دعيٌ ابن دعي

رحيم مزيد

أشعلتْ صورٌ ومقاطع فيديو لشخص غريب الأطوار وهو يتزعم مجموعة من المسلحين انتشرت مؤخراً في مواقع التواصل الاجتماعي، النقاش المحتدم أصلاً عن العواقب الوخيمة لتبني مؤسسات الدولة لجماعات عنفية وتقديمها بأطر رسمية.

 

لعل من المفيد هنا التذكير بأن ضعف الدولة غالباً ما يعوض بطفو كائنات غريبة على السطح المزدحم بالفوضى وهو مالم تتمكن المؤسسة الرسمية من معالجته منذ العام ٢٠٠٣ ولغاية اليوم.

ان خطورة تصدر مثل هذه النماذج المعاقة نفسياً المشهد السياسي لا تقتصر على ما تقدمه من رسائل ضاجة بالسلبية فحسب بل تتعداه الى تهديد النسيج المجتمعي العراقي.

ولننظر للموضوع من الزوايا التالية:

بدءاً وقبل كل شيء ،لا مصلحة وطنية في وضع كل المقاتلين المتطوعين لقتال تنظيم داعش الارهابي في سلة واحدة ومحاولة تقديمهم بصورة ميليشاوية، نعم المعطى الطائفي الذي تحاول السلطة الحاكمة تجيير كل شيء به (وهذا ديدنها) قد يكون هو الملمح العام لما يجري على الأرض، وصحيح ان شرذمة المجرمين التي تصدرت المشهد نشأت ونمت وترعرت في كنف هذه السلطة منذ سنوات ماضية، لكن من المهم التذكير بأن هذه النماذج من المعتوهين إنما تمثل النَفَس المريض والروحية المشوهة والمرآة العاكسة لوجه السلطة الغاشمة لا لفئة او مكون من أبناء شعبنا.

ليس صائباً إطلاقاً تجاهل او الصمت عن السلوكيات المنحرفة لهؤلاء المرضى من القتلة والمجرمين (اتفهم خشية البعض من التصدي علناً لهم) ذلك ان السكوت عنهم سيجعلهم يستمرأون خطاياهم وسيتحولون بمرور الزمن الى نماذج جديدة من الزعامات الميليشاوية التي يزدحم بها العراق اليوم، فهؤلاء نسخ كاربونية من اولئك، لذا من الواجب التصدي لهم مبكراً قبل ان يستفحلوا وتتلقفهم مخابرات الجوار لتصنع منهم زعامات دم وموت تبطش بأهلنا وناسنا.

كان يفترض بالسلطة الحاكمة ان تبادر فوراً لاعتقال هذا الدعي وتقديم ما يطمئن الرأي العام لا الاكتفاء بمجرد بيانات ادانة غير موثوقة ومجهولة المصدر تُنشر على الإنترنيت، او صور مشكوك فيها لاعتقاله، بيد انه ومن خلال تتبع أساليب السلطة في التعامل مع مثل هذه الملفات، لن يكون مستبعداً ان تكون هذه الشخصية الغرائبية هي احدى المنتجات الرديئة لهذه السلطة،او لنقل انها من منتجات احد اجنحة السلطة المتصارعة (لاحظوا الفيديو الأخير الذي يقول فيه هذا المعتوه انه يرتبط بالحكومة)

أسجل استغرابي الشديد من عدم مساءلة ضباط وموظفين بدرجات عالية استقبلوا هذا الدعي في مكاتبهم بل وفتحوا أمامه أبواب مؤسسات الدولة لتفتيشها واستلموا منه شهادات تقديرية وامام الكاميرات في مشهد كاريكاتوري آخر من مسلسل الكوميديا السوداء التي يعيشها شعبنا في ظل سلطة الفشل والتخبط المهيمنة على مقاليد الأمور.

غريب جداً ما كشفه المتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، في تصريح رسمي، عن إغلاق ١١٥ مقراً وهمياً للحشد في كل من بغداد والبصرة وميسان خلال عام واحد، دققوا في الرقم جيداً ١١٥ مقراً وهمياً يعني ١١٥ زعيماً على شاكلة هذا الدعي، يقود كل واحد منهم عشرات المسلحين يمارسون شتى أنشطة العنف، أين هم؟ من هم؟ من تورط معهم؟ من يمولهم؟ الخ من أسئلة العبث اليومي!

في الإجمال، آن الآوان للسلطة الحاكمة ان تجمع مخلفاتها التي ملئت البلاد فوضى ودماراً مثلما آن الاوان ان نرفع جميعاً أصواتنا للتنديد بمثل هذه المخلوقات الناقلة لكل فايروسات الخراب، آن الآوان أن يقتص من هؤلاء، (حوبة) دماء العراقيين التي أريقت واموالهم التي نهبت في هذا الزمن الرديء الذي يتسيد فيه الشواذ، ستلاحق هذا الدعي ابن الدعي وامثاله من الإرهابيين والميليشاويين الى ان يقول الله والشعب فيهم كلمته، ويالها من كلمة لو كانوا يفقهون.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :135,617,078

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"