#داعش في خدمة #المنطقة_الخضراء و #إيران وإقليم #كردستان

علي الكاش

سألني بعض القراء الأفاضل عن السبب وراء قلة كتاباتي عن داعش، على العكس من إهتمامي السابق ‏بنقد تنظيم القاعدة الإرهابي، سيما أني وصفت تنظيم داعش بالإرهابي في عدة مقالات، ولكن بإشارات ‏عابرة لا تغني ولا تُسمن! في الوقت الذي أركز فيه على بقية الميليشيات الإرهابية. بالطبع هذه حقيقة لا ‏أنكرها، مع أني أعتبر أية عملية تستهدف الإعتداء على المدنيين سواء بالقتل أو الإغتصاب، أو نهب ‏الممتلكات أو حرقها، أو إعتقال الأبرياء بلا ذنب، وتهجير السكان من بيوتهم هي عمليات إرهابية بغض ‏النظر عن الجهة التي تقوم بها، والشريحة الإجتماعية التي تتعرض لها. ‏

 

لكن التنظيم بحد ذاته يثير الحيرة والتردد في الكتابة عنه، لأنه في ضوء التعتيم الاعلامي لذي يفرضه على ‏نفسه، ورفضه التعامل مع وسائل الإعلام رغم إمكاناته التقنية الكبيرة، ومحدودية المعلومات المحايدة ‏عنه، مقابل الآلاف من وسائل الإعلام الأجنبية والعربية التي تعاديه، لذا من الصعب جدا الى الوصول الى ‏الحقيقة الكاملة. فالمبالغة الإعلامية حاليا هي سيدة الموقف، وهي تعرقل عملية الخوض في موضوعه ‏بشكل محايد. الحياد نفسه يأول بالوقوف مع التنظيم على أقل تقدير من قبل معظم الجهات الدولية ‏والمحلية. فمقولة المجرم السابق جورج بوش الإبن " أما مع الإرهاب او ضده"، صارت قاعدة رسمية في ‏التعامل الدولي والمحلي، بالنسبة للدول المتقدمة منها والمتخلفة، تتعامل بموجبها مع شعوبها بما فيهم ‏الكتاب والإعلاميين وغيرهم.‏

على سبيل المثال بشأن المبالغات الإعلامية، كم مرة صرح مسؤولون أجانب وعرب بمقتل أو جرح ابو ‏بكر البغدادي؟ علاوة على تداخل وتشابك المعلومات وتضاربها بشكل مضبضب لا تخرج منه بما يُعقل. ‏فقد حارب المالكي ومن بعده العبادي داعش، وبنفس الوقت، المالكي هو الذي أطلق المئات من قيادي ‏داعش من السجن الحصين ابو غريب، الذي لا يمكن أن تهرب منه فأرة، بإعتراف وزير العدل السابق ‏حسن الشمري، وهذا شيعي من حزب الفضيلة، متطرف وطائفي لحد النخاع. كانت العملية مدبرة من قبل ‏المالكي بشكل واضح ومفضوح. نسأل! كيف يفتح لهم أبواب السجن ليفروا، من ثم يلاحقهم؟ هل هي أفلام ‏توم وجيري؟ مع فارق الأولى تُضحكنا والثانبة تُبكينا.‏

كما أن داعش جاء كما يزعم التنظيم من أجل وقف المجازر التي يتعرض لها أهل السنة على أيدي ‏الحكومة الشيعية والميليشيات الطائفية المنضوية تحتها، لكن ما قتله التنظيم من أبناء أهل السنة أكثر من ‏الشيعة بإعتراف زعماء وسياسيين شيعة. كما أنه جعل من المحافظات والمناطق ذات الغالبية السنية ‏خرائب وأطلال تنعق فيها الغربان وتعوي فيها الذئاب. وبدلا من أن يحمي أهل السنة قدمهم قربانا ‏للحكومة والميليشيات الشيعية لتنحر بهم في المناطق التي إنسحب منها أو هُزم فيها. وهناك محطات كثيرة ‏تتطلب التوقف عندها، من أهمها:‏

‏1. أن داعش وحد  الشيطانين الأكبر والأصغر، ولَقح قوة المستكبرين بالمستضعفين على الساحتين ‏السورية والعراقية في توليفة لا مثيل لها. حاليا الهجومات البرية على الفلوجة والموصل بإدارة القوات ‏الايرانية وإشراف مباشر من الجنرال سليماني (الارهابي وفق القائمة الامريكية للإرهاب)، والهجومات ‏الجوية بإدارة امريكية! توافق يثير الحيرة والعجب.‏

‏2. استفادت ايران من داعش لتبرير تدخلها في العراق وزيادة نفوذها، بحجة الدفاع عن العراق ضد ‏الإرهاب. فخدم داعش بذلك المشروع الايراني في العراق.‏

