عندما يخزي الله عباده، #إبراهيم_الجعفري مثالا

علي الكاش

قال الشاعر:‏

لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم‎    ‎وأن نكفَّ الأذى عنكم وتؤذونا‎

الله يعلم أنّا لا نحبّـــــــــــــــكمُ‎     ‎ولا نلومـــــــــكمُ إن لم تحبّونا

 

يبدو ان وزير خارجية حزب الدعوة قد وصل فعلا أرذل العمر، فهو كلما تعثر بحجرة من أحجار ‏البيت الشيعي المتهالك، كلما وهنت قوته وتضاعفت هفواته. كأن مارد القمقم جعله يتقمص ‏شخصية جحا ليكون إضحوكة في المحافل الدولية. مع فارق عبقرية جحا في بعض الأحيان عنه، ‏فجحا كان غبيا وعفويا تارة، وفي قمة الذكاء والعبقرية تارة أخرى، وهذا ما يفتقده إبراهيم ‏الجعفري.

كلما أسدل الستار عن فضيحة ما في وزارة الخارجية أو ربيباتها السفارات العراقية في ‏الخارج، كلما رفع الستار عن فضيحة جديدة. كأن الله تعالى يريد أن يخزيه في الحياة الدنيا، بعد ‏أن إطمئن قلب الوزير من خسارة الآخرة.‏

الحكومة العراقية ووزارة الخارجية والجهات الأمنية لا يشغلها بعد داعش سوى تحركات السفير ‏السعودي، تصريحات من مقتدى الصدر وإبراهيم الجعفري وأياد علاوي وغيرهم إستنكرت زيارة ‏السفير السبهان الى السجناء السعوديين في العراق. مع ان هذا من صلب واجبات القنصل بالدرجة ‏الأولى ويمكن أن يتولى السفير المهمة إن كانت الضرورة تستوجب ذلك، هذا ما تشير اليه إتفاقية ‏فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية بغض النظر عن وجود إتفاقية تبادل السجناء من عدمها. كل ‏ما في الأمر أن السفير أو القنصل يفاتح وزارة الخارجية أو وزارة العدل في البلد المعتمد فيه ‏للحصول على الإذن كإجراء برتوكولي لا أكثر، ولا توجد دولة ترفض مثل تلك الزيارات لأن هذا ‏من شأنه أن يترك إنطباعا سيئا عن أوضاع سجونها، او إنها تتعامل مع السجناء خارج إطار ‏إتفاقية حقوق الإنسان، ومن حق الدولة الأخرى أن تتخذ نفس الإجراء. لا أحد يجهل أن من ‏واجبات السفارة الرئيسة هو متابعة أوضاع مواطنيها في البلد المعتمدة فيه (الجالية) بغض النظر ‏عن كونهم طلابا أو عمالا أو مستشارين او سجناء.

ووجود سجناء سعوديون في العراق يتطلب ‏من السفارة متابعة قضاياهم بجدية بغض النظر عن طبيعة جرائمهم،. ومن حقها ان توكل ‏المحامين المناسبين لهم، ويجب على الدولة المضيفة أن تيسر الأمور للسفارة وتعينها، لا تقف لها ‏الند بالند، كما حصل في زيارة السفير السعودي، لإن من حق السفارة أن تقف على أدق التفاصيل ‏المتعلقة بشؤون سجنائها، وعلى الدولة المضيفة أن تمدها بالمعلومات والتطورات التي تطرأ على ‏قضايا السجناء سلبا او إيجابا. لذا فأن تصريحات الزعماء العراقيين تعبر عن غباء مدقع، وربما ‏يمكن للمرء أن يتسامح معهم لجهلهم بالعلاقات الدولية، ولكن هذا التسامح لا يجوز مع حملة دار ‏زارة وزارة الخارجية.‏

في الوقت الذي صرح فيه الجعفري خلال لقاء مع وكالة‎ ‎الجمهورية الاسلامية للانباء ايرنا بأن" ‏تحركات السفير السعودي تمثل‎ ‎تدخلا صارخا في شؤوننا الداخلية، وما يقوم به ليس من دوره ‏كسفير ولا حتى من‎ ‎دور وزير الخارجية فضلا على ان يكون سفيرا، نحن لا نميل للتهديد بقطع‎ ‎العلاقات وانما ابلغنا السفير بشكل رسمي بهذه التفاصيل".

لكن جاءت الأحداث لتلجم الوزير ‏وتضعه في موقف لا يحسده عليه! السهم الطائش الذي رماه الجعفري على السبهان، إرتد عليه، ‏وأتاه أكثر من سهم قاتل!

