تقرير محاسبي دولي: حكومات الاحتلال المتعاقبة تنفق المليارات على مشاريع فاشلة

ما زالت المنظمات والهيئات الدولية تسلط الاضواء على السياسة الفاشلة التي تنتهجها حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق، على كافة الصعد السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية، وسط تنامي آفة الفساد المالي والاداري المستشرية في العراق الجريح، منذ ابتلائه بالاحتلال الغاشم عام 2003.

 

فقد رصد المدقق الدولي لشركة (أرنست ويونغ) لمراقبة عمل الوزارات العراقية في تقرير له نشر مؤخرا، العديد من قضايا الفساد والمخالفات المالية والإدارية في العشرات من المشاريع الخدمية التي تم اسنادها الى شركات متلكئة لم تنفذ تلك المشاريع بالرغم من التخصيصات المالية الكبيرة التي رصدتها الحكومات على حساب معاناة الشعب العراقي المظلوم الذي لم بر شيئا من تلك المشاريع على ارض الواقع.

واشار التقرير الى ثماني مخالفات أساسية في توقيع العقود مع الشركات المتلكئة، تسببت في ايقاف المشاريع وإهدار الأموال المخصصة لها، بينها تجهيز اربعة مشاريع لشركة واحدة في محافظة النجف بأسلوب تنفيذ مخالف للقانون بلغت كلفتها نحو خمسة مليارات دينار لإنشاء مدارس في مناطق (الزهور والمناذرة والحيرة والكوفة) مؤكدا ان ما تسمى بحكومة النجف المحلية لم تقم بتسوية سلف وامانات تم سحبها من خزينة المحافظة بلغت (11) مليارا و 500 مليون دولار.

كما كشف التقرير الدولي، النقاب عن وجود خلل وتلكؤ في مشاريع وزارات الثقافة، والتربية، والتعليم العالي وهدر للمال العام بمليارات الدنانير، في الوقت الذي لم تنجز من تلك المشاريع سوى نسب بسيطة.

وقال "إن وزارة الثقافة أحالت في عام 2014 مشروع تأهيل جزيرة بغداد السياحية الى شركة مقاولات بمبلغ مليار  933 مليونا و 831 الفا و 500 دينار وبمدة تنفيذ سنة واحدة من تاريخ العقد الذي تم توقيعه في العشرين من شباط عام  2008، موضحا ان تلكؤ عمل الشركة أدى الى خسائر مالية كبيرة بلغت مليارين و 603 ملايين دينار عراقي جراء تلف المواد الموجودة في الموقع نتيجة سوء الخزن.

وأشار التقرير الى ان العقود التي ابرمتها العاصمة بغداد ـ والتي تضمنت 20 مشروعاً بكلفة 479 مليارا و 250 مليون دينار ـ كان من المفترض انجازها في آذار عام 2013، لكنه تم إلغاء 11 مشروعاً منها ونقل تخصيصاتها الى المشاريع التسعة المتبقية، لافتاً الانتباه الى ان أحد المشاريع التي تم انجازها، هو إعادة تأهيل ساحة الاحتفالات الكبرى والحدائق المحيطة بها بكلفة ستة مليارات و892 مليونا و 530 ألفا و 311 دينار  رغم ان تلك الساحة تقع في المنطقة الدولية المغلقة.

وتابع المدقق الدولي في تقريره بالقول "ان مشروع دار الاوبرا الذي تم توقعيه مع شركة (روتام للسياحة والإنشاءات والصناعة والتجارة الخارجية التركية) منتصف كانون الاول عام 2011، بمدة تنفيذ 18 شهراً وبكلفة 169 مليارا و 650 مليون دينار، لم تتمكن الشركة المتلكئة من تنفيذ المشروع المقرر انجازه في نيسان عام 2014 بالرغم من منحها مدة 100 يوم إضافي، حيث لم تتجاوز نسبة الانجاز الـ 5% فقط.

