ماذا يجري فعلا في رواق سلطة #حيدر_العبادي وكواليسها؟!

عبد الكاظم العبودي

رغم حالة الغليان الشعبي والاجتماعي القائمة في العراق، تتواصل الاجتماعات داخل أروقة المنطقة الخضراء، وتجري الترتيبات والاتفاقات على إتمام الصفقات الحالية بين الإدارة الأميركية وحكومة حيدر العبادي من جهة، والحكومة الإيرانية وممثليها من جهة أخرى، وهناك من التعهدات  قد تسربت إلى مصادر موثوقة وصلت إلينا  من داخل أروقة الحكومة العراقية، ومنها ما تسرب بشكل مقصود على السنة وتصريحات ناطقي وزارة الخارجية الأميركية والمتحدثين الإعلاميين الرسميين للبيت الأبيض، ومنها أفكار وتعليمات حملها نائب الرئيس الأميركي جون بايدن وبلغها إلى المسؤولين العراقيين  في رحلته الأخيرة إلى بغداد في الأسبوع الماضي.

 

ويحرص الجميع على استغلال الوقت المتبقي من عهدة الرئيس الأميركي باراك أوباما حتى 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 ، موعد الانتخابات الرئاسة  الأميركية، للحفاظ على بقاء الحكومة العراقية الحالية ، بأي شكل من الأشكال،  وضمان استمرارها من  دون تغيير جذري يذكر، على أن تجري عليها  بعض التعديلات الطفيفة والشكلية. و تجري عليها هذه الأيام اللمسات الأخيرة مع رتوش واضحة للمحاصصة الطائفية تحت غطاء  تشكيل حكومة التكنوقراط.

يصر الأميركيون، ومعهم الإيرانيون، على بقاء الحكومة العراقية الحالية برئاسة حيدر العبادي، وسيعمل الأميركيون والإيرانيون معا، كل من جهته، على منعها من السقوط، ويتم ذلك بضمانات إيرانية  ودولية وإقليمية، ملتزمة بدعمها اقتصاديا  ومدها بالقروض، لإنقاذها من السقوط بسبب الوضع الاقتصادي المفلس لها.

وعلى المستوى الأمني يجري دعم الحكومة العراقية بمساعدات لوجستية واضحة من قبل  القوات الأميركية ودعم القواعد الجوية في المنطقة ، وبريا  يحميها  أنصار وأتباع النظام الإيراني، المتمثلة في ميليشيات الحشد الشعبي والقوات التابعة لفيلق بدر والعصائب وحزب الله العراقي وسرايا الخراساني وغيرها من الميليشيات المرتبطة بفيلق القدس بإشراف مباشر من  قاسم سليماني، مع إبقاء حالة الصدام مع داعش شكليا، على أطراف الفلوجة والرمادي والموصل وكركوك والحويجة وبيجي ومحيط مدينة الموصل، حيث  تبقى الأمور على شكل كر وفر من  دون حسم نهائي، حتى انتهاء عهد الرئيس باراك اوباما ومجيء هيلاري كلينتون إلى مقاليد السلطة بعد فوزها المرتقب.

ولا يستبعد المراقبون والاستقراء من معطيات الوضع الجاري في العراق أيضا أن يبقى هناك هامش ما لجماعة مقتدى الصدر للعب بدور معين في تهميش وإضعاف الاحتجاجات الاجتماعية والتظاهرات الشعبية وتمييع مطالبها القاضية بمحاكمة رموز الفساد وملاحقة بعض القضايا المطلبية التي يثيرها الإعلام وقطاعات من المحتجين، وتستمر خلق حالات من التوتر بالاستهدافات الأمنية وتواصل التفجيرات الدموية التي تطال محافظات ومناطق معينة في بغداد لتصعيد التوتر الطائفي وخلق أجواء من عدم الثقة بين العراقيين.

كما تم الاتفاق على القبول بالتعديل الوزاري الذي تم بعد الأحداث الأخيرة الذي شهدها مجلس النواب بتمرد عدد من نواب الكتل ضد رؤسائهم، وكان التعديل قد شمل وزارات التعليم العالي والموارد المائية والكهرباء والصناعة والمعادن، وتم خلسة وبطريقة أشبه بالاختلاس التشريعي، وتمت استقالة محمد شياع السوداني، الذي كان يدير وزارتي التجارة والعمل ، ومحسوبا على التحالف الوطني، في الوقت الذي كانت تجري فيه الإشادة بسمعة عدد من الوزراء وعدد  من رموز الفساد ووزرائهم بمقالات وأخبار مدفوعة الثمن إعلاميا، منها مثلا، عندما اختارت منظمة وانس الايطالية محمد شياع السوداني، كوزير نزيه وله أيادي بيضاء على الحكومة، رغم تأريخه الدموي المعروف، منذ أن ترأس وزارتي حقوق الإنسان والعدل وغيرها، وتستر على الجرائم التي ارتكبتها سلطات المالكي والعبادي على نطاق واسع، ومع كل هذا التاريخ الأسود اعتبرته المنظمة المذكورة كأفضل وزير في حكومة العبادي!