فهو في الوقت الذي يؤكد فيه الى ضرورة إحترام السفير للدولة المضيفة ‏وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، على الرغم من ان السبهان تحدث عن الجنرال سليماني وليس ‏على وزير الدفاع العراقي، فقد ذكر أن" وجود شخصيات إرهابية إيرانية قرب الفلوجة، دليل ‏واضح على‎ ‎أنهم يريدون حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية المقيتة". وما قاله السفير حق، ‏ولا يمس ما يسمى بسيادة العراق الملثومة، ولا يستوجت قطع العلاقات الدبلوماسية، والخاسر فيه ‏العراق بالطبع، بعد أن فقد العرب جميعا،  وإلتزم بنظام الملالي.‏

لكن لا أحد يجهل بأن سليماني هو الحاكم الفعلي للعراق لذا جاءت ردة الفعل العراقية سريعة وقبل ‏إيران نفسها! قبل أن يصرح برلماني إيراني بطرد السفير السبهان، في حالة فريدة من نوعها في ‏تأريخ الدبلوماسية، وفي غباء دبلوماسي لا يوجد له نظير سوى وزارة الخارجية العراقية. فقد دعا ‏عضو لجنة الأمن القومي‎ ‎والسياسية الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب حسين نقوي حسيني ‏في 12/6/2016  الحكومة‎ ‎العراقية، إلى طرد السفير السعودي لدى بغداد، ثامر السبهان، معتبرًا ‏أنه‎ ‎‏"سفير غير مرغوب فيه". بالطبع خرس الجعفري ولم يعتبر هذا التصريح تدخلا سافرا في ‏الشؤون الداخلية العراقية! مع هذا يتحدثون بوقاحة وصفاقة عن السيادة وعدم تبعيتهم لولاية الفقيه!‏

السهم الأول الذي تلقاه الجعفري كان من قبل الجزائر الشقيقة، بعد أن إستدعت الحكومة الجزائرية ‏بهلول السفارة العراقية حامد محمد الحسين، وطلبت منه إيضاحات‎ ‎حول مساع عراقية تهدف إلى ‏تشييع الجزائريين وذلك بعد إعلان السفارة عن‎ ‎تسهيلات استثنائية لزيارة الأماكن المقدسة ‏ومزارات الشيعة‎ ‎في كربلاء والنجف‎.‎‏ وأعرب وزير الأوقاف الجزائري محمد عيسى عن أمله في ‏أن" تلتزم البعثات الدبلوماسية بالمهام المنوطة بعقيدة الجزائريين المضبوطة‎ ‎بروح الدستور، ‏ونصوص القانون"، ونتيجة لهذا التصرف الغبي والسخيف من قبل سفارة حزب الدعوة، أعلن ‏وزير الأوقاف عن اتخاذ تدابير جديدة في قوانين حماية الجزائريين من التطرف الديني، ومعاقبة ‏المتورطين قضائيا‎ ‎لحماية المرجعية الإسلامية التي نص عليها الدستور‎.‎‏ وأن التشريع الجديد ‏سيجرّم المتورطين في التبشير والمد الشيعي وكل‎ ‎ما يمس النسيج الاجتماعي والأمن الفكري ‏للشعب الجزائري ووحدته.  واعتبر تصرف السفارة العراقية "‏‎ ‎خطوة غير مسبوقة في تاريخ ‏العلاقات بين البلدين"‏‎.‎

