أثار استهداف البارجة الإماراتية قبالة سواحل المخاء اليمنية طرح العديد من الأسئلة عن حقيقة قدرات ميليشيات صالح والحوثي على تنفيذ مثل هذه العملية، وطبيعة وحجم القدرات الفعلية التي تمتلكها!
والحقيقة أن استهداف السفينة الحربية الإماراتية من طراز سويفت عبر صاروخ موجّه ربما يكون شكل مفاجئة لقوات التحالف، ولكن من المسؤول الفعلي عن استهداف البارجة الإماراتية في حال صدقت الرواية الإيرانية؟ وما هو طبيعة السلاح المستخدم في ظل حالة التضارب في المعلومات التي نسبت ذلك إلى قوارب مفخخة حسب ما أعلنته قوات التحالف العربي، على خلاف رواية إيران وحزب الله اللبناني اللذين أكدا على الضربة الصاروخية الموجهة؟
والذي نراه أن استهداف البارجة الإماراتية بغض النظر عن شكل الاستهداف، يعتبر تحولا استراتيجيا مهما وخطيرا ، ويعمل على إحداث حالة من توازن الرعب على مستوى اختلال القوى، فضلا عن نقل الصراع تكتيكياً وعسكرياً إلى مرحلة نوعية خطيرة، والتسبب في حالة من التوتر غير المسبوق، وإجبار السعودية على التفاوض المباشر مع إيران حول اليمن وسوريا ولبنان ودلك تمهيداً لفك عرى التحالف العربي، ويهدف كذلك على المستوى السياسي والإنساني إلى المزيد من التضييق على الشعب اليمني، باعتبار أن هذه السفن تتولى مهمّة نقل المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني ليس إلا .
ومن المرجح كذلك ان إيران تسعى من خلال استهداف البارجة الإماراتية إلى قلب المعادلة العسكرية ، والإيحاء بأن قواعد الحرب البحرية قد تغيرت، وإرسال رسالة مفادها: أننا حققنا التمكين، وبتنا موجودين أكثر من السابق، وقادرين على قلب المعادلة الميدانية أكثر من أي وقت مضى، وأن لدينا القدرة على استهداف كافّة البوارج السعودية والإماراتية، بل والخليجية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر عدن …. وبالتالي إجبارها على البقاء بعيداً عن السواحل، الأمر الذي يحد من فاعليتها العسكرية، مما يمهد لفك الحصار عن السواحل اليمنية، وهو ما يسعى له الحوثيون والإيرانيون وحزب الله على حد سواء.
ولا شك بأن نخبة من القوة الصاروخية لحزب الله اللبناني، قد نجحت في التسلل الى اليمن، وهي- بلا شك- هي التي تتحمل المسؤولية كاملة عما جرى، حيث أرادت تحقيق نصر استراتيجي، والرهان على إحراز نجاحات عسكرية في البحر، لهذا سارع موقع المنار التابع لحزب الله إلى بث تسجيل فيديو لإثبات حيثيات هذه العملية بتفاصيلها من خلال بث تسجيل مصور لاستهداف البارجة الإماراتية، ليس فقط لتحقيق سبق إعلامي، بل لإثبات بصمات حزب الله عليه على غرار استهداف بارجة ساعر الإسرائيلية في العام 2006، بصواريخ سي 802 الصينية الأصل والتي قامت إيران بتصنيعها، ونقلها إلى حزب الله اللبناني.
التسريبات الإيرانية المتلاحقة كانت تشي بنجاح إيران بإيصال أسلحة نوعية إلى الحوثيين، حيث ركزت إستراتيجية الحرس الثوري على توكيل المهمة لانتقال مدربين ونخب منتقاة من حزب الله متخصصين في القوة الصاروخية وحرب العمليات الخاصة ، وتشمل التدريبات: حرب المدن والعصابات، والتدريب على توجيه الضربات الصاروخية، وسلاح المدفعية، وكيفية تفخيخ واستخدام الطائرات بلا طيار، واستخدام طائرات بلا محرك (الكايت) وفنون القتال البحري، وهو ما سيلجأ له حزب الله اللبناني قريباً من خلال البوابة اليمنية، وقيادة الزوارق السريعة والعمليات الحربية التقليدية، لاستهداف قوات التحالف العربية، لا سيما القوات البحرية، حيث تم نقل ما بين 300 و350 من أفضل مدربي حزب الله اللبناني إلى اليمن، واختاروا ألقابا وأسماء يمنية، بعد أن اتخذ الحرس الثوري الإيراني قرارا بإيكال مهمة تأهيل ميليشيا الحوثيين لحزب الله اللبناني، مع نقل بعض مستشاري الحرس إلى اليمن بغرض الإرشاد والتوجيه.
كذلك لجأت إيران إلى تبني إستراتيجية تهدف إلى قيام الحرس الثوري بتدريب رجال ميليشيا حزب الله اليمني المقيمين في إيران والذي يقدر عددهم ما بين 2500 و 3000 رجل.
لا شك بأن استهداف البارجة الإماراتية هو استهداف للأمن العربي برمته، ولحركة الملاحة الإقليمية والدولية، مما يتطلب حشد الطاقات والجهود العسكرية العربية، وعدم انتظار استجداء الخارج، طلباً للعون والنصرة، بعد أن كلف تسليح الجيوش العربية الآف المليارات، وقد آن الأوان لاستخدامها لمواجهة الصلف والعدوان الإيراني.