ماذا دار في لقاء الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية والوفد المرافق له، مع كبار القادة العسكريين المصريين الذى تم في 20 فبراير 2016؟
التصريحات الرسمية الصادرة من الطرفين اكتفت بكلمات عامة مكررة لا تشفي غليلا، عن تعزيز الشراكة الامنية والعسكرية.
فهل ناقشوا الرغبة الأميركية المعلنة في زيادة مهام قواتها في سيناء لتشمل انشطة استخبارية؟ وهل قبلت مصر أم رفضت وتحفظت؟
وهل ناقشوا الغارة الأميركية على ليبيا، والدور العسكري الأميركي هناك؟ وهل اعترضت مصر، أم صمتت، أم وافقت ودعمت وقدمت تسهيلات لوجيستية للطائرات الأميركية؟
وهل ناقشوا طبيعة وحدود الدور العسكري المصري في الاحلاف والتحالفات الدولية والاسلامية واخواتها، في السعودية والعراق والخليج واليمن، الذى لا نعلم عنه شيئا حتى الآن، سوى تصريحات مقتضبة عن سفر قوات مصرية للمشاركة في مناورات عسكرية مشتركة في السعودية، او تدريب مصري لقوات عراقية.
وماذا كان جدول الاعمال، وما هي نقاط الاتفاق والاختلاف، وما هي دقائق وتفاصيل ونتائج ما أسفرت عنه؟
***
من حق المصريين أن يعلموا ماذا يدور في كواليس العلاقات واللقاءات المصرية الأميركية، خاصة العسكرية والأمنية منها، ولا مجال للتذرع بأن ذلك من اسرار الأمن القومي ، فما يعلمه الأميركان، لا يجوز حجبه عن المصريين، فالشعب في النهاية هو الذى يسدد فواتير كل ما يتم من صفقات واتفاقيات في الكواليس.
لقد مللنا من التعرف على أسرارنا من وسائل الاعلام الاجنبية، وآخرها كان ما أذاعه الاعلام الصهيوني والأميركي عن تفاصيل اللقاء الذى تم بين السيسي ووفد اليهود الأميركان، وما ورد فيه من اشادة "الرئيس المصري" بنتياهو وبقدراته الجبارة القادرة على خدمة وتطوير المنطقة والعالم!
كما مللنا مما نراه من ازدواجية، بين خطاب اعلامي يغرقنا بشعارات الوطنية والاستقلال، وبين ما نراه كل يوم من توطيد للعلاقات والتنسيقات والتحالفات والاحلاف الأمنية والعسكرية مع أميركا والكيان الصهيوني.
***
لقد حرص حكام مصر، على امتداد عقود طويلة، على فرض حجاب من السرية والتعتيم على كل ما يتعلق بحقيقة وطبيعة العلاقات مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وتم تجريد الرأي من حقه في المعرفة والمعلومات، ومن حقه في المشاركة وإبداء الرأي ورفض أو قبول ما يتخذ فيها من سياسات وقرارات، بل امتد هذا الحظر الى البرلمانات المصرية المتعاقبة، وهو ما أسفر عن كوارث لا تزال تهدد الأمن القومي المصري حتى اليوم، وتضر بالمصالح الوطنية واستقلال البلاد، بدءا باتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها، ومرورا بالتسهيلات العسكرية واللوجيستية للقوات الأميركية في قناة السويس والمجال الجوي، التي لولاها لما نجحت في حملاتها العسكرية على العراق وافغانستان، وفقا لتصريحات رسمية أميركية متعددة، وكذلك الاحتكار الأميركي للتسليح المصري وتقييده والتحكم فيه لصالح الكيان الصهيوني، وصفقات البترول والغاز (الكويز) بين مصر والكيان الصهيوني تحت الرعاية الأميركية.. الخ.
وربما لو كان في مصر على امتداد العقود الماضية حرية ورقابة شعبية وسياسية حقيقية، لفشلت كل محاولات تمرير كل هذه الاتفاقيات والصفقات، ولأنقذتنا من مستنقع التبعية الذي غرقنا فيه، والذي لا تبدو أى أمارة أو اشارة حالية لرغبتنا في التحرر والخروج منه.