من الاب عامر ساكا الى مناف الناجي، مع أطيب التحيات!

‏علي الكاش

من الأقوال الأجنبية المأثورة ((ذئب في ثياب خروف))، وهذا القول يصح إطلاقه على فئتين هما ‏غالبية رجال الدين، ورجال السياسة بإعتبارهم أخطر الذئاب البشرية وأشدها إفتراسا لحقوق الناس، ‏سيما الفقراء والسذج والجهلة!

 

الشواهد في العراق وإيران ولبنان وسوريا خير دلائل على هذه ‏الحقيقة المرة، كما أن رفع شعارات تندد برجال الدين في التظاهرات الأخيرة في العراق إنما هي ‏بحد ذاتها صفعة جماهيرية للمراجع الدينية لكل الأديان والمذاهب، من أعلى إلى أدنى مرجع اللهم ‏إلا ما ندر من الشرفاء والزاهدين والمؤمنين الذين يمثلون قلة ضعيفة ومهمشة غير قادرة على ‏الوقوف بوجه تيار الفساد الديني الجارف وسيوله الحارقة. إنه لأمر مؤسف حقا عندما يستبدل ‏رجال الدين الإنحناء المقدس لربٌ العالمين بالإنحناء المخزي لرجال السياسة فيمتطونهم كالحمير. ‏المشكلة ليست في الراكب والمركوب، وإنما في الناس الأبرياء الذي يدفعون الثمن من دمائهم ‏وأموالهم وشقائهم.‏

طالعتنا الأخبار يوم 12/4/2016 بخبر صاعق عن واحد من هؤلاء الشراذم الدينية التي لا تعرف ‏الله إلا من خلال إستغفال المستضعفين من المؤمنين بقدرته تعالى، الذين يضعون آمالهم في أعناق ‏رجال الدين بعد أن نهبهم رجال السياسة. ولم يخطر في بالهم بأن رجال الدين هم أسهل الناس ‏وقوعا في شراك إبليس، كإنما يترصدهم في كل حركة يقومون بها.

المطلع على أحوال رجال ‏الدين عموما وتأريخ الكنائس والمساجد والمعابد يعرف جيدا بأن مساويء رجال الدين أضعاف ‏حسناتهم، لذا ليس من المستغرب أن يحل رجال الدين في صدارة جهنم كمرتبة شرف، وتكون ‏ضيافتهم في باحة الدرك الأسفل. ذكرالقزويني" لما دخل إسماعيل بن أحمد الساماني نيسابور. ‏وكان ملكاً عادلاً، قال: يا لها من‎ ‎مدينة لو لم يكن بها عيبان! قيل: ما هما؟ قال: كان ينبغي أن ‏تكون مياهها‎ ‎التي في باطن الأرض على ظاهرها، ومشايخها الذين على ظاهرها في باطنها.‏

يقول الخبر الصاعق الوارد من كندا بأن الأب (عامر ساكا) وهو من كنيسة جوزف كالدين ‏الابرشية الكاثوليكية قد إعترف لمراجعه‎ ‎الدينيين شهر آذار الماضي بما قام به من خيانة للأمانة ‏التي وضعها مئات‎ ‎العراقيين والسوريين في عنقه، فقد أقدم بدم بارد على‎ ‎انفاقها على القمار الذي ‏لم يَجنِ منه دولارًا واحداً، مبدداً نصف مليون‎ ‎دولار في بضعة ايام، غير آبه لمعاناة اللاجئين ‏والنازحين العراقيين الذين يبحثون عن سقف آمن لايوائهم في أية دولة.‏‎ ‎عرق العوائل المهجرة من ‏أوطانهم، والأموال التي جنوها خلال نصف عقد من الزمن، والبيوت والأثاث والمحلات التي ‏باعوها لينفذوا بجلودهم من جلاديهم حكومات وميليشيات حولها الأب المقامر الى صالات القمار، ‏ليخرج بعدها فاضي اليدين ومعترفا للكنيسة بأنه خسر أموال اللاجئين المساكين في صالات ‏القمار.‏

لو إستعرضنا المفاسد التي إرتكبها رجال الدين بمختلف اديانهم ومذاهبهم لتوصلنا الى نتيجة ‏مرعبه، نتيجة تكاد أن لا تصدق، ولأعطينا الحق، كل الحق لكارل ماركس عندما وصف (الدين) ‏بأنه أفيون الشعوب، وعندما قال جيمس جويس "أجمل ما في هذه الكنائس أنها خالية من ‏المصلين" وعندما قال دوستوييفسكى "الله والشيطان يتحاربان وحقل معركتهما هو عقل ‏الإنسان". ولصار عندنا قناعة راسخة بمبررات العلمانيين حول ضرورة فصل الدين عن الدولة. ‏لإنه إذا إجتمع الفاسدون من رجال الدين بالفاسدين من رجال السياسة، إقرأ حينئذ سورة الفاتحة ‏على البلاد. ومن عنده شك! عليه النظر الى أوضاع العراق وإيران ويحكم بنفسه.‏