‏3. قدم داعش المبرر الكافي لنظام الملالي في التوغل داخل الأراضي العراقية لحماية أمنها القومي كما ‏تزعم، وبعمق (40) كم داخل الأراضي العراقية. ولم تبدِ الولايات المتحدة ان معارضة لهذا التوغل، على ‏عكس طلبها من الحكومة التركية بالإنسحاب من أطراف الموصل، وإرسال وزير الخارجية الأمريكي الى ‏اردوغان لغرض سحب قواته. ‏

‏4. إستغلت إيران وجود داعش بالتعاون مع المرجع الشيعي السيستاني لإعادة تجربة الحرس الثوري ‏الإيراني بإسم الحشد الشعبي، وهو ما سبق أن سعت إليه وصرحت به مرارا وتكرارا. ولا أحد يجهل ان ‏الحشد يرتبط بالولي الفقية كما إعترف أبرز قادته، وليس العبادي كما يزعم.‏

‏5. تهجير أهل السنة من محافظاتهم خلال وبعد سيطرة داعش عليها، صرح غزوان الداودي عضو مجلس ‏محافظة نينوى في 10/6/2016 إن " اكثر من مليون واربعمئة ألف‎ ‎شخص، نزحوا من محافظة نينوى، ‏بعد اجتياحها من قبل تنظيم (داعش) الارهابي،‎ ‎وأن "مليون ونصف‎ ‎المليون شخص من ابناء مدينة ‏الموصل، لايزالون قابعين تحت سيطرة التنظيم في‎ ‎المدينة"، مشيراً الى" إنهم يعانون ظروفاً معيشية ‏صعبة في ظل نقص المواد‎ ‎الغذائية والطبية والحصار الخانق التي تفرضها عليهم تلك العصابات".‏

‏6. تم تهجير أهل السنة من مناطق سكنهم المحررة من داعش بحجة البيوت المفخخة وتوطين الشيعة ‏الفرس والأفغان مكانهم، ممن جاءوا في زيارة مراسم عاشوراء، ورفضت إيران عودتهم لأنهم لا يملكون ‏أوراق ثبوتية، إنها مؤامرة معدة مسبقا بالإتفاق مع حكومة العبادي والكتل الشيعية. والتزم داعش جانب ‏الصمت تجاهها.‏

‏7. تمديد العمق الشيعي ولحم المنطقة الغربية بشرق السعودية لتأمين التوغل في المناطق الشرقية داخل ‏المملكة العربية السعودية، وإثارة النعرات الطائفية وتهديد الأمن القومي. والمساعدة على تنفيذ مخطط ‏الهلال الشيعي، بقصد أو دونه.‏

‏8. اعطاء الحجة الكافية لنظام الملالي لزج الجنود الفرس في الحرب على الإرهاب، على إعتبار ان الأمن ‏القومي الإيران مهدد من قبل داعش. وتحويل انظار الايرانيين عن المشاكل الداخلية من بطالة وتضخم ‏وفقر وجوع وجهل ومخدرات وغيرها.‏

‏9. وحدة الهدف بين داعش ونظام الملالي لتفريغ مناطق اهل السنة ودفعهم للنزوح داخلا وخارجا، كل ‏المناطق التي انسحبت منها داعش قد دخلها الحشد الشعبي وعبث بها وقتل من أهلها واحرق ودمر ‏واغتصب، دون ان يكلف داعش نفسه حماية أهالي المناطق التي كانت تحت سيطرته، مما يتنافى مع ‏ابسط القيم السماوية والأخلاقية.‏

‏10. استهدف داعش السعودية والكويت وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والبحرين ومصر، ووصلت اعماله ‏الإرهابية الى الولايات المتحدة واوربا، لكنه لم يقم بأية عملية ارهابية داخل ايران! لماذا وهي دولة ‏الروافض كما يزعم؟

‏11. تهجم داعش على كل الأنظمة السياسية في المنطقة وعلى شيوخ اهل السنة، وزعماء تنظيم القاعدة ‏والأخوان المسلمين، لكنه لم يتهجم على الخامنئي وملالي النظام  الايراني! لماذا؟

‏12. توسع داعش في الموصل، مع انه بعد سيطرته على الأنبار كان من الأجدى به ان يوجه قواته الى ‏كربلاء والنجف حيت العتبات الشيعية التي سبق ان هدد بتدميرها. لكنه دمر الكنائس والأضرحة والآثار ‏في مناطق أهل السنة. كما كان التنظيم على بعد حوالي (50) كم من العاصمة بغداد، لماذا توقف في ‏زحفه، وفتح جبهة الموصل وديالى وصلاح الدين وشتت قواته على جبهات طويلة؟

‏13. على الرغم من تواجد الحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الأفغان في جبهات القتال مع داعش، لم ‏تتمكن الأخيرة من اسر أي واحد منهم، في حين أسرت المئات من الجنود العراقيين وعناصر الميليشيات.‏

