قوات نظامية إيرانية تدخل إلى عمق الأراضي العراقية وتقيم في ثلاثة معسكرات ثابتة شرق البلاد، أحدها في مندلي، والآخر في خانقين، والثالث قرب منفذ المنذرية الحدودي، فماذا وراء استقرار هذه القوات ولماذا دخلت؟
قبل أيام أعلن وزير الدفاع الإيراني أن بلاده تدعم العراق دعماً كاملاً بالسلاح والجيش، بعدها مباشرة دخلت هذه القوات واستقرت في المعسكرات، ولفهم ما وراء هذه الخطوة لابد من معرفة الظروف المحيطة بها، فقد سبق هذه الخطوة إرسال قوات من الجيش الحكومي إلى محافظة البصرة وبدأ عملية نزع الأسلحة من بعض الأهالي داخل المحافظة، وقد أعلن أن هذا الإجراء جاء على خلفية نزاع عشائري في المحافظة، لكن الحقيقة ليست كذلك فكثير ممن أخذت أسلحتهم لا علاقة لهم بالقبيلتين المتشاجرتين، وقد ظهر أحد قادة الميليشيات في البصرة وهو يتوعد الحكومة بسبب هذا الإجراء، وعدم إسناد الأمر للقوات الأمنية الموجودة في البصرة والتي يبلغ قوامها 33 ألف عنصر، ما يدل على أن الأمر هو لتقليم أظافر الميليشيات هناك، وبالتأكيد فإن ذلك قد جاء بأمر أميركي إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي.
بعد ذلك هناك حدث آخر وهو مبادرة الميليشيات الإيرانية بمضايقة أفراد شرطة نينوى الذين يتدربون في معسكر سبايكر ومحاصرتهم، وأمرهم بإلقاء أسلحتهم، ثم اعتراض هذه الميليشيات لرتل مؤلف من خمس ناقلات تحمل أسلحة من بغداد إلى معسكر زيلكان الذي يتدرب فيه جموع من الأكراد والعرب لعمليات تحرير الموصل، وبعد أخذ ورد وحجز لساعات وصلت الناقلات إلى المعسكر، كل ذلك جاء بعدما اختلفت الميليشيات فيما بينها بسبب منع الأميركيين مشاركتهم في معارك الأنبار، يتزامن كل ذلك مع وصول قوات الفرقة 101 الأميركية إلى بغداد، ثم بعد ذلك خطفت الميليشيات ثلاثة أميركيين من أصل عراقي في بغداد يعملون مع الفرقة الأميركية، ومعها يتم الإعلان عن اكتمال تدريب وتسليح قوات تحرير الموصل من تنظيم الدولة «داعش» وأن هذه القوات التي تعرف بالحشد الوطني أصبحت جيشاً متكاملًا.
مجموع هذه الأحداث كانت سبباً في نزول قوات إيرانية إلى العراق واستقرارها في معسكرات، فقد شعرت إيران ببدء عمليات تحجيمها.
كما أن قضية تسليح العرب السنة تعتبرها إيران أمراً خطيراً يهدد وجودها في العراق، لأنها تريد إبقاء السنة ضعفاء بدون سلاح، وإذا كانت في السنوات السابقة تنفذ أعمالاً انتقامية بحق العرب السنة وهم يملكون شيئاً من القوة يقاومون بها أميركا، فهذه المرة العرب السنة لن يواجهوا أميركا بالقوة البسيطة التي حصل عليها بعضهم بأي عمل عسكري بل على العكس ستكون هناك قبائل سنية تقاتل مع أميركا ضد «داعش» والميليشيات، وقد جربت إيران في السابق كيف أن الصحوات التي شكلتها أميركا سنة 2007 في الأنبار، توجهت إلى البصرة وهزمت الميليشيات الشيعية هناك.
لذا أنزلت إيران قواتها في معسكرات عراقية لتكون هذه المعسكرات منطلقاً لقواتها إلى مناطق أخرى في العراق وأولها بغداد، لتحافظ على نفوذها في البلد الأهم بالنسبة لها.