قليلاً من الحياء يا (وزير الخارجية)!‏

علي الكاش

قال ابن كناسة‎

يا واعظ النّاس قد أصبحت متّهمــا‎   ‎إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها‎

كمن كسا النّاس من عريٍ، وعورته‎   ‎للنّاس بادية مــــــا إن يواريها

 

يبدو ان وزارة خارجية حزب الدعوة قد وطنت نفسها في خيمة الخزي والعار والإنسلاخ عن ‏العروبة والإجماع القومي، فمواقفها السياسية رهن سياسة نظام الملالي، ولم تتمكن منذ الإحتلال ‏الغاشم من إتخاذ موقف واحد يخالف ولاية الفقيه أو على الأقل إستنكار ناعم لتدخلات نظام الملالي ‏في الشأن العراقي والتصريحات المسيئة لسمعة العراق. بل يمكن الجزم بأنها لم ولا ولن تخرج ‏من الصدفة الإيرانية. مواقفها في العلاقات الدولية تتبع إملاءات الخامنئي وممثله السفير الايراني ‏في العراق مائة بالمائة. وليس مهما عند الوزير الجعفري ان يبصق عليه كل وزارة خارجية ‏العرب لتمرده عن الإرادة العربية، مقابل إبتسامة ماكرة من الولي الفقيه، ويتحدثون بكل وقاحة ‏عن السيادة العراقية التي لا وجود لها إلا في عقولهم المتهرئة! ربما مفهوم السيادة في وزارة ‏خارجية حزب الدعوة يختلف عما هو متعارف عليه في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة! لكن ‏الا يعرف الجعفري وهو كما يدعي من أتباع آل البيت ويشعل وزارة سيادية في الحكومة ‏الملائكية ـ حسب تعبيره ـ قول الإمام علي بن أبي طالب" إنما يستحق السيادة من لا يصانع ولا ‏يخادع ولا تغرّه المطامع". أو ان مثل هذا العبارات المهمة لا تستحق التوقف أمامها، لأنها ‏موجهة للعامة وليس للحكام.‏

في آخر تصريح من نظام ولاية الفقية عن عاصمتهم بغداد كما صرحوا سابقا، هدد علي اكبر ‏ولايتي كبير مستشاري المرشد الاعلى‎ ‎الايراني علي خامنئي المتظاهرين العراقيين بتوجيه ‏واستخدام ميليشيات الحشد‎ ‎الشعبي لقمعهم! مضيفا بأن ميليشيات الحشد الشعبي لن يصعب عليها ان ‏تتصدى لبعض الاطراف غير المسؤولة وغير الواعية التي تثير‎ ‎الاضطرابات والقلاقل في الساحة ‏العراقية! يقصد بالطبع أتباعه الصدريين بعد أن رددٌ البعض منهم هتافات ضد الجنرال سليماني ‏‏(الحاكم الفعلي للعراق) وضد التدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي. يبدو ان خنوع الصدر ‏خلال السنوات الطويلة لإرادة الولي الفقيه لم يشفع له أزاء هتافات رددٌا بعض أتباعه!‏

كما صرح ولايتي في 7/5/2016  لصحيفة الأخبار اللبنلنية بأن" أية قوة لن‎ ‎تستطيع ازاحة ‏رؤساء الجمهورية فؤاد معصوم، والحكومة حيدر العبادي، ومجلس‎ ‎النواب سليم الجبوري من ‏مناصبهم، وأن الحضور الأميركي، اليوم، هو أضعف ممّا كان عليه منذ شهرين أو ستة أشهر، أو‎ ‎سنة من الآن". بمعى ان الولي الفقيه راضي عن الأضلاع الثلاثة المعوجة.‏

التصريح وقح بكل معانيه المقززة، وهو إعتراف كامل بأن الحشد الشعبي يؤتمر بأوامرالخامنئي ‏وليس حيدر العبادي، ولذا سدٌ الولي الفقيه بمداسه كل الأفواه التي كانت تعتبر الحشد الشعبي حشد ‏رسمي خاضع لسلطة حيدر العبادي. طبعا هناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد بأن الحشد ‏الشعبي لا يشتري العبادي بزبانه كما يقال في المثل العراقي. وأن منعه من زيارة المقدادية بعد أن ‏خربتها ميليشيات ولاية الفقيه، والتندر على حكومته من قبل زعيمي ميليشيا بدر هادي العامري، ‏وعصائب أهل الحق قيس الخزعلي أبرز دليل على ضعفه والإستهانه به وبحكومته الفاسدة. ‏الأنكى منه هو إعلان الأمين العام لسرايا الخراساني، علي الياسري، في لقاء متلفز مع قناة عراقية ‏‏" ندين بالولاء لخامنئي لأنه يقدم لنا كل ما نحتاجه من دعم.  إننا لا نأخذ الأوامر من حكومة إيران ‏بل من خامنئي كونه الولي". ونفس الكلام كرره زعيم ميليشيا بدر وعصائب أهل الحق، دون ان ‏يعلق العبادي على هذه التصريحات المهينة له شخصيا بإعتباره القائد الفضائي للحشد الطائفي.‏

