فضيحة بريد هيلاري كلينتون ورسالة خاصة بالبحرين

سوسن الشاعر

لمن ينكر ويستنكف عن الإقرار بأن ما حدث في البحرين في فبراير 2011 كان خيانة من مجموعة بحرينية مع الأسف، بالتنسيق وبالتدبير مع دوائر أميركية، نهديه هذه الوثيقة التي تسربت ونشرها موقع ويكيليكس يوم الأربعاء، وكانت ضمن مجموعة البريد الإلكتروني المخترق لهيلاري كلينتون.

 

هذه الرسالة تبين أن هدف إسقاط النظام في البحرين كان هدفاً لتلك الإدارة الأميركية وإن لم تنجح خطة 14 فبراير، فإن ذلك لا يعني أن الخطة باء لم تكن موجودة، إذ كان الإصرار على الضغط على البحرين من أجل تمكين المجموعة الخائنة مستمراً حتى بعد فض الدوار، وأن الأحداث التي حدثت بعد 17 مارس لم تكن تعمل بعفوية ومن تلقاء نفسها، بل كانت تتلقى دعماً أميركياً قوياً، لأن البحرين كانت -وربما مازالت- ضمن سلسلة الأهداف التي أريد إسقاطها في الشرق الأوسط!!

الرسالة الإلكترونية رقمD U.S. Department of State Case No. F-2014-20439 Doc No. C05783940 Date: 10/30/2015 مسربة من بريد السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية حين ذاك، كان قد أرسلها السيد «هارولد كونجي كوه» المستشار القانوني في الخارجية الأميركية بتاريخ 19/11/2011 لها ومنسوخة كذلك إلى مجموعة من الشخصيات المهمة في الإدارة الأميركية ومنهم السيد فيلتمان وكيل الأمين العام للشؤون السياسية للأمم المتحدة وكذلك مايكل بوسنر.

تشير الرسالة إلى اتصال تم بين المستشار القانوني للخارجية الأميركية مع أحد أعضاء لجنة تقصي الحقائق «لجنة بسيوني» اللجنة التي أمر جلالة الملك حمد بتشكيلها كبادرة لحسن النية، وقبل فيها أن تخضع البحرين للتحقيق من قبل لجنة دولية، على أن تكون اللجنة مستقلة وتعلن عن نتائجها علانية وأن تقبل البحرين بتوصياتها.

السؤال الذي يطرح نفسه، هذه لجنة يفترض أنها مستقلة، فلم تتدخل الخارجية الأميركية بعملها، لم تتصل بأحد أعضائها؟

ذكّرتني هذه الحادثة برد «ديكسون» الوكيل البريطاني في البحرين عام 1919 الذي كان يصر على حضور اجتماعات المجلس العرفي البحريني، وهو مجلس محلي خاص، وحين شكاه الشيخ عبدالله بن عيسى لمسؤوليه البريطانيين، قال إنه إنما يحضر الاجتماع للتأكد من أن الأعضاء لديهم ورق وأقلام كافية!

فما الذي يجعل الخارجية الأميركية على اتصال بلجنة دولية يفترض أنها مستقلة؟ هل للتأكد من وجود أوراق وأقلام كافية أيضاً؟!

نكمل ما جاء في الرسالة لتتضح لكم الصورة أكثر، إذ تتضمن المكالمة معلومات «سرية» حصل عليها هارولد من أحد أعضاء اللجنة عبر محادثة هاتفية مطولة بينهما! ويشير هارولد في رسالته إلى أن عضو اللجنة (لم يرد اسمه في الرسالة المذكورة) "اتصل كذلك سراً بالسيد مايكل بوسنر مساعد وزير الخارجية الأميركي للديمقراطية وحقوق الإنسان ووعده بتزويده بتقارير عن سير الأمور، ووعده أيضاً بالتنبيه المبكر في حال "انحرف" التقرير عن "الهدف"! هاتان الكلمتان وردتا حرفياً في الرسالة.