‏14. بواسطة داعش سُرقت تظاهرات العراقيين، وسرقت ثورة العشائر من اهلها، لم يعد هناك من يتحدث ‏عن ثوة العشائر وانما عن داعش فقط.  ولم يعد أحد يتحدث أيضا عن التظاهرات العراقية التي ضمت كل ‏شرائح الشعب العراقي، وصار الحديث عن تظاهرات الصدريين وهي ذات طابع طائفي وتوجيه ايراني.‏

‏15. طوى داعش ملفات الفساد الحكومي، وقدم استراحة طويلة للقضاء العراقي وما يسمى بلجنة النزاهة، ‏فطمطمت ملفات الفساد. كان خطة العبادي تحرير الفلوجة والموصل أفضل حجة لتضليل العراقيين، ‏وإخفاء ملفات الفساد.‏

‏16. وحد داعش الفصائل الشيعية المتناحرة، وفي الوقت الذي كان البيت الشيعي قد تصدع تماما وآل الى ‏الإنهيار على رؤوس أصحابه، فقد سمح داعش للفصائل بتريميم التصدعات، وجمعهم مرة ثانية تحت ‏سقف البيت الشيعي موحدين. وهو نفس المطلب الإيراني، فهل هي الصدفة أم التنسيق؟

‏17. إجهض داعش تنامي الثورة الشعبية ضد التدخل الايراني في الشأن العراقي والهيمنة على كل ‏مقدرات الدولة، فقد بدأ المتظاهرون في رفع شعارات وتريديد هتافات تندد بالخطر الايراني، وكانت تلك ‏المفاجأة التي داهمت الخامئني، لأنها جرت في أهم معاقل ايران في العراق اي كربلاء، ولكن الآن لا أحد ‏يتطرق الى هذا التدخل اللعين، بل على العكس. هناك مدح وإشادة بالموقف الايراني والحشد الشعبي الذي ‏يؤتمر بأمرة الجنرال سليماني، حتى من قبل جحوش أهل السنة في الحكومة والبرلمان.‏

‏18. قدم داعش خدمة كبيرة للحكومة العراقية، بعد أن شغل العراقيين بأخبار الحرب ضده، فلم يعد الشعب ‏يطالب حكومته  في مثل هذا الوقت العصيب بتحسين الماء والكهرباء والخدمات البلدية، وحل مشكلة ‏الفقر والبطالة وغيرها، فقد انشغل بالحرب وبطوابير القتلى والجرحى الذين يسقطون يوميا من ابنائهم.‏

‏19. بعد أن أصبح داعش جار لإقليم كردستان، واخذ يتحرش بجاره الكردي، فتح للأخير الباب أمام ‏المساعدات العسكرية المادية والخبراء من الولايات المتحدة والدول الأوربية والكيان الصهيوني فأغدقت ‏عليه بحجة إنشغال الحكومة العراقية بجبهة الأنبار. وجاء المئات من المستشارين الأجانب لنجدة البرزاني ‏الذي وجدها كالعبادي فرصة ثمينة لتشتيت أنظار الشعب الكردي عن أزماته الداخلية، سيما بعد أن طرد ‏البرزاني وزراء حركة التغيير (المنشق عن الإتحاد الوطني الكردستاني) من حكومة الإقليم، ومنع رئيس ‏برلمان الإقليم من دخول اربيل. وأخذت الفأرة الكردية تقضم يوميا الجبنة العراقية بغفلة من صاحبها ‏العبادي. وطرح البرزاني إسطوانة جديدة، كل ارض عراقية محتلة من قبل داعش تحررها ميليشيا ‏البيشمركة تنضم الى الإقليم. نحمد الله ان الأنبار بعيدة عن مشاركة البيشمركة وإلا فأن مصيرها الحتمي ‏الإنضمام إلى إقليم كردستان حتف أنف العبادي وحزب الدعوة.‏

‏20. غالبا ما يعلن داعش مسؤوليته عن تفجيرات إرهابية سواء كان هو من يقوم بها أو الميليشيات ‏المرتبطة بولاية الفقيه. وعندما جرت التفجيرات الأخيرة في مدينة الصدر بعد إقتحامهم المنطقة ‏الخضراء، كانت كل الدلائل تشير إلى أنها تصفيات بين الأحزاب الحاكمة، وظهرت عدة تصريحات من ‏مسؤولين أشاروا بأن تلك التفجيرات من أفعال ميليشيات الأحزاب الحاكمة. واتهم الصدر علنا غريمه أم ‏حميمه نوري المالكي بتلك التفجيرات. لكن التنظيم أعلن مسؤوليته أيضا عن عدد من منها، بمعنى أن ‏التنظيم يغطي على التفجيرات التي تقوم بها الميليشيات الحكومية، فيدعيها لنفسه. فهو يخدم أجندة إيران ‏من جهة، ويساعد حكومة العبادي بالتغطية عن جرائم ميليشياتها من جهة أخرى. وهذه الحالة تتكرر ‏بإستمرار، فتاهت الحقيقة علينا. ألم نقل بأن موضوع داعش محير فعلا!‏

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,628,208

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"