والطريف قالت تلك المنظمة في تقرير لها ، وكما تم الترويج له إن "محمد شياع السوداني يعد أفضل وزير في الحكومة الحالية، لاسيما وهو يدير وزارتين في آن واحد، هي التجارة والعمل،  وكلاهما في احتكاك مع المواطن،  فالأولى مع غذاء العراقيين، والأخرى مع عملهم" ...  كما جرى التستر على فضائح كل الوزراء الفاسدين الذين تلاحقهم اللعنة الشعبية، وخاصة حسين الشهرستاني وباقر صولاغ، وبهاء الاعرجي وصالح المطلك،ةوإبراهيم الجعفري، وعادل عبد المهدي، وغيرهم كثيرون.

 كما يجري الهاء الناس في العراق خلال هذه الفترة بإبقاء وجود ما يسمى "صراع شيعي شيعي" ظاهري، مُسيطر عليه، إيرانيا، تقوده وتشرف عليه الأجهزة والمخابرات الإيرانية بالتعاون مع المرجعيات، مع استمرار الترويج إلى أخبار الصدامات الطائفية وإذكاء الفتن من خلال الإعلام المدفوع الثمن، وبغياب مؤسسات العدالة والمحاكم وسلطة القانون واستمرار التفجيرات الإجرامية في مختلف مدن العراق تستهدف الأبرياء .

إن فلسفة الدعم الأميركي لسلطة حيدر العبادي وحمايتها أميركيا وإيرانيا تنطلق من رؤية الإدارة الأميركية الحالية،  وحرص الرئيس باراك اوباما على إبقاء الأمور على حالها ،وهو الذي يرى إن سقوط الحكومة العراقية الحالية سيشكل تهديدا وسقوطا مدويا لسياسته ولحكم الحزب الديمقراطي في عهدتين متتاليتين، وسقوط العبادي، حسب الرؤية الأميركية، هو مؤشر لفشل التعاون الأميركي الإيراني معا في العراق، وسقوط حكومة العبادي، ستؤثر أحداثها، لا محالة، على نتائج الانتخابات الأميركية المتوقعة لصالح هيلاري كلنتون، لكونها مرشحة الحزب الديمقراطي. وتشير التوقعات أن لها حظوظ الوصول إلى الرئاسة الأميركية، خلفا لباراك أوباما، لذا يجري التخطيط والتنسيق مع الحكومة العراقية والإيرانية على إبقاء الوضع من داعش معلقا إلى وقت آجل، وسيبقى على وضعه الحالي من دون تغيير جذري، حتى تستلم هيلاري كلنتون منصبها في  الرئاسة الأميركية، نهاية هذا العام 2016 .

ويخطط منذ الآن أن تبدأ كلينتون عهدتها الرئاسية بتحقيق انتصار عسكري استعراضي مدوٍّ على داعش وتقدم نفسها للشعب الأميركي وللعالم كمنقذة ومحررة للعراق وشعبه، بعدها تشرع  الإدارة الأميركية بتغيرات ملموسة في صلب العملية السياسية في العراق، بما فيها تعديل الدستور، وجر أطراف من المعارضة العراقية المرتبطة بجهات إقليمية معروفة إلى (المصالحة الوطنية) مع حكومة العملية السياسية وفق شروط أميركية وإيرانية وإقليمية، تصاحبها تغيرات إقليمية متوقعة على ضوء الالتزامات الأميركية الإيرانية في العراق وسوريا وبقية دول المشرق العربي.

لذا من المتوقع أن يجري مثل هذا الالتزام حتى موعد الانتخابات الأميركية المرتقبة في 8 نوفمبر 2016 ولم تخف  الحكومة الأميركية اوباما نفسه حرصها على التأكيد على ذلك عبر العديد من التصريحات الصحفية  بأنها تعمل على إبقاء وضع الحكومة العراقية الحالية مستقرا، وترى أن الوضع في العراق مستقر نسبياً، ويمكن دعمه اقتصاديا بالقروض من صندوق النقد الدولي والمساعدات الدولية،رغم الهزات الحالية وتردي الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية،  حتى يتسنى للمرشحة الأميركية القادمة للبيت الأبيض هيلاري كلنتون القيام بأول انجاز رئاسي لها مبتدئة بتحرير الموصل والتخلص من الميليشيات الطائفية، وتعلن نيتها تحرير العراق من داعش وتثبت وجودها سياسيا في أميركا والعالم، باعتبارها السيدة الأميركية الأولى التي وصلت إلى السلطة حاملة القبضة الحديدية.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,039,680

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"