طلبت روسيا من الولايات المتحدة الأميركية، الاثنين، السماح لها بتسيير طائرة تجسّس تحمل كاميرات رقمية متطورة في سمائها، في إطار معاهدة «السماء المفتوحة» التي وقعت عليها الدولتان.
وعلى رغم المعاهدة، فإن الطلب الروسي يعد صادماً بالنسبة إلى الولايات المتحدة في هذا التوقيت، بسبب الخلاف حول الملفين السوري والأوكراني، وتصنيف مسؤولين أميركيين روسيا بأنها التهديد الوجودي الأول لواشنطن.
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أن الأمر سيكون معقداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة إذا رفضت الطلب الروسي، بسبب معاهدة «السماء المفتوحة» التي وقعها الطرفان في العام 1992، ودخلت حيز التنفيذ في العام 2002. وتسمح هذه المعاهدة للدول باستخدام الطائرات غير المسلّحة التي تحمل كاميرات وأجهزة مسح بالأشعة تحت الحمراء وأشكالاً معينة من الرادار، على أراضي الدول الأخرى الموقعة على المعاهدة. وتُجرى عمليات تفتيش للتأكد من أن الكاميرات المستخدمة تلبي شروط المعاهدة.
وقال الناطق باسم البنتاغون الكابتن بحري جيف ديفيس، الاثنين، إنه «تم التصديق على المعاهدة من مجلس الشيوخ، وهي تساعد على منع أي سوء تفسير لعمل عسكري يمكن أن يؤدي إلى نزاع مسلح».
وأضاف «علينا أن نتذكر أننا نمتلك معلومات استخباراتية جيدة جداً عن جميع دول العالم، لكن هذه الدول لا تملك مثل قدراتنا ولا تتوافر لديها معلومات عنا، لذلك فإنه لمصلحة الشفافية وتجنّب سوء التقدير من جانب هذه الدول، فإنه من المفيد أحياناً السماح لها بإلقاء نظرة على ما نفعله أو ما لا نفعله».
وأردف أن «الولايات المتحدة تنفذ عمليات في الأجواء المفتوحة بانتظام، وروسيا فعلت ذلك مرات عدة من قبل»، مشيراً إلى أنه «في العام 2014، نفذ طيارون من الولايات المتحدة عمليات استخباراتية في الأجواء المفتوحة لروسيا، انطلاقاً من قاعدة يوكوتا الجوية في اليابان».
لكن قائد القيادة الاستراتيجية الأميركية، الأدميرال سيسيل هاني، أثار مخاوف حول السماح لروسيا بتنفيذ عمليات أكثر في السماء المفتوحة، وذلك في رسالة إلى النائب في الكونغرس مايك روجرز (حصلت عليها وكالة أسوشييتد برس)، أشار فيها إلى أن «المعاهدة أصبحت عنصراً حاسماً في جمع روسيا المعلومات الاستخباراتية عن الولايات المتحدة».
وقال هاني إنه «إضافة إلى التحليق فوق منشآت عسكرية، يمكن روسيا استغلال السماء المفتوحة للقيام برحلات طيران فوق وزارة الدفاع والأمن الوطني، ويمكنها أيضاً جمع معلومات عن البنية التحتية الحيوية الوطنية لأميركا».
وأشارت «واشنطن بوست» إلى حديث لكبير ضباط الاستخبارات العسكرية الأميركية اللفتنانت جنرال فنسنت ستيوارت، خلال جلسة استماع علنية لـ «لجنة الخدمات المسلحة» في مجلس النواب العام الماضي، قال فيه إنه «قلق للغاية حول كيفية استخدام روسيا معاهدة السماء المفتوحة لمراقبة الولايات المتحدة». لكنه امتنع في الوقت نفسه عن تقديم توضيح أكبر في تلك الجلسة. ولفت ستيوارت الى أن «المعاهدة صممت لحقبة مختلفة. أفضّل الحديث حول هذا الموضوع في جلسة مغلقة».
وكانت روسيا تقوم بمثل هذه العمليات في الأجواء المفتوحة فوق تركيا، استناداً إلى المعاهدة، لكن وزارة الدفاع الروسية أعلنت في 19 شباط/ فبراير الجاري، عن قرار تركيا منع روسيا من القيام بطلعات مراقبة جوية في أجوائها، خلال الفترة الممتدة من 1 إلى 5 شباط، ووصفت الوزارة ذلك بأنه «فعل خطير وغير مسبوق».
وتضم معاهدة «السماء المفتوحة» حالياً 34 دولة، ووقعت في الأول من كانون الثاني/ يناير 2002، منها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وتركيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا.