لا تذبحوا حبيبنا #العراق!‏

جاسم الشمري

التعايش هو السمة الأبرز في حياة الإنسان، ومن ذلك سمي الإنسان إنساناً لأنه يأنس ‏بالآخرين، ولا يمكن للإنسان السوي أن يعيش على هذا الكوكب معزولاً عن بقية بني ‏آدم، لأن الإنسان ميال للاجتماع والمدنية بطبعه، ومن غير مفهوم التعايش السلمي ‏تكون الحياة عبارة عن غابة مخيفة ومرعبة لا وجود فيها للحب والسلام والبناء ‏والعطاء.‏

 

والتعايش السلمي هو مصطلح يراد به: القدرة على العيش المشترك، والقبول بالتنوع، ‏بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر، أو هو الوجود أو التأقلم المشترك بين ‏مكونات مختلفة في مكان أو وطن واحد.‏

والتعايش ربما يكون على مستوى الدول أو على مستوى الأفراد داخل الدولة الواحدة.‏

ويقصد بالتعايش بين الدول" قيام تعاون بين دول العالم، على أساس من التفاهم وتبادل ‏المصالح الاقتصادية والتجارية"، وهذا المصطلح ظهر بعد الحرب العالمية الثانية ‏وانقسام العالم إلى معسكرين متقاتلين.‏

واليوم هنالك العديد من دول العالم العربي بحاجة إلى إحياء أو تنشيط مفاهيم التعايش ‏والسلم والقانون، ومن هذه الدول العراق، الذي صار أهله يحلمون بالأيام الخوالي التي ‏كانت أبعد ما تكون عن التناحر والحروب والتجاوز على الآخرين وحقوقهم.‏

وضمن السياسات الهادفة لتخفيف حدة التناحر في العراق أعلنت لجنة الأوقاف ‏والشؤون الدينية النيابية اطلاقها لمبادرة التعايش السلمي في العراق يوم الاحد ‏الماضي، وبحسب رئيس اللجنة عبد العظيم العجمان فان" هنالك مستفيدين من الأزمة ‏والصرعات الطائفية الراهنة، لتفكيك البلاد وبعثرته وتركه متخلفاً في جميع المجالات ‏ومهدور المصالح، وأن حسم ملف التنوع واختلاف الهويات وادارته بشكل سيلم - ‏ليكون مورداً ثقافياً وانسانياً وحضارياً وتنموياً للعراق - سيشكل الخطوة الأولى نحو ‏الاستقرار".‏

واليوم حينما تذهب لكل مواطن عراقي وتسأله ما هو حلمك؟ سيكون جوابه:‏

أتمنى أن نعود أخوة متعايشين كما كنا قبل الاحتلال الأميركي!‏

والسؤال الذي يطرح وسط هذه الأمواج العاتية من الفتن التي تضرب عموم الساحة ‏العراقية هل الفتنة أو التناحر الحربي ( المفهوم المخالف للتعايش السلمي)، وهل هذا ‏التناحر بين المواطنين العراقيين أم بين غالبية السياسيين؟!‏

لا خلاف أن التناحر أو الخلافات هي بين السياسيين بالدرجة الأولى، وربما انعكست ‏‏- بشكل أو بآخر - على الغوغاء الذين لا ينتمون انتماءاً حقيقياً للعراق، وصار هؤلاء ‏الغوغاء أداة لبعض السياسيين لتنفيذ أجندات خارجية لا تمس لأصالة العراقيين ‏وعروبتهم ودينهم بصلة، وصاروا معولاً للهدم والقتل والإرهاب، وبالتالي ضربوا ‏التعايش السلمي بالصميم!‏

التعايش ليس شعاراً ترفعه هذه الجهة السياسية أو الدينية أو تلك وإنما هو سياسة ‏حكيمة ينبغي على السياسيين الحكماء ووجهاء المجتمع وعلماء الدين ورجال الفكر ‏والإعلام وشيوخ العشائر أن يترجموها عبر أفعال وأقوال تؤكد التلاحم المصيري بين ‏المواطنين، ولا تفرق بينهم بسبب الدين أو المذهب أو القومية.‏

أعتقد أن السياسات الطائفية وانتشار السلاح خارج إطار القوات الحكومية، من أهم ‏روافد الدمار المجتمعي، وعليه ينبغي أن تكون هنالك حكومة قوية، ووطنية قادرة ‏على بسط سيطرتها في عموم البلاد، وهذا الصفات غير موجودة في حكومة بغداد ‏اليوم!‏

وهكذا نقول للحكومة والبرلمان والأخيار في العراق والعالم:‏

لا وجود للتعايش مع وجود دولة هشة ضعيفة، وميليشيات سائبة متفلتة.‏

وفي هذا المقام لا بد أن نركز على الموقف العربي في نشر أو إحياء ثقافة التعايش ‏بين العراقيين، لأن العراقيين لا يمكنهم أن يكونوا خارج رحم أمتهم الكبيرة، الأمة ‏العربية.‏

وهنا أنقل لكم قصيدة الشاعر العراقي يحيى السماوي، التي تعبر حقيقة عن حال ‏العراق في هذه المرحلة، القصيدة بعنوان: "لا تذبحوا حبيبنا العراق"، حيث يقول:‏

لا تذبحوا حبيبنا العراق

نصرخ باسم طينه

باسم يتاماه، مشرديه..‏

جائعيه

باسم نخله

وعصرنا المثكل في مكارم الأخلاق

باسم عروبة غدت دون يد وساق

لا تذبحوا حبيبنا العراق

فلتتركوا مصيره لأهله العشاق.‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,050,284

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"