كالعادة وضع وزير خارجية حزب الدعوة إبراهيم الجعفري قطعتي قطن في أذنية كي لا يعلق ‏على تصريح لارجاني، مع ان مثل هذه التصريحات تمثل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي العراقي ‏وتتعارض مع علاقات حسن الجوار، بل تمس سيادة الدولة هذا ان كان للدولة أصلا سيادة. ولو ‏كان هذا التصريح صادر عن السعودية او تركيا او البحرين لتحركت ديدان الجعفري مسببة حكة ‏شديدة  وما هدأت إلا بعد ان يكيل الصاع صاعين لهذه البلدان. هذا الجعفري الذي لا يفهم شيئا من ‏أبجدية الدبلوماسية والذي أفنى عمره في الشعوذة والدجل والسفسطة وقراءة الأدعية أقام الدنيا ولم ‏يقعدها عندما أجمع العرب على إعتبار حزب الله اللبناني حزبا إرهابيا، لكنه سكت عندما تعلق ‏الأمر بالبلد الذي يفترض إنه يمثله! والعجيب أنه كان مزهوا لأن ولاية الفقيه عبرت عن شكرها ‏لتمرده عن الإجماع العربي!‏

الحكومة العبادية والبرلمان الجبوري أيضا لاذا بالصمت، كأن الأمر لايهمهم، كما قال ‏الأصفهاني" هما كحماري العباديّ. حين قالوا له: أيّ حماريك شر؟ قال: هذا ثم هذا". الغريب ان ‏دخول بعض المتظاهرين العراقيين لمجلس الدواب إعتبروه إهانة كبيرة للدولة والمساس بهيبتها ‏‏(يقصدون هيبة القنفة)، في حين تصريح لاريجاني لا يعتبر إهانة ومساس بهيبة الدولة العراقية! لا ‏نفهم  مبررات هذه التبعية المخزية والرهان على الفرس الأعرج، مع ان المرجع العراقي ‏الصرخي الحسني ذكر" من يراهن على إيران فهو أغبى الأغبياء، فإيران حصان خاسر". وهذه ‏هي الحقيقة كل المؤشرات الدولية وفي المنطقة وداخل إيران تؤكد هذه الحقيقة الواضحة وضوح ‏الشمس في رابعة النهار. لكن كما يقال لا حياة لمن تنادي.‏

في الوقت الذي إنزوت فيه وزارة خارجية حزب الدعوة في زاوية الخزي العار، إنبرت منظمة ‏للرد على تصريحات لارجاني الإستفزازية. فقد  نشرت‎ ‎هيئة الدفاع عن  حقوق الانسان في العراق ‏بيانا صحفيا رفضت فيه تصريحات لارجاني، مؤكدة بأن هذا‎ ‎التصريح يؤكد تدخلات النظام ‏الايراني في شؤون العراق الداخلية، وهي موجودة‎ ‎على ارض الواقع العراقي ومتغلغلة في جميع ‏مفاصل الدولة ومتحكمة بكل قراراته‎ ‎السيادية. وإعتبرت تصريحه" تجاوزا لكل الحدود واللياقة‎ ‎الدبلوماسية والاعراف الدولية في علاقات الدول، والتي لم يجرأ على مثلها حتى‎ ‎الإحتلال ‏الأميركي تحسبا لردود الأفعال لدى العراقيين، وانما دأب عليها‎ ‎وبالاستمرار مسؤولي النظام ‏وبشكل متكرر فبعضهم صرح بان بغداد عاصمة‎ ‎للامبراطورية الاسلامية الايرانية وغيره ‏الكثيرون واليوم ولايتي يعلن ما لم‎ ‎يجرأ عن اعلانه رئيس الوزراء او وزيرا الدفاع او الداخلية في ‏العراق او‎ ‎غيرهم من ان الميليشيات هي التي أخرجت المتظاهرين من قبة البرلمان العراقي‎ ‎والمنطقة الخضراء وليس الجيش او القوى الأمنية العراقية".‏

الحقيقة ان الحياء لا ينقص لارجاني كما جاء في بيان المنظمة الموقرة، فهو يمثل سياسة بلده ‏الإستيطانية والتوسعية في المنطقة والمعروفة للجميع ما عدا عبيد ولاية الفقيه. لكن الحياء ينقص ‏وزير الخارجية إبراهيم الجعفري الذي إختفى كالأرنب المذعور في جحر وزارته ولم ينبس بكلمة ‏وهو الذي صدع رؤوسنا بإستنكار التدخل التركي في الموصل عبر المحافل العربية والدولية. ‏العيب كل العيب عندما تصمت وزارة الخارجية وتتولى منظمة عراقية  الرد على وقاحة ‏لاريجاني. ‏

فعلا صدق الشاعر القائل‎:

أليس من البلوى بأنّك جاهـــــــــــل‎   ‎وأنّك لا تدري بأنـــك لا تدري‎

إذا كنت لا تدري ولست كمن درى‎   ‎فكيف إذن تدري بأنك لا تدري

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,624,591

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"