ثمة حقيقة قد لا يختلف ويتناطح حولها إثنان ، إلّا من كان منهما في صدره مرض وفي رأسه علة ، وهي أنّ الحاكم السياسي في كل العالم ، هو من يأمر الجيش والجيش ينفّذ.
أميركا مثلاً لم تحاسب أو تعدم جنودها الغزاة الذين قاموا بجرائم إبادة جماعية في العراق واستعملوا فيها اليورانيوم والفوسفور الأبيض والقنابل المحرّمة . وأميركا المتوحشة أيضاً ، لم تعاقب حتى الضباط والطيارين الذين استعملوا القنابل الذرية وقتلوا نحو ربع مليون إنسان في هيروشيما وناغازاكي باليابان .
كردستان العراق وهي الآن دولة مستقلة عملياً ونفسياً ، أصدرت هي الأخرى عفواً بعد الغزو عن كل الضباط والوزراء الأكراد العاملين قبل الغزو ضمن منظومة ونظام الرئيس صدام حسين، وبعض هؤلاء ممن شارك بمعارك كانت ساحتها كردستان وكثرة من ضحاياها أكراد .
المحمية الخضراء ببغداد المريضة سجنت وأصدرت أحكام إعدام ضد قادة جيش العراق الشجاع النزيه المهنيّ ، والسبب هو أنّ وليّها خامنئي ما زال غارقاً في لعبة الثأر وليس بمقدوره نسيان واقعة كأس السم والزقنبوت، يومَ تجرعهُ كبيرهم الذي أرضعهم الدجل والشرّ في ثمانينيات القرن البائد.
هكذا احتفل العراقيون المنقسمون المفصومون بيوم الجيش العظيم ، فواحدٌ مهووس موتور مريض جاهل يقول لك إنّ ضباط الجيش السابق الذين تحولوا من سجون الوحوش الأميركان إلى زنازين المحمية الخضراء ، إنما هم من أزلام نظام صدام حسين ويستحقون الإعدام ، وعندما تقول له وفق قاعدة القياس والمقارنة العادلة والجدل بالتي هي أحسن إنَّ علينا إذن أن نسجن ونعدم بالرصاص كلَّ الضباط والسياسيين العراقيين القائمين الآن على عرش الحكم ، لأنهم هربوا وجبنوا وسلموا ثلث العراق وسلاحه إلى داعش قليلة العدد والعدة . هنا يضحك صاحبك على طريقة (كفيان شرّ ملّا عليوي) ويختم هزيمته الحوارية بجملة "على كلٍّ"!
ولكي تكتمل الصورة وتتنظف من التزوير والنفخ ، نقول إنّ حرب الأعوام الثمانية مع إيران هي حرب خميني التي أشعلها تحت شعار (تصدير الثورة وتحرير القدس عن طريق تحرير بغداد)، وأيامها بال الدجال على الثورة وأفتى بجواز استيراد السلاح من (إسرائيل) إبنة الشيطان الأكبر في واقعة إعترفت بها إيران وعمائمها وأفنديتها ، اسمها فضيحة ايران غيت أو إيران كونترا .
في تلك الحرب أيضاً استعمل جيش خميني السلاح الكيمياوي ضد مدينة حلبجة العراقية الكردية . وبسبب حرب خميني المجنونة الطائفية، حصلت قضية الكويت ، وبهذه السلسلة المأساوية ، ضاع تأريخ جيش العراق الشريف ، وتاهت وتغبّشت وتضببت صورته النبيلة الجميلة.