انهيار سدود #المنطقة_الخضراء!‏

جاسم الشمري

في ظل تطورات الأحداث السياسية والشعبية في بلاد الرافدين، عاد السفير الأميركي ‏لدى العراق، ستيوارت جونز، يوم الأحد الماضي للتحذير من انهيار سد الموصل، وأكد ‏على ضرورة "الاستعداد لاحتمالية أزمة وكارثة في حالة انهيار سد الموصل".‏

 

ومع تحذيرات السفير الأمريكي أعتقد أن هنالك العديد من السدود في داخل العراق ‏ستواجه خطر الانهيار ومنها سدود بوابات المنطقة الخضراء المحصنة، التي صارت ‏قاب قوسين أو أدنى من الجماهير المطالبة بإصلاحات حقيقية وليست شكلية في ‏البلاد.‏

منذ عدة شهور دخل التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر على خط المظاهرات ‏التي سبق وأن نظمها التيار المدني في عدد من محافظات وسط وجنوب العراق ‏، وفي هذه الأثناء أثار العديد من المتابعين للشأن العراقي عدة أسئلة حول ‏الأهداف الحقيقية لتدخل التيار الصدري في الحراك الشعبي، وهم جزء من العملية ‏السياسية، وتساءلوا: هل هذه الهبة الصدرية حقيقة أم لتحقيق مآرب ومطامع سياسية ‏ثم بعد ذلك يعود كل شي إلى ما كان؟! وهل هذا الحراك يؤكد حقيقة الانشقاقات داخل ‏التحالف الوطني الشيعي أم هو تبادل للأدوار بين أعضاء التحالف؟!

قراءة واقع المظاهرات اليوم يؤكد أن الحراك الصدري قد ألهب الشارع العراقي وأن ‏خطوة الاعتصام المفتوح أمام بوابات ومداخل المنطقة الخضراء - بحد ذاتها - هي ‏خطوة جريئة وتفتح الباب على مصراعيه للكثير من الفرضيات المتوقعة وغير ‏المتوقعة، وجميع هذه الفعاليات تزيد من احتمالية تغيير واقع الحال نحو الأفضل، ولو ‏بعد حين.‏

ومع كل هذه الفرضيات فإن المتابعين لسياسات التيار الصدري لاحظوا أن التيار لم ‏يثبت في العديد من مواقفه السياسية السابقة، بل استخدم "سياسات التهديد ‏والمظاهرات" لتحقيق مآرب سياسية وميدانية، وبالمحصلة يتراجع عن هذه المواقف، ‏وهو ما حصل في مواقفه من الاحتلال ومقاومته ورفض العملية السياسية، ‏والانسحاب منها، ثم بعد ذلك تغيرت جميع هذه المواقف، وانتقل التيار للضفة ‏الأخرى، ضفة العملية السياسية، والدخول في المعترك السياسي.‏

هذا التخوف ربما يجعلنا نؤكد أن الأيام القادمة ستشهد تراجعاً عن الاعتصام والعودة ‏إلى العمل السياسي، تماماً كما حصل في التجارب السابقة.‏

بالمقابل وعلى الصعيد الرسمي، وفي محاولة لتهدئة الأوضاع اجتمعت الرئاسات ‏الثلاث وقادة الكتل السياسية السبت الماضي، وقرروا "تشكيل لجنة ممثلة عن ‏المكونات السياسية والرئاسات تتولى متابعة تنفيذ إجراءات الإصلاح والتعديل ‏الوزاري الذي دعا إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال أسبوع، ولمساعدة رئيس ‏الوزراء في إجراء التعديل الوزاري بشكل عاجل وتنشيط عمل المجلس الأعلى ‏لمكافحة الفساد وتسريع حسم ملفات الهيئات المستقلة".‏

وعلى الرغم من كل هذه الوعود الحكومية فإن المتابع الحصيف يمكن أن يحدد قضية ‏في غاية الأهمية وهي أن الحكومة لا تمتلك آلية واضحة للوصول إلى الإصلاح ‏المنشود لأن الأمر لا يتوقف عند تسمية وزراء تكنوقراط، بل ينبغي أن يكون التغيير ‏وفقاً لسياسة جديدة تنقذ العراق من أوضاعه الآيلة إلى الانهيار في العديد من المجالات ‏الاقتصادية والخدمية والأمنية، وهذه النقلة لا تكون بشعارات لا تستند إلى رؤية ‏واضحة للمشكلة وحجمها، ومراحل التخلص منها أو التقليل من آثارها.‏

الغضب الجماهيري يتزامن مع الذكرى الثالثة عشرة لاحتلال العراق، وهذه إشارة ‏واضحة بأن التغيير أو الديمقراطية المستوردة لم تقنع العراقيين لأنهم لم يروا منها إلا ‏مزيداً من الدمار والقتل والإرهاب والاصطفافات الطائفية والمذهبية والعرقية.‏

اللعبة السياسية في العراق اليوم على مفترق طرق، وأظن أن غالبية شركاء اليوم ‏سيكشفون المستور ضد بعضهم البعض في الأيام المقبلة، على الرغم من محاولاتهم ‏الحثيثة للظهور بمظهر "التماسك السياسي" والقدرة على تجاوز المرحلة الحرجة التي ‏يمرون بها.‏

العراقيون لن يقتنعوا بوعود لإضاعة الوقت، والأيام المقبلة حبلى بأحداث - ربما - ‏تفوق جميع التوقعات.‏

انهيار سدود بوابات المنطقة الخضراء في لحظة ما أمر متوقع، لكن ما لا يمكن توقعه ‏هو تداعيات هذا الانهيار التي لا يمكن التكهن بها وبنتائجها بسهولة.‏

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,039,164

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"