حسابات الربح والخسارة في معركة #الفلوجة

عبدالله عمر علي

المهاجم في اي معركة عسكرية هو الذي يختار الوقت والاسلوب وحجم القوة البشرية المشاركة وحجم الاسناد الناري والجوي المطلوب للمعركة واماكن واسلوب الاقتحام بعد عمليات التجريد والقصف التمهيدي المطلوبة واسلوب واماكن الاختراق.. وكذلك تقدير حجم الخسائر المحتملة بالقطعات والاسلحة، وفيها يتم القرار على خوض المعركة من عدمها ارتكازا على هذه المعطيات فحسابات النصر او الهزيمة لا تعتمد فقط على النتائج المتحققة بل على حجم وطبيعة الخسائر المحتملة ايضا.

 

وعادة فان معركة مثل معركة الفلوجة لايتطلب اختراقها من الناحية العسكرية الصرفة (بعيدا عن طبيعة طرفي الصراع) اكثر من حشد ثلاثة اضعاف القوة المدافعة يتبعها عملية تجريد بالقوة الحوية لمدة لاتتجاوز الساعات.. ثم قصف مدفعي وصاروخي تمهيدي لا يتجاوز اكثر من ساعتين على مواقع منتقاة بدقة وفقا لتقارير الاستخبارات والتصوير الجوي ومنظومات الرصد والاستطلاع والحرب الالكترونية وليس قصفا عشوائيا وحشيا متعمدا ضد المدنيين الابرياء. ومن ثم تنطلق القوة المهاجمة من محور رئيسي واخر ثانوي وقد يرافق ذلك محور وهمي للمخادعة.

اما ماحدث من حشد هذه القوة الهائلة التي تضاعف قوة المدافع باكثر من 50 ضعفاً فالقوة المدافعة حسب المعلن لا تتعدى 2000 مقاتل بينما حجم القوات المهاجمة من القطعات العسكرية وميليشيات الحشد الشعبي وقوة مكافحة الارهاب والقوات الخاصة وميليشيات فيلق القدس الايراني وما يسمى الحشد العشائري والشرطة الاتحادية وغيرها تتجاوز 100 الف.. اما حجم القوات الجوية المقاتلة وطائرات الاباتشي للتحالف الدولي والحكومية وطيران الجيش وكذلك كتائب المدفعية والصاروخية والهاونات فهي تعادل القوات المهيئة لاحتلال دولة وليس مدينة بحجم الفلوجة.. ناهيك عن عملية الحصار والتطويق المطبق للمدينة الذي سبق العملية باكثر من شهرين.

واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الهجوم بدأ يوم 22 ايار اي منذ ما يقارب شهر في الوقت الذي اعلن فيها قائد ما يسمى بعمليات الفلوجة بأن الاقتحام سيكون خلال ساعات، فان ذلك يعني ان حسابات الربح والخسارة لم تدخل في حسابات المخططين بل الهدف تحقيق هذا النصر الوهمي حتى لو أبيدت قوتهم البشرية العسكرية بالكامل من الجنود ومتطوعي الحشد الصفوي المغرر بهم والمتخلفين فكريا وعقائديا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا، ولذلك فان المعركة لا يمثلها اي ميزان او معيار عسكري في حسابات المنطق!

اما الظهور المباشر والمقصود بالصورة الاعلامية لقاسم سليماني والايحاء بأنه البطل الذي لا يشق له غبار، فهو تسويق ايراني غبي اريد منه الاعلان الصريح عن تجسيد استراتيجية ما يسمى بتصدير الثورة بالقوة المسلحة، ناسين او متناسين بأن ذلك يفضي الى الاستفزاز الخطير والمثير لكرامة وقيم المواطن العراقي العربي الاصيل الذي قاتلهم هو او ابوه في القادسية الثانية او استشهد احد من اهله فيها، فتأصل الحقد المشروع جينيا ووراثيا وثقافيا ضد المشروع الصفوي..

اما تلك الجرائم التي ترقى الى مستوى الابادة الجماعية الوحشية ضد الإنسانية التي نفذتها ميليشيات الحشد الشعبي في شباب وشيوخ ونساء الصقلاوية والكرمة والفلوجة وامرلي وغيرها فانها كلها ستؤدي في الزمن القريب القادم الى تأسيس واضافة قوة مقاومة هائلة من ابناء واقرباء واصدقاء المغدورين ومن ابناء الشعب الاصلاء الذين كانت الضبابية تغطي عقول البعض منهم ورؤاهم بعد ان تكشف لهم الحق من الباطل.. فتنضم هذه القوة الجديدة الى قوة المقاومة الوطنية المسلحة الباسلة التي بقت خلال الفترة المنصرمة تراقب الصراع بين النقيضين داعش والميليشيات الايرانية، وتحشد قواها لتقرر بعد حين قصير الانطلاق المبارك لسحق تلك الميليشيات الايرانية المتهاوبة وإعادة العراق الى ماكان عليه، عزيزا عروبيا قويا تجسيدا لرؤية الخليفة الراشدي الفاروق عمر، رضي الله عنه وارضاه، بأن العراق جمجمة العرب ورمح الاسلام الذي لا ينكسر في الارض..

وعسى الله تعالى بعد هذا الاختبار الصعب ان يجعل نصره قريبا (الا ان نصر الله قريب) وسيفرح فيه العراقيون العروبيون الصابرون المحتسبون ومعهم كل اشقائهم العرب واولهم اهلنا في الخليج العربي الذي يبقى العراق حصنهم المتقدم ضد المشروع الصفوي الذي يستهدفهم وان الله ناصر من يتقيه.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,617,102

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"