بدأ الإعداد لانقلاب تركي أخطر!

صلاح المختار

من يظن ان القضاء على المحاولة الانقلابية في تركيا نهاية المطاف للتآمر الأميركي على تركيا واهم، وما لم تنتبه السلطات التركية لما يجري في أميركا وتحت الارض في تركيا فانها ستكون قريبا في مطحنة انقلاب أميركي، ظاهره فتح الله غولن، اشد قوة مما حصل، لان الانقلاب الفاشل كان عبارة عن احماء واعداد للانقلاب الحقيقي القادم ، وكل المؤشرات تدعم هذه الفرضية وهو ما سنوضحه.

 

ولكن قبل كل شيء يجب ان اشير بوضوح تام بان تحذيرنا من المخطط الذي تتعرض له تركيا سببه الاساس هو ان احباط الانقلاب القادم في تركيا مثل احباط السابق يضعف ويساعد على اجهاض مخطط تقسيم الاقطار العربية ويعزز وحدتها الوطنية والقومية خصوصا وحدة العراق وسوريا واليمن. يجب ان يكون واضحا وبلا غموض بأن التغيير الذي قررته أميركا في تركيا ليس هدفه مجرد اسقاط نظام الرئيس طيب اردوجان بل تقسيم تركيا ، ودعمها القوي والعلني لتنظيم كردي انفصالي ليس الا احد المؤشرات التي لاتخطأ لوجود هذا الهدف ، وهو يكمل ما يجري في الاقطار العربية وتلعب (اسرائيل الشرقية) الدور الرئيس في تنفيذه كما تشير كل الوقائع . ان اضعاف واجهاض مخطط تقسيم الاقطار العربية هو محركنا الاساس وما دامت وحدة تركيا في هذه الظروف العصيبة تكبح عملية تقسيم الاقطار العربية فاننا نقف مع وحدة تركيا الاقليمية بلا تردد .

ما الذي جرى في تركيا ؟ تصف اوساط أميركية قريبة من المخابرات الأميركية  ما جرى بانه نصف انقلاب او اعداد للانقلاب المنتظر او احماء للعناصر العسكرية فيه كي تقوم بتوجيه ضربتها الحقيقية . ونحن نضيف ما اهملته تلك الاوساط فبعد ان تتم عملية تصوير اجهاض الانقلاب على انه كان اهانة واذلال غير مسبوقين لجنرالات الجيش من قبل مدنيين وقوى الامن التركية وابراز تفاصيل ذلك والتذكير بأن الجنرالات كانوا يوصفون بانهم (صانعو الملوك) فان الخطوة القادمة المتوقعة ستكون انقلابا انتقاميا ومصيريا بالنسبة للكتل العسكرية التابعة لأميركا وهي كبيرة ومتغلغلة في الجيش وغيره ومنها كتلة فتح الله غولن .

ويمكن لفت النظر الى ان الانقلاب ظهر كأنه عمل هواة وليس لعسكريين محترفين وربما المخابرات الأميركية هي التي صممت الانقلاب ليكون بهذه الطريقة كي تعد العدة بأضافة الحالة النفسية للجنرالات والضباط المترتبة على اذلالهم العلني الى حافزهم الاول، لان الشعب التركي يكره حكم العسكر ويرفضه ، وهو ما اكدته عملية اجهاض الانقلاب من قبل الشعب بالدرجة الاولى ، وبما ان سحق المئات وربما الالاف عمل يؤدي الى عزلة قاتلة للنظام العسكري الانقلابي فان الخطوة الاولى كانت استخدام انقلاب فاشل لخلق دافع قوي للجيش كي يوجه ضربات لا رحمة فيها لمن يتصدى له عندما يقوم بانقلابه الاخطر حتى لو ادى ذلك الى مقتل الالاف ، هنا يمكن رؤية ان احد اهم اهداف الانقلاب الفاشل هو الاحماء استعدادا لانقلاب مدروس ومحكم  بتوفير دافع اقوى من فكرة تجنب اراقة دماء الناس .

