باشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بانتقاء فريقه لإدارة دفة الحكم الأميركي خلال السنوات الاربع القادمة.
واذا كانت العديد من تصريحاته توحي بأن سياسته القادمة ستكون مخالفة لما سبقه تجاه ايران واتفاقها النووي فان اختياره لبعض المناصب السيادية الاساسية لحد الان يوحي بأن تصريحاته في حملته الانتخابية الاستقطابية سوف لن تتغير كثيرا على المستويين السياسي والامني .. فقد اختار لحد الان اربعة مناصب اساسية تمثلت بوزير الخارجية (ميت رومني) ومدير وكالة المخابرات المركزية CIA (مايك بومبيو) ومستشار الامن القومي (مايكل فلين) والمستشار السياسي للشرق الأوسط (وليد فارس) وبانتظار اختيار وزير الدفاع.
وبلمحة سريعة لهؤلاء نجد أنهم بالرغم من اختلافهم في العديد من الأمور، الا أنهم يشتركون في أهم قضية تخص منطقتنا وما أصابها من انهيار أمني واقتصادي واجتماعي، تلك هي ايران ومشروعها التوسعي الصفوي المريب.. فللجميع مواقف حادة تجاهها. ولنأخذ بعضاً من هذه المواقف..
فوليد فارس، الاكاديمي والسياسي من الاصل اللبناني يقف بحدة ضد السياسة التوسعية الايرانية وضرورة ايقاف زحفها، مثلما يقف بشدة ضد حزب الله وممارساته وأهدافه.. أما مايك بومبيو فلعل تصريحه الأخير حال موافقته على تولي منصبه الخطير يؤكد موقفه حيث أشار الى أن ايران اكبر دولة راعية للارهاب.. واذا ما أخذنا بعض من تصريحات ميت رومني فنجدها الأكثر عنفا، فهو من أشد المطالبين بمنع ايران من امتلاك السلاح النووي، بل ذهب الى دعم استخدام القوة العسكرية لمنعها من ذلك، وسبق له اعتراضه على زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى نيويورك عام 2007 وطالب الامم المتحدة بإحالته الى محكمة دولية بتهمة الارهاب، ويرى ان أميركا تواجه خطرين أساسيين، أولهما ما أسماه الجهاد العنيف وثانيهما الخطر الايراني، ويدعو دوما الى العمل مع المسلمين المعتدلين بالعالم الاسلامي لدعمهم وتقويتهم عبر تعزيز الشراكة معهم.
أما مستشار الأمن القومي الذي سبق وان عمل مديراً للاستخبارات العسكرية فاضافة الى مواقفه المتشددة تجاه ايران، فقد اعترف بأن أميركا ارتكبت اخطاء كارثية في حروبها وتحديداً في غزوها للعراق، وابرز تلك الخطاء تمثل بعد القدرة على فهم الناس ومحاولة فرض القيم الأميركية ونمط العيش عليهم.
وقال "من الصعب أن تفرض نفسك على شعب لا يرغب بك"، ويؤكد في تصريحاته على ضرورة الاستثمار في الاستقرار وليس في الحروب، كما أشار الى "أنه كان بامكاننا اطفاء نار الحروب بينما نحن ننفق أموالنا في حروب الشرق الاوسط".. وكان قد اتهم اوباما بأن ادارته هي التي خططت لتأسيس وتطوير داعش وجبهة النصرة.
ولعل مواقفه هذه وعدم الاستجابة لها هي التي دعته لتقديم استقالته من منصبه كمدير للاستخبارات العسكرية عام 2014 .
ما ورد آنفا ليس سوى معلومات وليست تحليلات.. ومن المعروف أن السياسة الأميركية تخضع لمرتكزات وثوابت لا يمكن للأشخاص التحكم بها أو تبديلها أو حتى تعديلها.. الا ان الجمهوريين يسيطرون اليوم ليس فقط على مقعد رأس الدولة بانتخاب المتشدد ترمب، بل يهيمنون على مجلس الشيوخ بشقيه النواب والشيوخ.. فهل سيبقى هؤلاء الصقور المتشددين الذين اختارهم ترمب على مواقفهم؟ وهل سيشهد العام 2017 بدء الانطلاق الأميركي من خط شروع جديد في السياسة الأميركية لإنهاء الدور الايراني في زحفه وتمدده ومخاطره ليس على الشرق الاوسط فحسب بل على السلم والامن الدوليين بعدما استثمرت أميركا حكام طهران في تعاونهم ودعمهم لاحتلال افغانستان ثم العراق؟
انها حالة تأمل، تجمع بين الأمل والتمني.. وبين الرؤيا والتحليل.. وبكل الاحوال فالله هو المستعان.. يقدر سبحانه ويقرر ويضع الاسباب..