هناك من تعامل مع تشريع جاستا لملاحقة السعودية من قبل ضحايا 11 ايلول/ سبتمبر 2001 بشماتة لا تليق بعربي غيور على أمته، بعضهم يحاول أن يصور انه ناقم على سياسة السعودية بسبب تواطؤ سعودي خليجي على غزو العراق واحتلال سنة 2003.
وأنا هنا اقول ان الشماتة ليست من شيم العرب أولا واذا كانت القيادة السعودية في ذلك الوقت قد اختارت ذلك الموقف الخاطئ فعلينا نحن أولا وقبل غيرنا أن لا نكرر موقفا أدنّاه بكل قوة واعتبرناه خروجا على قيمنا، ثم علينا بعد ذلك أن نعرف أن هناك قيادة سعودية جديدة تعمل بكل جهدها لترصين الموقف العربي في مواجهة الأخطار الخارجية وخاصة الإيرانية سواء في العراق أو في سوريا أو في اليمن، فهل نتراصف مع أمريكا ضد بلد الحرمين الشريفين لأن موقفا سابقا من قيادة سابقة أدى إلى هذا الوضع المأساوي في طول الساحة العربية وعرضها؟ وهل نريد أن يتفاقم الموقف ويصل إلى حالة الضياع العربي إلى الأبد؟
هذا أمر لا يمكن أن أتخيل حصوله أو نقبل به تحت أي ظرف حتى إذا كنا نختلف مع السياسة السعودية الآن أو في الماضي، فإذا اخطأ غيرنا فإننا يجب أن نسجل الموقف الصائب الذي تمليه علينا مباءؤنا القومية والدينية والوطنية والأخلاقية.
أمريكا تريد نشر روح التخاذل عن طريق زرع الفتن السياسية وإحياء الملفات والخلافات القديمة بين العرب وأظن أنها هي قبل غيرها التي تحرض العراقيين على الوقوف ضد السعودية تحت لافتة الثأر من مواقف سعودية سالفة، كل ذلك من أجل تسليم الأراضي العربية إلى إيران بالتتابع، ولا أظن أن التعامل مع هذا الملف الخطير يكون عبر خزين الذكريات المؤلمة أو بتفعيل مشاعر الكراهية، لأن المملكة العربية السعودية تبقى بلدا عربيا له خصوصيته التي تميزه عن كل أرض الله، وتبقى بلاد الحرمين مثابة للناس وامنا ولا يجوز لأي عربي أو مسلم أن يسمح بخروج الإشراف على الحرمين الشريفين إلى اياد غير عربية تسعى لضرب جوهر الإسلام وهو التوحيد، أمريكا تشترك في مخطط لتسليم الوطن العربي إلى إيران فهل نسمح لأنفسنا أن نكون جزء من هذا المخطط اللئيم؟
احذروا أيها العرب ودعوا عنكم مرارة الماضي القريب فنحن مستهدفون في وجودنا ومصيرنا والعراقيون الذين يعرفون الخطر الإيراني أكثر من غيرهم هم أولى الناس بالوقوف إلى جانب المملكة العربية السعودية في هذا الامتحان الذي لن يكون إلا الفصل الأول من امتحانات على طريق تمزيق الوطن العربي.
والآن انتقل إلى قضية أخرى تتعلق بالخلفية القانونية التي منحها الكونغرس الأمريكي لنفسها وأدخل هذا التوجه الخطير في القانون الدولي، فأقول مع أنني لا امنح العملية السياسية التي أقامها المحتلون الامريكيون في العراق بعد 2003 وعلى الرغم من ان الطبقة الحاكمة الفاسدة التي نصبها الأمريكيون والايرانيون فاقدة للشرعية الأخلاقية والوطنية والدينية والقانونية، على الرغم من ذلك كله أدعو مجلس النواب أن يحذو حذو الكونغرس الأمريكي ويتخذ قرارا تشريعيا يمنح كل الضحايا العراقيين من العدوان بملاحقة الدول التي شاركت في عدوان 1991 وفي غزو 2003 ورفع دعاوى قضائية على تلك الدول بصفتها الدولية وليس على حكامها في محاكم وطنية أو دولية كي تعرف أمريكا أنها ليست بمنأى عن العقاب والملاحقة القضائية، خاصة بعد أن تأكد كذب كل الادعاءات التي قيلت لتسويق العدوان وتسويغه لا سيما ما جاء في تقرير لجنة تشيلكوت البريطانية واعترافات أكثر من مسؤول أمريكي بأن التحقيقات أثبتت عدم وجود أسلحة دمار شامل ولا علاقة للعراق بالإرهاب وهما الحجتان اللتان تم طرحهما لتبرير العدوان على العراق حتى من دون قرار من جانب مجلس الأمن.
على مجلس النواب الخائب أن يبعث برسالة لأمريكا أن الكونغرس الأمريكي لن يتحول إلى سلطة تشريع للعالم وأنه ان حاول ذلك فإنه سيعطي الحق والمشروعية لكل سلطة تشريعية في كل بلدان العالم أن تفعل ذلك، ليفعل ذلك مجلس نوايب المنطقة الخضراء والمجالس التشريعية في العالم حتى إذا كانت مجرد عملية استعراضية، على هؤلاء تجربة حظهم مرة واحدة فرب حجر لا قيمة له يصيد عصفورا له ثمن.