ما هو دور (إسرائيل الشرقية) في احداث تلك الكوارث؟
في الاجابة على السؤالين التاليين مفتاح فهم اهم شروط النجاح في مواجهة كوارثنا.
اول بديهية معاشة هي ان العرب كانت مشاكلهم محتملة مثل باقي الامم تقريبا (فلسطين وانظمة فاسدة ومستبدة وتابعة) ولكنها تحولت الى كوارث فوق الاحتمال البشري وضعت العرب كلهم في غرف الموت الجماعي–الهولوكوست- او في انتظاره في معسكرات الموت البطيء.
متى حصل ذلك؟
واضح جدا انه حصل نتيجة لوصول خميني للحكم وتنفيذه خطته (نشر الثورة الاسلامية) في العراق، وشعاره (تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد وكربلاء).
خميني هو الذي دشن عصر الكوارث العربية المفتوحة بشنه الحرب على العراق وكانت اهم انجازاتها السوبرستراتيجية تحقيق الحلم الصهيوني- الأميركي الاهم وهو انقلاب القرن الذي غير طبيعة الصراع بجعله يتغذى على الفتن والحروب الدينية والعرقية بدلا عن الصراع العربي- الصهيوني وعن الصراع بين قوى الامبريالية وحركات التحرر الوطني، ولذلك لم تكن صدفة ابدا انطلاق انقلاب القرن الاخطر في نهاية السبعينيات من طهران ومن كابول، ومنهما انتشر في العالم ومهّد لأخطر حدثين غيرا خارطة العالم كله، وهما انهيار الاتحاد السوفيتي وحرب خميني على العراق.
لقد سجَّل التاريخ بأن وصول خميني للحكم كان حدا فاصلا بين مرحلتين مختلفتين جوهريا: مرحلة ما قبل نظام الملالي حيث ساد الصراع العربي الصهيوني ومرحلة ما بعد خميني حيث سادت الفتن الطائفية والحروب الداخلية التي مزقت الاقطار العربية ونرى نتائجها الان واضحة. ومن المستحيل اتخاذ موقف صحيح من دون الاعتراف بتلك الحقيقة.
وتوالت الكوارث المخططة مسبقا: افتعال ازمة الكويت وفرضها على العراق وانتاجها لاسوأ الكوابيس وهو بداية تدمير العراق كقطر ووطن وهوية وشعب وليس كنظام وطني فقط، فكان العدوان الثلاثيني (1991) والحصار ثم تتويج ذلك بغزو العراق وهو الانتقالة الاخطر في مسلسل الكوارث العربية، حيث تدفقت بعده ونتيجة له انهر دم العرب اثناء ربيع بني صهيون، ووفرت افضل الفرص (للمهندس المقيم) بلغة المهندسين، المكلف بتنفيذ خطة نشر الفتن الطائفية والعرقية في الوطن العربي وهو (إسرائيل الشرقية) التي تمتعت بالدعم الغربي والصهيوني لها لسبب معروف: انها تقوم بدور المدمر للاقطار العربية.
وبدلاً من رؤية ربيع عربي كما حلم بسذاجة ملفتة للنظر كثيرون، لأن الحلم ينقصه التخطيط الثوري، رأينا النيران تلتهم تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن ملتحقة بجحيم العراق، ورأينا ونرى اعواد ثقابها توزع في الجزائر والسودان والمغرب وموريتانيا، ناهيك عن دول الخليج العربي التي اخذت تواجه تفجيرات متحكماً بها لألغام زرعت سابقا فيها ومن يمسك بالريموت كونترول هو (إسرائيل الشرقية) ولكن من يزودها ببطاريات التشغيل هو أميركا، وهذا ما رأيناه ونراه في البحرين مثلا، وهكذا دخل الوطن العربي بأسره جحيم الكوارث اما المتفجرة او التي يعد لتفجيرها، اما تنفيذا لخطط أميركية– صهيونية او خطط فارسية مشابهة .
وكانت ولادة الكوارث تترى بنسق مخابراتي عضوي لا يراه الساذج او المتساذج: فقد ولدت فلسطين الثانية في العراق من رحم الخمينية وبقوة القابلة الأميركية وبخبرة الخال نتنياهو فمات بأقل تقدير اكثر من سبعة ملايين عراقي منذ عام 1980 وهُجِّر اكثر من ستة ملايين عراقي من وطنهم لأول مرة وهي كارثة اكبر واوسع كثيرا مما حصل في فلسطين الاولى.
بينما شهدت سوريا ولادة فلسطين الثانية الاكثر مأساوية ايضا من فلسطين الاولى بتهجير اكثر من 13 مليون سوري خارجها– وهو اكثر من ضعف اللاجئين الفلسطينيين- ومقتل اكثر من مليون سوري، اما على صعيد العمران فقد دمرت حواضر العراق وسوريا بطريقة لم يحدث الا جزء قليل منها في فلسطيننا الاولى وهو دمار لا يتحقق الا بضربهما بأكثر من 100 قنبلة ذرية! فقط انظروا للموصل وحلب كمثال سترون ان ما أقوله دقيق جدا.
