نزار السامرائي
بين آونة وأخرى تخرج علينا من وراء الأفق دعوات بعضها من نية حسنة، ومعظمها عن سوء نية وقصد أو عن جهل مركب بالاختلافات الاجتماعية والسياسية بين العراق وجنوب أفريقيا، ربما من بين أولى الاختلافات وأهمها أن هناك شعورا بالمواطنة في جنوب أفريقيا البلد الذي احتله الأوربيون قبل عدة قرون، ولكنهم حكموه بسياسة الفصل العنصري فسلبوا المواطن ابن البلد الأصلي حقه بأن يتصرف كإنسان، فجعلوا منه مجرد أداة من أدوات الإنتاج وتم تسخيره من دون إنسانية أو قوانين منظمة لحقوقه في تنمية ثروة أصحاب المناجم والمزارع والمصانع في البلاد، ولكن العالم بمن فيهم الدول التي ينحدر منها المستوطنون لم يمتلكوا الجرأة على الدفاع عن سياسات التمييز العنصري، فتم فرض عقوبات دولية صارمة أتعبت النظام ترافقت مع تنام في مستوى التحدي الذي بدأ السود يشهرونه بوجه السلطة، حتى أوصل الأقلية البيضاء إلى قناعة أن تحكمها بمصير الملايين من السكان الأصليين مستحيل، فاضطرت إلى ترويض نفسها إلى قبول فكرة الدمج العنصري، لاسيما أنها منحدرة من بيئة اجتماعية وسياسية وفكرية عالية المستوى وقادرة على التأقلم مع الظرف الجديد.





