الحمد لله الذي أعطى وأنعم والصلاة والسلام على النبي الأعظم وعلى أصحابه أولي السبق والكرم، أما بعد:
فقد كانت ليلة عظيمة تابعها المسلمون في أرجاء المعمورة، يترقبون انقضاء المشهد الذي ابتدأ بليل غم وهم وكرب سبّبه انفلاتٌ من عسكرٍ أسكرهم الغرور فابتدروا أمتهم وبلادهم بالغدر دون العدو (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ) (95) الشعراء، سهرت أمتنا تدعو للطيب أردوغان وللشعب التركي، سائلين الله تعالى أن يكشف الغم ويزيل الهم وينفّس الكرب، منهم المصلي بين ساجد وراكع، في المساجد والبيوت والشوارع، ومنهم من يدعو ويتابع، ومنهم من يكتب ويدافع، فانتصر الحق والجوامع على الباطل والمدافع، (فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ) (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، وانفلج الصبح على طائفتين، أولاهما: أهل الايمان والدين ومن والاهم من الذين عرفوا الحق وأحبوا الحرية لجميع الناس، والأخرى: طائفة الصليبيين والصفويين ومليشيات ايران والباطنيين وعشاق أمريكا ومن شايعهم الذين يعرضون بلدانهم وضمائرهم في سوق النخاسة ويعشقون العبودية والقهر، وشتان بين عمل تذهب مؤونته وتبقى بركته ومثوبته وبين عمل تذهب لذته وتبقى تبعته ومعرته (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
لقد كان مُلفتاً للنظر التحام الشعب التركي الحر- برغم اختلاف الأمزجة والعقائد والمناهج والتطلعات- وسرعة تجاوبه مع قيادته، وتقديمه المصلحة العامة فوق كل اعتبار فئوي أو حزبي، وجدوا مصلحتهم في وحدتهم وليست في شرذمة عسكرٍ غشوم] ظلوم] وعقلية صدئة توهمت أنها ببيان بائس تسقط إرادة الشعوب وتخطف البلاد وتستذل العباد، فسطَّر الشعب وقيادته انتصاراً ملحمياً لحريتهم واصبحوا مثالاً لأمتهم وللأحرار في العالم، واندحر آخر الانقلابات العسكرية في تركيا إلى غير رجعة بإذن الله.
أيا أيها القائد الفذ كنت مع الله فكان الله معك، ومن كان الله معه كانت معه الفئة التي لا تغلب والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل والغني الذي لا يقل، فلا تبرح معية الله أبدا، فمن كان الله معه لم يخسر شيئا ومن لم يكن الله معه لم يربح شيئا (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ) (وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا).
سلَّم الله تركيا وسلَّم الاسلام فيها والاذان، وسلَّم الله الشعب وأردوغان، سلَّم الله الوفاء والاخلاص والأخوة الصادقة، سلَّم الله في تركيا اغاثة الملهوفين ونصرة المستضعفين وإيواء المهجرين، اللهم لك الحمد أولاً وآخراً ظاهراً وباطناً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا.