ضربة إيرانية قاضية لعبيد ولاية الفقيه!‏

علي الكاش

يقول نعوم تشومسكي "للأسف لا يمكن التخلص من الأوغاد عن طريق الإنتخابات، لأننا لم ‏ننتخبهم أصلا".‏

الإهتمام بالإنتخابات الإيرانية عند البعض ومنهم صاحب السطور لا تفرق نتائجها عنده لا عن ‏قريب ولا عن بعيد، لإنها ببساطة لا تعني لهم شيئا بما فيهم الشعب الإيراني نفسه. الإنتخابات في ‏العالم الثالث عموما والدول العربية خصوصا لا تعدو عن كونها مسرحية مهزلية. الفرق هو ان ‏الممثلين لا يُضحِكون الجمهور، وإنما يضحَكون عليهم. على سبيل المثال في الإنتخابات العراقية ‏السابقة فاز نوري المالكي بـ 98% من الأصوات في مناطق حزام بغداد، وهم معظمهم من أهل ‏السنة الذين ذاقوا الأمرين من طائفية المالكي وجرائمه ضدهم! ومع هذا كانت النتيجة لصالح ‏المالكي الذي دمر منازلهم وقتل الآلاف منهم  وإعتقل ابنائهم وحرق بساتينهم ودمر مساجدهم ‏وهجر شبابهم! أما كيف حصل هذا؟ فالجواب لا يحتاج الى تفكير عميق.‏

الإنتخابات الإيرانية الأخيرة لم تكن أكثر من مهزلة أيضا، فقد إستبعد المرشد الأعلى علي ‏الخامنئي الآلاف من المرشحين وفقا لرغبته الغيبية ومنهم حفيد الخميني، وفقا للأوامر التي ‏يتسلمها المرشد من الإمام المنتظر كما عبر عن ذلك بعض الملالي ومنهم آية الله جنتي. فعلا ‏الطواغيت صناعة محلية بإمتياز.‏

‏ لكن الذي يستوقف المرء حالتان أفرزتهما الإنتخابات الأخيرة وهما.‏

‏1. التصريح الذي أدلى به نادر قاضي بور، النائب في البرلمان الإيراني،‎ ‎وممثل أذربيجان ‏الغربية، عن قتل ما لا يقل عن 800 أسير عراقي خلال الحرب العراقية الإيرانية بدم بارد من ‏قبل نظام يدعي إن شرعه الإسلام، ويستوحي أحكامه من القرآن الكريم ووصايا الأئمة! بالرغم من ‏وقاحة وقباحة التصريح لكنه بالتأكيد قدم خدمة كبيرة للعراقيين ذوي المفقودين الذي كانوا يأملون ‏بعودة أبنائهم من سجون طهران في يوم ما، ظنا منهم إنهم مازالوا على قيد الحياة، لقد أماط ‏الوحش البشري اللثام عن مصير المفقودين العراقيين رحمهم الله، مات الأمل بعودتهم من خلال ‏جريمة سافرة لنظام الدجل والإرهاب.‏

الملفت للنظر ان هذا النائب الحاقد لم يجد في دعايته الإنتخابية سوى أن يستثمر هذه الجريمة ‏الشنعاء ـ وفقا للتعاليم السماوية والقانون الدولي ـ لإستقطاب الناخبين لصفه، في دلالة على مستوى ‏الإسفاف والإبتذال عنده وعند الناخبين الإيرانيين، يبدو فعلا ان النظام الإيراني لا مانع عنده من ‏أن يكون المرشح سفاكا وسفاحا ورئيس مافيا، المهم هو رضى المرشد الأعلى عليه. في العالم ‏المتحضر ودول الإستكبار العالمي يقدم المرشحون برامجهم الإنتخابية بما تتضمنه من خطط ‏تنموية وحلٌ لمشاكل الناس ورفع مستوى الرفاهية وإيجاد فرص العمل، و إنهاء الفقر والبطالة ‏والجوع ورفع المستوى الصحي والتعليمي، وليس دعاية بقتل (800) اسير حرب، كما أن معاملة ‏الأسير لا تحتاج الى شرح طويل لتوضيحها سواء في الشرع الأسلامي او القانون الدولي، الجميع ‏يعرفونها حق المعرفة.‏

الأنكى من هذا، عندما صرح الوحش البشري بجريمة الإبادة الجماعية للأسرى العراقين تعالت ‏أصوات الناخبين إبتهاجا بهذه المناسبة العزيزة على قلوبهم المليئة بالحقد على العرب! فهتفوا ‏هتافا صاخبا مصحوبا بتصفيق حاد! في حالة غريبة من الصعب تفسيرها ونحن في الألفية الثالثة، ‏كأنه قدم للشعب الإيراني خدمة وطنية كبرى بهذه الجريمة النكراء! وهنا نسأل أهلنا شيعة العراق ‏من أتباع ولاية الفقيه فقط: هل أن جميع القتلى من الإسرى كانوا من أهل السنة؟ ألم يكن من بينهم ‏من اهلنا الشيعة؟ ‏

بالطبع يوجد وربما الأكثرية من الشهداء كانوا من الشيعة! إذن هذه حقيقة نظام الملالي التي يتفانى ‏بعض شيعة العراق بحبهم والدفاع عنهم بصورة مستميتة، ويرفعوا صور الخميني والخامنئي في ‏شوارع بغداد والمحافظات في تحدي مقزز لمشاعر ذوي الشهداء. إن هذه الجريمة النكراء تمت ‏في حياة وولاية الخميني، ومن المؤكد أنه لا تخفى عليه خافية، كما ان المجرمين لا يمكن أن ‏يقوموا بهذه الإبادة البشرية دون تسلم الضوء الأخضر من القيادة الإيرانية.‏