وفي سياق متصل، اكد المدقق الدولي ان وزارة الثقافة الحالية اتفقت مع منظمة الحج الإيرانية على تسجيل رسوم تأشيرة دخول الزائرين الإيرانيين ديناً على المنظمة وأن لا تدفع نقداً، إلا أن تلك الديون التي بلغت 12 مليارا و 254 مليونا و 640 ألف دولار لم يتم تسديدها حتى إصدار هذا التقرير، مشيرا الى ان المنظمة الإيرانية لم ترد على مطالبات وزارة الثقافة الحالية بتسديد تلك المستحقات أو التفاوض بشأنها، حيث كانت آخر مراسلات الوزارة في شباط عام 2014.

ولفت مدقق شركة (أرنست ويونغ) الانتباه الى ان قوات الاحتلال التي قادتها الادارة الأميركية ضد العراق لم تسدد الديون المستحقة عليها لصالح فندق الرشيد والتي بلغت 43 مليونا و 136 الفا و 736 دولاراً منذ عام 2004، حيث كانت آخر المراسلات في أيلول عام 2014.

وبشأن مشاريع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الحالية، كشف مدقق الشركة المذكورة في تقريره، النقاب عن تدني نسب انجاز تلك المشاريع التي بلغت كلفتها 744 مليارا و 376 مليونا و 500 ألف دينار لبناء ثلاث مستشفيات تعليمية وبناية لما تسمى الهيئة العراقية للحاسبات والمعلوماتية، وبالرغم من ان نسب الانجاز لم تتجاوز الـ17% حتى عام 2012، لم تتخذ الوزارة أي اجراءات ضد الشركات المتلكئة.

وأوضح التقرير ان نسبة انجاز مشروع المستشفى التعليمي في محافظة كربلاء الذي بلغت كلفته 245 مليارا و 276 مليونا و 500 ألف دينار لم تتجاوز الـ7% بالرغم من توقيع العقد مع الشركة المتلكئة في كانون الأول عام 2012. 

واكد التقرير انه بالرغم من تدني نسب انجاز مشاريع هدم وإعادة بناء المدارس الآيلة للسقوط الموقعة مع عدة شركات منذ عام 2011، لم تتخذ وزارة التربية الحالية أي إجراء ضد الشركات المتلكئة .. مشيرا الى ان من بين العقود التي وقعتها الوزارة، عقداً لتجهيز كتب المناهج الدراسية الى الشركة العامة لإنتاج المستلزمات التربوية بكلفة 53 مليارا و 718 مليونا و 968 ألفا و 560 ديناراً في شباط عام 2004، ورغم تأخر تنفيذ العقد اكثر من عامين قامت الوزارة بتوقيع ملحق للعقد في آب عام 2014 تضمن تمديد مدة التجهيز 60 يوماً.

وخلص المدقق الدولي لـ (أرنست ويونغ) لمراقبة عمل الوزارات العراقية في تقريره الى القول "ان قسم الرقابة الداخلية الذي يعمل فيه 27 موظفاً، بينهم 10 ليست لهم علاقة بالمحاسبة أو التدقيق، وهم يحملون شهادات في علم الاجتماع واللغات والزراعة والتصميم، اضافة آخرين لا يحملون سوى شهادة الإعدادية ومنهم من يقرأ ويكتب فقط، في الوقت الذي يشكل فيه هذا القسم مفصلاً مهماً في مراقبة إنفاق الأموال!

بالرغم من تشدق المسؤولين في حكومات الاحتلال المتعاقبة ومزاعمهم الكاذبة وادعاءاتهم الزائقة بان مكافحة آفة الفساد الخطيرة من أولويات عملهم، الا ان هذا البلد الجريح ما يزال يحتل منذ نحو 13 عاما مرتبة متقدمة ضمن قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم، وما برح الشعب العراقي الصابر الصامد يكابد شظف العيش ويواجه بكل شجاعة وثبات المشكلات والازمات التي خلفها الاحتلال البغيض وعجزت الحكومات التي شكلها عن ايجاد حلول ناجعة لها.

 

المصدر

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,794

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"