هانت #حلب على الأمة كما هانت من قبلها دولٌ ومدن

عمر الحلبوسي

على مر التاريخ والأزمنة لم تمر أمة الإسلام والتوحيد مثل ما تمر اليوم من مآسي كبيرة سالت فيها دماؤنا أنهارا ويساق ضعفاء الأمة للموت أفواجا في زمن التخاذل الذي حل بأمتنا والذي أضحى ظاهرة تويترية بعدما كانت ظاهرة صوتية!

 

بالأمس كانوا يطلقون صواريخ الشجب والاستنكار والتنديد واليوم يطلقون الوسم في مواقع التواصل الاجتماعي فكان الوسم بالأمس #الفلوجة_تقتل_جوعا هو أقصى ما قدمته الأمة لمدينة أم المساجد الفلوجة التي انتحر فيها الطفل والمرأة بعدما يئسوا من نجدة المسلمين لهم ، واليوم أطلق العرب وسم #حلب_تباد وهم يتفرجون على مشاهد المجازر والجثث الملقاة في الشارع لحرة مسلمة قتلها النظام المجرم عدو الإسلام في حلب.

فمشهد سقوط مدن الأندلس الذي لم نراه بل قرأنا عنه نراه اليوم يحدث في وطننا العربي قلب أمة الإسلام وجمجمتها، فقبل 91 عاماً احتل الفرس المجوس دولة الأحواز العربية بتعاون مع الاحتلال البريطاني، ويشاهد العرب كيف يعدم الرجال بواسطة الرافعات وهو ما يزال مستمراً إلى الآن، ثم كانت فلسطين التي فرط بها العرب وأصبحوا يتسابقون للتطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم المحتل لأرض العروبة والإسلام فلسطين المغتصبة منذ أكثر من 68 عاماً، ثم عاصمة الخلافة الإسلامية العباسية بغداد الرشيد التي تواطأ العرب مع المحتل لإسقاطها، بل شاركوا بدعم المحتل وفتحوا له المطارات والقواعد لتنطلق من غربان الشر والجراد لتدمير بلاد الرسل والأنبياء، عراق القادسيتين، وبسقوط بغداد سقطت عواصم عربية أخرى كما تسقط أحجار الدومينو، ثم كانت الشام واليمن اللتان تسلط عليها السرطان الفارسي يعيث فيها الدمار والخراب وما نراه اليوم في حلب الشهباء من مجازر ومصائب كبيرة لم تحرك في الأمة شيء في زمن التخاذل والهوان.

اعتادت الأمة أن تشاهد المدن والحواضر وهي تسقط بيد العدو وأقصى ما تفعله هو التفرج على ما يحل بالمسلمين الذين وقعوا تحت سيطرة الاحتلال، ففي الموصل والانبار وحلب يذبح الملايين من المسلمين ولم يهب العرب لنجدتهم وهنا أتذكر حديث الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وسلم، الذي قال في الحديث الشريف (يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ، قُلْنَا : مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : لا ، أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ، قِيلَ : وَمَا الْوَهَنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ) صدق رسول الله.

هذا الحديث يتحدث عن زماننا نحن الذي ماتت فيه الحمية والنخوة وأضحى الباطل فيه يصول والحق فيها محارب بعدما ركنت الأمة لزاوية حصرت نفسها فيها وهي تواجه الموت والعدوان الذي تسلط عليها من كل حدب و صوب وأصبح للمخذلين منابر ينشرون فيها التخاذل والخنوع بين أوساط المجتمع.

إن الأمة اليوم بخذلانها لأهل العراق والشام وضعت بها سكين العدو على رقبتها ووقفت بالدور تنتظر من الجزار أن ينحرها وهي مستسلمة له لم تدافع عن نفسها بعدما سلمت أمرها للعدو ضننا منها أنه سيحميها من عدو آخر، ولم تلحظ أن الأعداء قد تحالفوا واتفقوا على تمزيق الأمة شر ممزق وتداعى الأعداء علينا كما تتداعى الضباع على فريستها لتقطعها ويأخذ كل ضبع نصيبه.

لقد أضاعت الأمة وصية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أهل الشام وعجزت الأمة حتى أن تغلق سفارات العدو وتقطع كل العلاقات معه وتخاذلوا وخذلوا الناس، وأصبح حديث إعلامهم فقط الإرهاب، هذا المصطلح الهلامي الذي ابتدعه أعداء الأمة ليستخدموه في تدمير بلداننا العربية والإسلامية بحجة رعاية ودعم الإرهاب وما كان من القنوات العربية إلا أن أسرفت كثيرا باستخدام هذا المصطلح الهلامي وصورت المجاهد إرهابيا في زمن النفاق والكذب.

أما علماء أذكار الصباح والمساء فإن أقصى ما قدموه هو التغريد بوسم #حلب_تباد ونسوا أن شيخ الإسلام ابن تيمية جمع العلم والجهاد فأين علماء الأمة اليوم من الجهاد؟ وهذا الصمت سيسألون عنه أمام الله لماذا لم ينصروا دين الله وسنة نبيه؟!

سَلامٌ على حَلب الشَهباء وَرَحمةٌ منْ العَزيِز القويّ الجَبارِ

سَيَنجَلي ظَلامُ الليل وَيَسقَط الظَالمِ بِقوة الواحد القهارِ

comments powered by Disqus
خدمة RSS LinkedIn يوتيوب جوجل + فيسبوك تويتر Instagram

عدد الزوار :136,028,706

تطبيق الموبايل

-->

آخر الزيارات

مساحة اعلانية

الأكثر قراءة

الأكتر مشاهدة

تابعنا على "فيس بوك"