدته، فكان له الدور الفاعل في كافة صفحات تأريخ العراق الوطني المعاصر، مما جعله جيشا صانعا لكثير من محطات العراق السياسية وصمام امان للاستقرار والسلم الاهلي.

وبدأ الجيش بفوج موسى الكاظم ثم توالت التشكيلات البرية للمشاة والدروع والمدفعية حتى انضمت لصفوفه القوة الجوية في عام 1931، واستمر ذلك الجيش بالتكامل والتطور حتى وصل أوج عظمته وقوته في ثمانينيات القرن الماضي، عندما اوقف ببسالته المد الايراني والثورة الخمينية وجرع خميني واتباعه كما اعترف هو كأسا من السم الزعاف.

وكانت ايران خميني وذيولها والكيان الصهيوني وعملائه يحسبون ألف حساب لذلك الجيش الذي كان مفخرة للعرب.

وحقيقة سبب قوته وتماسكه منذ تأسيسه ولغاية حله بعد احتلال العراق عام 2003 انه بني على عقيدة صحيحة بعيدا عن الاثنية والطائفية والمناطقية، ففيه من القيادات اللامعة من الكرد والسنة والشيعة واليزدية والمسيحيين والصابئة، مايشار لهم بالبنان، والذين اصطفوا جميعا كجسد واحد للدفاع عن حياض الوطن ومساندة جميع الحكومات، ملكية وجمهورية، ابان جميع الحروب التي خاضها ذلك الجيش، كونه جيش يأتمر بأمر السلطات العليا وليس له شأن في السياسة وتداعياتها.

لقد وصل ذلك الجيش مرحلة من المهابة ان تحذر ايران واذنابها، بعد ان اشبعت مؤخرة جنود الولي الفقية بركلات الجندي العراقي وتورمت ضربا، مجرد التفكير حتى بالتقرب من الحدود العراقية ولو بكتيبة استطلاع برية، ولم يكن لأي جهة داخلية او خارجية ان تتحرك اي حركة تفسر اخلالاً بالامن او انتقاصا من السيادة ليلتفت لها ذلك الجيش ويقبرها في مهدها، ولو تحركت اي آلية عسكرية وان كانت حتى صدئة وخارجة عن الخدمة ومهما كان وزنها وتاثيرها بمحاذاة اي حدود دولية لدخلت تلك الدولة اعلى درجات الانذار، وبمجرد صدور اي بيان من القيادة العامة للقوات المسلحة تتزاحم الجرذان مذعورة بالعودة الى جحورها.

لم يكن العراقي يعرف يومها لكلمة الارهاب معنى سوى ماسمعه وشاهده من التلفزيون من فلم لعادل امام عن الارهاب.

لقد كان وجود قادة مهنيين شجعان كأمثال عدنان خير الله وعبدالجبار شنشل وسعيد حمو ونزار الخزرجي وسلطان هاشم، وعشرات القادة اللامعين في صفوف ذلك الجيش، مرعباً لكل ارهابيي العالم بالتفكير بالتحرش بالعراق او ىإجتياز حدوده.

ولقد علم المحتل الأميركي يقينا ان السبب الرئيسي لتماسك الوضع في العراق، رغما للحصار والحروب، هو ذلك الجيش، فعمد باتخاذ اول قراراته بحله والتنكيل بقياداته وتصفيتهم واعتقالهم، لتنتهي حقبة وتبدأ حقبة اخرى ابتدأت باستبداله بميليشيات ومجاميع جاهلة متخلفة، فكل ميليشيا دفعت بحصتها من رجال لايعوا للشرف العسكري ومهنيته معنى، وجلهم قضى حياته اما خائنا هاربا مطاردا او يدير الحانات والنوادي الليلية، او مسؤولا عن اقفاص الاسرى يسومهم سوء العذاب، ومنهم من كان صنعته بيع العتيق من الاثاث يلف بحماره ازقة بغداد، سكيرا لا يعرف ليله من نهاره، ليتبوأ بعدها اعلى المناصب بقيادة كتائب وألوية وفرق وفيالق!! فتشكل جيشا مسخا لايمتُّ للوطن والوطنية بشيء، وتسارعت أميركا بتسليحه بالثقيل من المعدات، وغاب عنها ان ذلك الجيش كغثاء السيل بدون عقيدة تجمعهم ولا وطنية تحصنهم وتمنعهم، فكان اول تجربة ان انهار ذلك الجيش العرمرم، ولم يستطع مجابهة المئآت من مسلحي داعش، فخلعوا زيهم العسكري ونياشينهم واستبدلوها بأثواب مدنية ودشاديش عربية، وضاع  بخوارهم ثلث العراق.

والحديث عنه يطول ولنا معه فصول..

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,052,917

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"