واخيرا وليس اخرا وكي تكتمل كوارثنا نجد المال العربي يتحول بسلاسة الى خزائن العم سام بعد عمليات ابتزاز مبرمجة مارسها عمدا وتخطيطا بواسطة الاداة الايرانية، وهو يعلن بلا تردد انه (المهندس الاعظم) لكوارثنا بكل ما تعنيه كلمة المهندس من معان سرية وعلنية، وعلينا نتذكر لأن في تلك الذكرى معانٍ عميقة ان العراق فرضت عليه ازمة الكويت تحت غطاء دفع ديونه لها والتي لم تتجاوز 14 مليار دولار، ولو قورن هذا المبلغ بما دفعته الكويت وكل دول الخليج العربي لأميركا بعد غزو العراق وكثمن لحمايتها من الغزو المنتظر من (إسرائيل الشرقية) لصعقنا، فقد زاد على التريليون دولار!
الان تدمر اقطارنا وفقا لخطط لم تعد سرية، وبشرنا يُهجَّر بلا رحمة ويجبر من يتبقى منه حيا على التخلي عن هويته الوطنية والقومية وينتحل هوية اخرى دينية او قومية، ومالنا لم يعد مالنا وانما مصدر تمويل لخطط اعدائنا في كل الوطن العربي والعالم، اليس هذا هو التطبيق العملي للمخطط الصهيوني؟ واذا لم يكن كذلك فهل من عبقري يفهمنا ماهو اذا؟
اما عن السؤال الثاني وهو: ما هو دور (إسرائيل الشرقية) في تحقيق تلك الكوارث؟
فالجواب اكثر من واضح فقد سجل التاريخ حقيقة واضحة وهي العرب قبل خميني لم يكونوا يعانون من الفتن الطائفية التي اشعلت من قبله تحديدا واخذت تتفاعل مع الكوارث الخارجية فولد الجحيم في أسوأ حالاته المتخيلة.
بوش الاب هو الذي نفذ خطة تفكيك قوة العراق بالعدوان الثلاثيني عام 1991، وكلنتون وبعد ان فشلت (عملية ثعلب الصحراء) في عام 1998 تبنى خطة تقوم على ما اعلنه (ان اي عملية لإسقاط النظام العراقي لن تنجح الا بالتعاون مع ايران)، اما بوش الصغير عقلا وضميرا فقد غزا العراق وبدأ بتدميره واخذ يسلم مفاتيح العراق لنغول (إسرائيل الشرقية)، فيما تخصص اوباما بتسليم العراق بالكامل لـ (إسرائيل الشرقية) رسميا لإكمال تدميره، وجاء ترمب وله دور محدد وهو تخدير العرب ومنعهم من المبادرة للدفاع عن أنفسهم وإفراغ خزائن العرب بوعود مخادعة بحمايتهم من خامنئي والمصيبة ان كذبه مكشوف ومع ذلك فهناك من يصدقه!
لنتذكر بلا غموض ولنعلم اجيالنا القادمة ان من فتح ابواب الكوارث العربية وخطط لها هو أميركا والصهيونية ولكن من نفذ التدمير الشامل واجتثاث بنيان الانسان والعمران في العراق ثم في اقطار عربية كان (المهندس المقيم) أي (إسرائيل الشرقية) حصرا وتحديدا.
إشغال العرب بحروب داخلية وخارجية واستنزافهم وتدمير امكاناتهم المادية والمعنوية يحقق واحداً من اهم اهداف الصهيونية والامبرياليات الغربية وهو جعل اي خطر عربي على (إسرائيل) الغربية مستبعدا لعدة عقود!
وتترتب على هذا الواقع بديهية لا يمكن انكارها وهي ان من يقوم بهذا الدور وهو (إسرائيل الشرقية) تحديدا لا يمكن الا ان يكون الشريك الستراتيجي الرئيس لـ(إسرائيل) الغربية ولأميركا، وللدقة اكثر: توأمها الرحمي في خطة تدمير القومية العربية. وهذا هو مفتاح فهم اسباب الدعم الغربي والصهيوني لـ(إسرائيل الشرقية).
وثمة نصيحة سوف يتذكرها المعني بها ونتمنى ان لا يكون ذلك وهو في القبر: من يظن بأن ميليشيات (إسرائيل الشرقية) في العراق مثلا يمكن بالتقرب منها ان تحوّل ولاءها وتصبح متعاونة معه إنما هو ضحية وهم قاتل تروجه (إسرائيل الشرقية) بالذات لاستدراجه لمناطق قتل.
أما أميركا فأنها وطبقا للقيم الأميركية المعروفة تعد القبور لمن يثقون بها وهي تمتدحهم: هل تتذكرون كيف أعدَّت قبور شاه إيران وحسني مبارك وأنور السادات وزين العابدين بن علي ودفنتهم فيها وهم احياء بعد ان انتهى دورهم؟
الآن ترمب يخدركم بوعوده الكاذبة، والموت والخراب ينتظركم، فترمب الذي لم يفِ بوعوده لعاهرات عرفن تقاسيم جسمه بالكامل، وهذه القصص تنشر علناً في أميركا الان، لن يتردد في قيامه شخصيا بنحركم من الوريد الى الوريد.
نذكركم فقط بأوصاف مجلة تايم الأميركية لترمب في غلافها الاول فقد قالت عنه انه: مغتصب نساء، خائن، كذاب، حرامي، مستغل. وتوَّجت المجلة أوصافه بما يلي (انه الرئيس الاسوأ على الاطلاق).
أما مفتاح خلاصكم الحقيقي فهو تحرير العراق فقط وحصراً، ولا تحرير للعراق الا عبر من أجبر أميركا على الانسحاب الذليل، فهل تعرفون من هو أو من هم؟