رأس #حيدر_العبادي لا رأس عديلة

رحيم مزيد

لا أحد في العراق بمنأى عن فوضى وفساد واجرام وعدم كفاءة ولا أبالية رموز العملية السياسية، هذا هو المختصر المفيد لفاجعة مروعة من قبيل ان يقضي عدد من حديثي الولادة الخدج حرقاً في مستشفى اليرموك، أحد اكبر المستشفيات الحكومية في العاصمة بغداد.

 

ولا يعني شيئاً على الإطلاق الاعلان الاستعراضي لوزيرة الصحة عديلة حمود عن استقالتها خلال برنامج تلفزيوني ، فلا قيمة اجرائياً لهذه الاستقالة لأسباب عدة منها ان الوزيرة نفسها مهددة بالاستبدال منذ مدة وقد صوّت مجلس النواب- في جلسة سابقة ملغاة- بالفعل على اقالتها، أي انها تعلم ان أيامها معدودة في إطار عملية إصلاح مشوّشة ومُربكة أعلن عنها رئيس الحكومة منذ نحو عام ولم يطبق منها ما يستحق الذكر، أو بمعنى آخر ان الوزيرة تريد أن تخرج من بين دخان المحرقة بثوب البطلة، ثم ان هذه الاستقالة ستحمي صاحبتها من المساءلة، فالاستقالة وفق عرف العملية السياسية في العراق تعني اعفاء الُمستقيل من أية تبعات قانونية، وهو أمرٌ في غاية الغرابة وحدث مع مسؤولين اخرين، لكن الأهم من كل هذا هو ان جريمة مروعة كمحرقة مستشفى اليرموك بأبعادها الانسانية والأخلاقية يفترض ان لا يتحمل مسؤوليتها الوزير القطاعي المباشر أو مدير عام الصحة فقط، بل ان رأس الهرم في السلطة القائمة سيكون مطلوباً منه قبل غيره تقديم استقالته، فعندما تعجز حكومة عن حماية رضع خدج في مستشفى حكومي فضلاً عن مسلسل فشلها المتواصل في حماية وحفظ ارواح العراقيين كباراً وصغاراً نساءً ورجالاً وصون أمنهم في مختلف مناحي الحياة، فالأَولى ان يستقيل أو يُقال الرئيس التنفيذي الأول فيها.

ان محرقة الرضع الخدج تُعيد مجدداً وبقوة الى الواجهة ملف الفساد الذي يضرب كل مفاصل الدولة العراقية منذ العام ٢٠٠٣، كما تسلط الضوء على الضرورة والحاجة الوطنية الملحة والعاجلة لإلغاء العملية السياسية المشؤومة التي شرعنت هذا الفساد ومأسسته، ولم تجلب للعراق والعراقيين سوى الموت والدمار وسرقة المال العام، عملية سياسية صُممت للفاشلين والأميين وقليلي الموهبة، فشلت في كل شيء ولم تحقق أي شيء، وفي ظلها وظليلها اصبح الوطن على شفا الضياع، لا يمثل التخلص منها ضرورة وطنية فحسب بل هو وصفة ناجعة لضمان استمرارية العراق على قيد الوجود.

عملية سياسية قدمت آلاف الأمثلة على عجزها عن تقديم حكومة او جزء من حكومة تنطبق عليها بعضاً من معايير الحكم الرشيد، وتساقط رموزها في مستنقع الفساد واحداً تلو الاخر طيلة اكثر من ١٣ عاماً، هي عملية من غير المنطقي الإبقاء عليها سيما وان لا مستفيد وطنياً من استمرارها سوى حفنة من النافذين والمنتفعين والفاسدين.

مهما كان ومهما سيكون، فلن يشفي غليل أهالي ضحايا محرقة مستشفى اليرموك غير الإطاحة برأس حيدر العبادي رئيس الحكومة قبل غيره من رؤوس الفشل والفساد التي تتصدر المشهد السياسي في العراق اليوم، وتشكيل حكومة إنقاذ من وطنيين مستقلين تحت إشراف دولي.

نعم، دماء هؤلاء الرياحين الابرياء في رقبة حيدر العبادي باسمه وبالإضافة الى وظيفته، الى يوم الدين، وهو يتحمل المسئولية الوطنية والإنسانية والشرعية والأخلاقية عن مقتلهم حرقاً وأي كلام غير هذا محض تلاعب ممجوج بمشاعر الناس.

هي رؤوس كثيرة قد أينعت فساداً وفشلاً وتخبطاً واهمالاً وسوء ادارة، وحان، قولاً وفعلاً عاجلاً لا آجلاً، قطافها ورأس العبادي أولها.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,047,188

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"