لاحظوا أن تاريخ هذه الرسالة كان 19 نوفمبر أي قبل 4 أيام فقط من موعد إعلان التقرير الذي كان علنياً ومباشراً، بمعنى أن التدخل والتوجيه في عمل اللجنة استمر حتى آخر لحظة، للدرجة التي أصر فيها المتحدث هارولد أن يتأكد أعضاء اللجنة من عدم خروج السيد بسيوني عن البيان المكتوب له وعدم التصريح للصحف، لأنه حسب ما جاء في الرسالة "تخوف أعضاء اللجنة من السيد بسيوني في عدم قدرته على تنظيم أفكاره عند التحدث إلى وسائل الإعلام ولذا سيتم تحذيره بألا يتناول مخرجات اللجنة الموضوعية ويركز على استقلالية اللجنة" (أمحق استقلالية)!

الرسالة تثبت أن اللجنة كانت مخترقة تماماً من قبل الاستخبارات الأميركية وتدار من قبل الخارجية الأميركية، ولم تكن مستقلة أبداً بل كانت أداة من أدوات التآمر والضغط على الشعب البحريني كي يخضع لمجموعة الخونة الذين تآمروا على شعبهم، ولنعلم كلنا أن الحقائق وتقصيها لم يكونا هدفاً لتلك اللجنة، بل كانت للجنة أهداف أخرى وكان يخشى أن تنحرف عنها اللجنة لأن بها أعضاء لا يعلمون حقيقة الاختراق.

تثبت هذه الرسالة أن إدارة أوباما كانت تتآمر على الشعب البحريني ومصيره، لما لتلك اللجنة من أثر كان على حجم التدخلات الخارجية على البحرين.

وتشير الرسالة إلى التعديلات التي أُجريت على التقرير وتوقيعه من قبل كل الأعضاء مع الإشارة إلى أن بعض أجزاء من التقرير ليست "مثالية" على حد وصف السيد هارولد.

ونتمنى أن نعرف توصيف "المثالية" للخارجية الأميركية كيف يكون؟ هل المثالي هو الإدانة الكاملة للدولة؟ هل هذا ما كانوا يودونه ولم يحصلوا عليه لوجود أشخاص منصفين في اللجنة لا علم لهم بحجم الاختراق؟ وهل المثالي هو ما يتناسب مع الهدف؟ وإن كان التقرير يبعدهم عن الهدف الذي هو لإدانة النظام فإنه غير مثالي؟ هل هناك انحياز وكذب وتزوير واستغلال لكل ما هو غير أخلاقي أكثر من هذه الصورة؟

الإدارة الأميركية لم تكتفِ بالتدخل في تسيير أمور اللجنة وصياغة تقريرها فحسب، بل تذكر الرسالة اتصالات الخارجية الأميركية بعدد من "حلفائها" في المنطقة من أجل الضغط لدعم توصيات اللجنة، والاتصال بالسيدة ببلاوي رئيسة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أجل دعم التوصيات التي خرجت بضغط وتدخل من الخارجية الأميركية، مما يثبت أيضاً مدى تدخل الإدارة الأميركية في هذا المجلس ومن يجلس على كرسيه!!

أي خسة وأي نذالة تلك التي سادت تلك الإدارة الأميركية؟ وأي خسة وأي نذالة تلك التي اكتست بها وجوه كل من تعاون معها ويحمل شرفاً لا يستحقه بالانتماء لهذه الأرض، من رجال دين إلى سياسيين إلى حقوقيين إلى إعلاميين؟

ذلك عار لن يغسله أبداً لا تاريخ ولا جغرافيا ولا زمن ولا مكان، فأينما ستولون وجوهكم سيلحقكم هذا العار إلى الأبد.

اللهم احفظ البحرين كما حفظتها دوماً من غدر الغادرين، وأدم اللهم نعمة الأمن والأمان علينا جميعاً إخوة وشعباً موحداً كما كنا دوماً شيعة وسنة، قبل أن يدخل علينا من لا يخاف الله ويقسمنا معسكرين وقبل أن تتولى تلك الإدارة الحقودة مقاليد الحكم.

 

نشر المقال هنا

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,038,486

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"