اما لماذا تريد أميركا اسقاط اردوجان فلم يعد السبب غامضا فالاتحاد الاوربي مثلا ادرك ان الموجة الاخيرة من اللاجئين الى اوربا والتي اربكتها وسببت لها مشاكل غير محسوبة من تخطيط اردوجان واستخدمها كوسيلة للضغط على الاتحاد لقبوله عضوا وانهاء الانتطار المذل لتركيا والذي زاد على نصف القرن ، وهذه الطريقة في الضغط  تؤذي الاتحاد الاوربي لان اوربا تريده ان يبقى ناديا مسيحيا ولا مكان فيه لبلد مسلم .وبالنسبة لأميركا الاسلام الذي قدمه اردوغان للعالم (اسلام معتدل) ويختلف عن الاسلام المتطرف الذي غذته ودعمته أميركا وبريطانيا منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي في افغانستان بدعم المجاهدين الافغان والقاعدة وفي (اسرائيل الشرقية) بدعم خميني.

ومصلحة أميركا والكيان الصهيوني في الاسلام المتطرف تكمن في انه يؤدي الى شرذمة العرب وتقسيم الاقطار العربية في سايكس بيكو الثانية ، وبما ان اسلام اردوجان وكما قدم في تركيا معتدل وديمقراطي ونجح في رفع تركيا الى مصاف الدول المتقدمة والناجحة اقتصاديا وفي كافة المجالات وهو انموذج يمكنه نيل اعجاب  شعوب اوربا وأميركا فتتكسر حواجز قبول تركيا في الاتحاد الاوربي بالنسبة لاوربا ، وتفقد أميركا والكيان الصهيوني اهم ادوات شرذمة العرب فان هذا النموذج للاسلام يجب اسقاطه .

واذا انتقلنا للاطار الاوسع فاننا نرى ان أميركا تنفذ مخططا عالميا لم يتراجع ابدا منذ السبعينيات هدفه النهائي السيطرة المنفردة على العالم من خلال تفكيك قواه الاساسية ودون استثناء ولكن يجب البدأ بما سمي ب( اقليم  النفط ) لاهميته الاقتصادية والستراتيجية ، وهو الوطن العربي بالاضافة لتبني خطة تحويل الصراع العالمي من صراع بين الشيوعية والرأسمالية الى صراعات دينية وطائفية وعرقية . فمن دون تقسيم الكتل الكبرى والدول القوية مثل الاتحاد السوفيتي والصين واوربا ، ومن دون الاستحواذ على ثروات لعالم  خصوصا ثروات العرب والطاقة لديهم لن تستطيع أميركا اقامة النظام العالمي الجديد الذي تتحكم فيه فرديا وبلا منافس.

اذن تقسيم تركيا حان وقته والانقلاب الفاشل مجرد تمهيد له وما سياتي اخطر ، ولهذا على العرب والاتراك وكافة الاحرار الوقوف بوعي بوجه المخطط الأميركي ، ومادامت تجربة الانقلاب الفاشل حية فان انقاذ تركيا من الانقلاب الاخطر رهن بتحسين وتعظيم اعداد الشعب التركي لاجهاضه بطريقة اكثر تنظيما واكثر استعدادا لمواجهة موجة فاشية تحركها أميركا ولا يستبعد ابدا تدخل قوات أميركية عندحدوث الانقلاب القادم لضمان نجاحه بحجة حماية الاسلحة النووية والموجودة في قواعد عسكرية في تركيا ومنها قاعدة انجرليك ومنع داعش من الاستيلاء عليها . ان قدرة الشعب التركي على تحمل التضحيات تكمن في وحدة كافة القوى التركية وعلى اسس ستراتيجية وليس تكتيكية وهي الضمانة الاساسية لاجهاض الانقلاب ، كما ان الدقة  والتدقيق في كل خطوة للحكومة التركية ضرورة لابد منها لتجنب اعطاء ذريعة للغرب كي يتدخل مباشرة معتمدا على الجنرالات وعلى جماعة فتح الله غولن المتطرفة.

واخيرا لابد ان نشير الى ان القوة الأميركية الاساسية التي تدعم الانقلاب القادم كما حصل مع الانقلاب الفاشل هي (المحافظون الجدد) وهي نفس القوة التي غزت العراق ودمرته  وتقود الحملة ضد تركيا الان ومعها مؤسسة كلنتون التي تعود لبيل كلنتون وزوجته هيلاري . لعبة عض الاصابع بين تركيا وأميركا انتهت وبدأت عملية قطع الرقاب.

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,618,329

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"