إذا إعتبرنا جريمة الأب مصيبة، فأن تعليل وتبرير الكنيسة الكاثوليكية للجريمة يُعد كارثة حقيقية، ‏فموقفها يذكرنا بموقف مرجعية النجف من مناف الناجي، رمزها ووكيلها في محافظة ميسان ‏جنوب العراق، الرمز المقدس الذي إنتهك أعراض العشرات من نساء المحافظة، وأمنت له ‏مرجعية النجف بإعتباره واحدا من أعيان المذهب الفرار الى إيران ، التي تفتح ذراعيها مرحبة ‏بكل من يسيء للعراق وطنا وشعبا. خرج الناجي آمنا في الوقت الذي كانت حيامنه ما تزال ‏تتلاعب في ارحام النساء، وتحيي (عُكُل) رؤساء عشائر ميسان.‏

 

 

سوف نتناول أوجه الشبه بين موقف الكنيسة الكاثوليكية من الأب المقامر، وموقف مرجعية ‏النجف من الزاني الأكبر، مع الأخذ بنظر الإعتبار ان الأب المقامر إعترف بجريمته، والرمز ‏الزاني رفض الإعتراف بجريمته. الأب المقامر قدم نفسه للقضاء، والرمز الزاني هرب من ‏القضاء. الحكومة الكندية تدخلت في قضية الأب المقامر، والحكومة العراقية لم تتدخل في جريمة ‏الرمز الزاني. الكنسية تخلت عن الأب المقامر وأمرت بتوقيفه عن الخدمة الكهنوتية، ومرجعية ‏النجف تمسكت بالرمز الزاني ولم تتخلى عنه، ولم تأمر بتوقيفه عن خدمة المرجعية أو طرده. ‏

مرجعية النجف أرسلت وكيلها لشؤون الدعارة، الشيخ أحمد الأنصاري، للتفاوض مع أهالي ‏الضحايا وشراء ضمائر الشيوخ الأراذل. والكنيسة لم تُوسِط احد من القساوسة للتفاوض مع ‏الضحايا، بل إكتفت بالإشارة إلى تعويضهم عن اموالهم فقط، دون النظر فيما لحق بهم من أضرار ‏نفسية واجتماعية. علما ان الكنيسة والمرجعية حلٌت المشكلتين عن طريق تعويض الضحايا من ‏أموالها الخاصة، وهي في الحقيقة أموال تُجنى من الناس، اي أموال الضحايا أنفسهم. كمل يقول ‏فولتير" عندما يكون الحديث عن المال، يكون كل الناس على دين واحد".‏

‏1. ذكرت البطريركية الكلدانية  يجب أن" لا تكون (الفضيحة) فرصة للطعن بالكنيسة". وجاء في ‏رسالة مرجعية النجف" أن الفضيحة تترك نقطة سوداء في تأريخ أهل البيت والى أبد الآبدين حتى ‏تجعل التكفيريين والبعثية يزمرون ويطبلون ويشنعون على قادة المذهب وعلى المرجعية الدينية ‏في النجف الأشرف".‏

‏2. ذكرت البطريركية الكلدانية إن" قضية الأب عامر ساكا، قضية فردية لا‎ ‎يجوز تعميمها على ‏جميع أفراد الإكليروس". وجاء في رسالة مرجعية النجف" إن السيد الناجي من رموز وكبار هذه ‏المرجعية وإبن للمذهب، فأوصيكم يا أولادي بغلق كل باب يؤدي إلى الفضائح وترك الأفواه ‏تبوق".‏

‏3. ذكرت البطريركية الكلدانية إنه" مهما كان رجل الدين فهو بشر معرَّض للخطأ". وجاء في ‏رسالة مرجعية النجف "أن الناجي غير معصوم وممكن صدور الخطأ منه ومن غيره".‏

المسألة المثيرة في موضوع الجريمتين انه لا رسالة المرجعية ولا رسالة الكنيسة تعاملت مع ‏الموضوع كجريمة قام بها أحد رجالها، وإنما كخطأ طبيعي يحصل مع الجميع، دون التفريق بين ‏رجل الدين عن غيره. بمعنى إنه عندما يرتكب لص سرقة ما، أو يقوم مجرم بقتل شخص ما، فإنه ‏لا يختلف بنظرهما عن قيام رجل دين بسرقة او إرتكاب جريمة قتل أو زنى! فكلاهما بشر ويمكن ‏أن يخطأ! بتلك السهولة أو الحماقة تفسر جرائم رجال الدين. ‏

المسألة المحيرة الأخرى هي أن ما يهم المرجعية والكنيسة، هي الخشية من الفضيحة فقط. فما ‏يؤرقهما ليس الإستحياء من الخالق عزً وجل عن هذه الرذائل المنكرة، ولا الحياء من الناس، ولا ‏إنتهاك القانون المدني. كل هذا لا يعني لهما شيئا! المهم هو تلافي الفضيحة! وهذه هي الفضيحة ‏الأكبر.‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,623,988

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"