السهم الثاني جاء من تصريحات الزعماء العراقين وتدخلهم في شؤون مملكة البحرين الشقيقة، ‏وهي حالة تثير العجب، فهم لا يسمحون للسعودية مثلا ان تتدخل في شؤونهم الداخلية، وحصروا ‏حق التدخل بالولايات المتحدة وإيران فقط! لكنهم يتدخلون في شؤون بقية الدول في إزدواجية تثير ‏السخرية. فقد ادانت الكتلة‎ ‎النيابية لحزب الدعوة الاسلامية " اقدام الحكومة‎ ‎البحرينية على اسقاط ‏الجنسية عن الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية في البحرين‎ ‎الشيخ عيسى قاسم. وقال رئيس الكتلة ‏خلف عبد الصمد" يحاول النظام البحريني في خطوة سبقتها خطوات كثيرة محو الهوية‎ ‎البحرينية ‏الوطنية عبر إقصاء مكوناته الاصيلة ابعادا واعتقالا وتنكيلا‎ ‎واغتيالا". من جانب آخر حذر زعيم ‏ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي السلطات البحرينية التي " تجاوزت الخطوط الحمراء،  ‏وأن النظام البحريني يقود حملة مسعورة ضد الطائفة الشيعية". وأكد "الاستعداد‎ ‎التام في هذه ‏الحالة لمساعدة شعب البحرين من الظلم الذي يتعرض إليه". بالطبع هذا التصريح يعتبر رسمي، ‏لأن هذا الخزعلي يترأس ميليشيا في الحشد الشعبي، وهي كما يزعم رئيس الوزراء مؤسسة ‏رسمية تابعة له! لذا ما يصدر عن المؤسسة الرسمية من تصريحات تعتبر رسمية، ولا تعتبر ‏تشخصية وغير مسؤولة إلا إذا أصدر رئيس الوزراء بيان بذلك، وهذا ما لم يحصل. لاحظ من ‏إنتقد سحب الجنسية من المعارض البحريني! الخامنئي، الجنرال قاسم سليماني، حمد أبو طالبي ‏مساعد الخامنئي السياسي لمكتب الرئاسة، علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني، مقتدى ‏الصدر، قيس الخزعلي، حزب الدعوة، جميعهم في مركب واحد!‏

السهم الثالث جاء من مركز بغداد لحقوق الإنسان الذي أصدر بيانا ندد فيه نفي الجعفري لأية ‏اعتداءات قام بها حشده المقدس، فقد جاء في البيان" نستغرب وبشدة تصريحات وزير الخارجية ‏العراقي، في الوقت‎ ‎الذي وثقت فيه المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية ووسائل الإعلام المختلفة‎ ‎جرائم طائفية مروِّعة، ارتكبها الحشد الشعبي وأجهزة أمنية وعسكرية أخرى‎ ‎وبمشاركة عسكريين ‏إيرانيين". مضيفا " أن تصريحات السيد الجعفري تبرير لجرائم ترتكب ضد الإنسانية، وأن تلك ‏التصريحات تؤكد السياسة الطائفية للسلطات العراقية في الانتهاكات ضد حقوق الإنسان من حيث ‏التبرير والتغاضي‎ ‎والتواطؤ، ومحاولات التقليل من حجم وبشاعة تلك الجرائم، ووصفها بالفردية ‏أو‎ ‎غيـر الممنهجة".  وأضاف البيان" تمثلت بالإعدامات الجماعية والفردية خارج إطار‎ ‎القانون ‏من ذبح وحرق ورمي بالرصاص ودفن للمدنيين الأحياء بالجرافات، وجرائم‎ ‎الإخفاء القسري ‏والتعذيب وسوء المعاملة والاعتداء على أموال وممتلكات المدنيين، والاعتداء على الرموز ‏والمقدسات الدينية للمسلمين السُّنة". واضاف البيان" يبدو أن السيد الجعفري لم يطلع على أحكام ‏القوانين الدولية والوطنية‎ ‎والشرائع السماوية المختلفة، التي حرمت جرائم الاعتداء على حقوق ‏وحريات‎ ‎الأفراد في جميع الظروف والحالات؛ ومنها حالة الحروب والصراعات المسلحة،‎ ‎كما ‏يبدو أنه لم يعلم بالالتزامات الدولية لجمهورية العراق بموجب القانون‎ ‎الدولي، والتي تتمثل في ‏الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المختلفة التـي انضم‎ ‎لها العراق، والتي جرمت وحرمت الاعتداء ‏على أرواح وممتلكات الأفراد". نقول للمركز من أين يعلم الجعفري القانون الدولي، وقد قضى ‏عمره في العمل حملة دار؟ أما الشرائع السماوية فقد تبرأ منها حزب الدعوة منذ تأسيسه.‏

نقدم هذه المعلومة الجديدة للجعفري التي تخص الأعمال الإسلامية المجيدة لحشده المقدس"عُثر ‏على 20 جثة مقطوعة الرأس في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار العراقية، وأكّد‎ ‎زعماء قبليون أن ‏المجزرة وقعت في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات "الحشد‎ ‎الشعبي" في المدينة. وقال طبيب ‏في مستشفى الفلوجة، إنّ "الكوادر الصحية‎ ‎عثرت على جثث الضحايا في حي الضباط شرقي ‏المدينة"، لافتاً إلى "تعرّض أجساد‎ ‎القتلى للتعذيب والتشويه، قبل قتلهم وقطع رؤوسهم".

أليس ‏الحشد الشعبي مقدساً فعلاً؟

 

 

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,066,215

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"