عن إستنساخ تجربة #الولي_الفقيه في #العراق

منى سالم الجبوري

يسعى الکثيرون لتبرير عدم نجاح العملية السياسية العراقية بعد احتلال العراق، بعدة أسباب منها عدم إستعداد الشعب العراقي لهضم و تقبل الديمقراطية وقوى دولية وإقليمية تسعى من أجل مصالحها الخاصة الحيلولة دون ذلك، وغلبة العقلية العرقية والطائفية والقبلية على ساسة وأحزاب العراق.

 

وبطبيعة الحال فإننا ومع تحفظنا الکامل على أول فقرة، وقبولنا بالفقرتين الاخريين، فإننا نرى بأنه لابد من التوسع في النقطة الثانية، والسعي لتسمية الامور بمسمياتها.

العملية السياسية لعراق مابعد حزب البعث ومنذ أن شرعوا بتفعيلها على الارض، کان هنالك طرفان محددان يهيمنان عليها و يوجهانها، ولهما الدور والتأثير الاکبر عليها، وهما الولايات المتحدة وايران، أما الدول الاخرى وخصوصا الاقليمية الاخرى فيمکن وصف دورها بالهامشي أو الثانوي في أفضل الاحوال، ومن يراجع العملية السياسية العراقية طوال الاعوام السابقة، يجد إنها کانت أشبه ماتکون بکرة تتلاعب بها واشنطن و طهران، مع تصورنا إن طهران کانت الاکثر إستغلالا للفرص لأسباب مختلفة.

تناول الدورين الأميركي والايراني في العراق يدفع للإقرار بوجود إختلاف شاسع بينهما من حيث علاقتهما وحجم دورهما و تأثيرها على الاوضاع، ذلك إن الدور الأميركي هو بالاساس دور طارئ ومحدد بالکثير من العوامل والظروف في حين إن الدور الايراني هو دور مختلف تماما، فهو دور له إمتداد وعمق تأريخي وسياسي وديني، بالاضافة الى عامل آخر مهم وحساس وهو إن العديد من القوى السياسية في العراق قد تم تأسيسها أو تمويلها أو إختراقها من جانب إيران بل و حتى إن البعض من الشخصيات التي عوَّل عليها الأميركيون قبل وأثناء وبعد الاحتلال کانت على علاقة وصلة قوية بالمخابرات الايرانية.

القادة الايرانيون، کانوا قبل حرب الکويت والاحتلال الأميركي للعراق يعدون العدة لإعداد وتهيئة القوى السياسية ـ الفکرية التي ستسيطر على العراق عند حدوث طارئ ما هناك، وفي أثناء الحربين آنفتي الذکر، فإن مساعي طهران بشأن الهيمنة على العراق صارت تجري بإتجاه وسياق يمکن تشبيهه بمن ينتظر سقوط تفاحة ناضجة في حضنه، خصوصا وان أغلب القوى التي تم إعدادها لهذا الغرض کانت تتسلم رواتبها من طهران حتى بعد دخولها العراق عقب الاحتلال الأميركي للعراق!

ونعود للموضوع الاساسي وهو أسباب عدم نجاح العملية السياسية في العراق وخصوصا تطبيق الديمقراطية، حيث إن طهران ومن خلال بيادقها"الشيعية" و"غير الشيعية"، قد لعبت دائما الدور الاکبر والاهم تأثيرا، ويکفي أن نشير الى إنها کانت وراء إعادة السياسي الفاشل والمشبوه نوري المالکي الى الحکم لولاية ثانية على الرغم من خسارته في الانتخابات وفوز أياد علاوي فيها، کما إن الاحزاب والمکونات والجماعات والميليشيات المختلفة التابعة لإيران، ما انفکت من الدعوة وبطرق وأساليب مختلفة لإستنساخ تجربة نظام ولاية الفقيه في العراق (رغم إنها کما رأينا ويرى العالم کله دمرت إيران وأثقلت کاهل شعبها بالمشاکل والازمات).

السعي لإستنساخ تجربة إستبدادية قمعية لم تجلب على الشعب الايراني سوى المجاعة والفقر والدمار والمآسي والانقطاع عن العالم الخارجي والدوران في حلقة مفرغة، هو کارثة ومصيبة بحد ذاتها، وهذه المجاميع التابعة أو المسيرة بشکل أو بآخر من جانب طهران، هي التي تقف وراء جمود العملية السياسية في العراق وإخفاقاتها المستمرة ووصولها الى طريق مسدود، ولا ندري الى متى سيبقى هذا الجري غير السديد وغير المجدي وراء تجربة مشبوهة وعقيمة کتجربة نظام ولاية الفقيه؟!

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,047,000

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"