أليس في الأصوات النشاز التي صفقت لهذا السفاح تمثل إستفزازا لشيعة العراق قبل غيرهم؟ وهل ‏الشعب الإيراني يحب شيعة العراق حقا كما يحب شيعة العراق إيران ومراجع الدين الفرس؟ ‏أصبحت الصورة واضحة ولا تحتاج إلى تعليق! لكن هل هذه التصريحات وما قبلها وما سيلحقها ‏كفيلة بإيقاظ شيعة العراق من أفيون ملالي طهران وأذرعتهم في النجف وكربلاء وبغداد وتدفعهم ‏لإحتضان المراجع العراقية الأصيلة المعروفة بمواقفها المعتدلة والوطنية؟ الأيام القادمة كفيلة ‏بكشف الحقيقة.‏

الأهم من هذا وذاك انه لا برلمان الدواب، ولا دابته الكبرى، ولا رئيس الوزراء غير المفطوم بعد، ‏ولا وزير خارجية ايران في العراق إبراهيم الجعفري، ولا مرجعية النجف علقوا على تصريح هذا ‏النائب المسعور! تصوروا لو أن نائبا تركيا او سعوديا ـ على سبيل المثال ـ صرح بقتل (80) ‏وليس (800) اسير عراقي، كيف ستكون ردة فعل البرلمان والحكومة العراقية والإئتلاف الشيعي ‏ومرجعية النجف! نقول لمن ينتظر ردة فعل: لا تتعب نفسك!  ‏

‏2. التصريح الثاني الذي ربما إستوحاه النائب بور من مقولة الفيلسوف الايرلندي برنارد شو" إن ‏الديمقراطية لا تصلح لمجتمع جاهل، لأن أغلبية من الحمير ستحدد  مصيرك". ولأن المجتمع ‏الإيراني مجتمع جاهل وفيه حوالي (8) مليون أمي، لذا فليس من المستغرب أن يصوت الناخبون ‏لحمار ناهق كمرشح لمجلس النواب الإيراني. فقد صرح النائب نادر قازيبور عشية الانتخابات ‏البرلمانية الإسبوع الماضي بقوله" ليس هناك مكان للحمير والنساء بمجلس النواب، واذا اتت ‏النساء فسوف نعتدي على شرفهن"! المصيبة ان الإيرانيين من أنصاره هتفوا له بقوة مؤيدين هذه ‏العبارة الرقيعة، دون ان يدركوا ان أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم وأخواتهم دخلوا خانة الأتان ايضا ‏حسب شمولية التصريح. لكن ما فات النائب المسلم في الجمهورية الإسلامية للنخاع، إنه قبل آلاف ‏السنين صرح الوثني كونفشيوس " المرأة أبهج شيء في الحياة".‏

المثير في هذه الموضوع أن النائب هدد بهتك شرف النائبات جهارا بجرأة وقلة أدب لا نظير لهما، ‏في دولة تُسمى الجمهورية الإسلامية، ويحكمها نائب الإمام كما يزعموا! إن الدول التي تشرع ‏الزنا والزواج المثلي لم يصدر عنها مثل هكذا تصريح! لكن أن كان هذا النائب يهتك شرف ‏النائبات بجريمة ترشيحهنٌ للإنتخابات فقط! وهنٌ محسوبات على النظام وحظين بقبول المرشد ‏الأعلى عند ترشيحهنٌ. فما عسى أن يحصل للنساء اللواتي يعارضنٌ ولاية الفقيه وليس لهنٌ صوتا ‏في البرلمان؟ أو النساء القابعات في سجون النظام؟

التصريح لم يصدر عن قنوات معادية لإيران أو لنظام الملالي، بل من وكالة الأنباء الإيرانية ‏الرسمية، التي ذكرت بأنه" رفع عدد من النساء في‎ ‎مجلس الشورى، بالإضافة إلى نواب رجال، ‏شكوى لدى المدعي العام واللجنة‎ ‎البرلمانية للمراقبة، ورئيس المجلس المنتهية ولايته علي ‏لاريجاني،‎ ‎وكذلك إلى رئيسة كتلة عضوات مجلس الشورى فاطمة رحبر".‏

وعلقت الأتان الأكبر في البرلمان الإيراني ـ حسب وصف زميلها النائب بورـ بأن " النائب بور ‏اتهم النساء، ويجب أن يُحاسب على‎ ‎ذلك، وأن أقواله ليست فقط شتيمة بحق النساء،‎ ‎ولكن بحق ‏مجلس الشورى نفسه". الحقيقة  ان التعليق جانب الحقيقة جدالأنه:‏

‏ أولا: ان النائب لم يتهم، ولكنه وصف النساء وأدخلهن خانة الحمير. ثانيا: أن صفة الحمير كما ‏يبدو أقوى عند رحبر من تهديد النائب بهتك عرضهنٌ! لا نفهم معزى تجاهل فاطمة رحبر لتهديد ‏بور بإنتهاك الشرف، والتأكيد على صفة الحمير فقط! ‏

ولإضفاء المزيد من سمات الديمقراطية على التجربة الإنتخابية الإيرانية الهزيلة، فإن عصابة ‏النائب بور لاحقت الإعلامي الذي تشر الفديو الموثق لتصريحه في المنطقة الإنتخابية ‏لبور(اوروميه) ونجى من قبضتهم بإعجوبة! ‏

هذه هي الديمقراطية الإيرانية في ظل نظام الملالي، والتي يريدوا ان يصدورها لدول الجوار. ‏أليس من الأولى أن يصلح النظام نفسه، ويكون نموذجا معتبرا لغيره، فتحتذي به بقية الأمم دون ‏الحاجة لأن يصدر لها تجربته المرة والمريرة. ‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,027,744

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"