فتاوى وإرهاب!‏

جاسم الشمري‏

في كل يوم تثبت الأحداث أن العراق دولة الميليشيات، ومنذ العام 2005 وحتى الآن ‏والعراقيون تقع عليهم كوارث وجرائم الميليشيات غير المنضبطة بدين أو قانون.‏

 

آخر الجرائم الميليشياوية ما وقع في مدينة المقدادية شمال شرق مدينة بعقوبة مركز ‏محافظة ديالى (45 كم شمال شرق بغداد)، حيث نفذت تلك الميليشيات عشرات ‏الجرائم بحجة الانتقام لضحايا التفجير الإجرامي الذي وقع في مقهى شعبي في المدينة، ‏والغريب أن غالبية ضحايا التفجير هم من السنة وليسوا من الشيعة، ورغم ذلك وجدنا ‏أنه - وخلال أقل من ساعتين - تم تفجير أربع مساجد بعد انتشار الميليشيات في عموم ‏المدينة وعبثها بأرواح المدنيين العزل وممتلكاتهم، وهذا يؤكد أن الأمر دبر بليل!‏

السؤال الذي حير ملايين العراقيين هو:

من الذي يقود هجمات القتل والاختطاف ‏والخراب في المقدادية وغيرها، هل هي الأجهزة الأمنية الحكومية أم ميليشيات الحشد ‏الشعبي؟!‏

الحقيقة أن الطرفين متهمان بالقضية. فإذا كانت الأجهزة الأمنية تقف وراء تلك ‏الكوارث من طرف خفي - وهو ما أكدته التجارب السابقة - فتلك مصيبة ما بعدها ‏مصيبة، وذلك لأنه حينما يكون المسؤول عن حماية أرواح الناس وممتلكاتهم هو ‏القاتل واللص، فتلك كارثة لا يمكن علاجها إلا ببناء قوات أمنية جديدة من الألف ‏للياء!‏

ويبقى الطرف الآخر - وهو المتهم الواضح في القضية - وهم عناصر الحشد الشعبي.‏

وهذا الاحتمال يقودنا لنقاش الموضوع على النحو الآتي:‏

الحشد الشعبي نُظم بموجب فتوى السيد علي السيستاني المرجع الشيعي، فهذا يعني - ‏بحكم الشريعة والمنطق - أن الحشد منضبط بالدين - ونحن هنا نفترض فرضيات ‏ينبغي تفهمها - بينما أفعالهم تشهد بخلاف ذلك!‏

حينما نقرأ ساحة الجرائم التي يمارسها الحشد يمكننا أن نجزم أن غالبيتهم قتلة ‏مأجورون لا يضبطهم خلق أو دين، وإلا فهل قتل الآمنين من المدنيين والنساء ‏والشيوخ هو من الجهاد الكفائي؟!‏

ثم في أي دين أو مبدأ أخلاقي أو إنساني تستباح المساجد وتفجر؟!‏

وهل اعتقال المواطنين بلا ذنب جزء من مكافحة الإرهاب المزعوم؟!‏

وهل نهب المحلات التجارية وسرقة منازل المهجرين حلال في قواميس الحشد؟!‏

ثم وفقاً لأي قانون أو مبدأ سياسي أو أمني يمكن تفهم أن كلاً من رئيس مجلس النواب ‏سليم الجبوري، ورئيس الحكومة حيدر العبادي لم يتمكنا من دخول المقدادية بسبب ‏سيطرة الميليشيات عليها، فهل هي دولة ميليشيات، أم دولة شيء آخر لا يمكننا توصيفه ‏بسهولة؟!‏

هذه التساؤلات وغيرها بحاجة إلى إجابات دقيقة وصريحة من مكاتب المرجعيات ‏الشيعية ومن مكتب رئيس حكومة بغداد باعتباره رئيساً للحكومة والقائد العام للقوات ‏المسلحة، الذي يقود الحشد الشعبي عبر هيئة الحشد المرتبطة به مباشرة!‏

وهنا يمكننا أن نقترح بعض المقترحات الهادفة لإنهاء حالة الفلتان الأمني في العراق، ‏ومنها:‏

‏- حل ميليشيات الحشد الشعبي بأمر مباشر من رئيس الحكومة، بعد استصدار فتوى من ‏المراجع الشيعية بحرمة هذه الحشود غير الشرعية وغير القانونية باعتبارها هي التي ‏أفتت ابتداءاً بتشكيلها.‏

‏- عدم السماح بحمل أي سلاح خارج نطاق القوات المسلحة وفقاً للدستور.‏

‏- اعتقال كافة أفراد الحشد الشعبي الذين ثبتت بحقهم جرائم قتل وتسليب واستخدام ‏جائر للقانون.‏

‏- عدم السماح لأفراد الحشد بالانخراط في صفوف القوات الأمنية بأي حال من ‏الأحوال.‏

هذه المقترحات يمكن أن تعيد بعض الهيبة للدولة التي صار القاصي والداني يشهد ‏بأنها دولة ميليشيات يأكل القوي فيها الضعيف!‏

‏ حالة الفوضى الأمنية لا يمكن أن تكون سبباً من أسباب الوفاق والتلاحم المجتمعي ‏والإنساني بين العراقيين، بل على النقيض من ذلك ستكون سبباً لنشر الجريمة المنظمة ‏وزرع الأحقاد، وانهيار البلاد أمام هذه الأمواج الجارفة من الإجرام الميليشياوي العلني ‏والمدعوم من المرجعية والحكومة وغالبية الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية ‏العراقية بما فيها مكتب رئيس حكومة بغداد.‏

فإلى متى هذا الضياع للعراق؟!‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,617,258

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"